مؤشرات قوية على تقلص شعبية التيار الإسلامي في الشارع المصري

خبراء يكشفون لـ «الشرق الأوسط» عن «معركة تكسير العظام» قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة

ناجح إبراهيم و صبرة القاسمي
ناجح إبراهيم و صبرة القاسمي
TT

مؤشرات قوية على تقلص شعبية التيار الإسلامي في الشارع المصري

ناجح إبراهيم و صبرة القاسمي
ناجح إبراهيم و صبرة القاسمي

رجح خبراء سياسيون وحزبيون أن تنحصر نسبة المقاعد التي قد يحصل عليها التيار الإسلامي في برلمان 2014 بين سدس إلى خمس عدد المقاعد فقط، وذلك حسب ما أدلى به الخبراء في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، حيث أكدوا على تقلص شعبية تيار الإسلام السياسي بالشارع المصري، الذي استولى على أغلبية مطلقة في البرلمان الماضي الذي حل بحكم قضائي. وأوضح الخبراء أن تجربة حكم الإخوان المسلمين خلال عام مضى «ساهمت في تشويه كل ما له صلة بالتيار الإسلامي، بسبب فشلهم الذريع وأخطائهم القاتلة»، بحسب قولهم، مشيرين إلى أن المصريين لا يميزون بين الإخوان وغيرهم، وينظرون إلى تيار الإسلام السياسي ككتلة واحدة.
وكشف الخبراء عن إمكانية تسلل شخصيات إخوانية غير مشهورة إلى البرلمان عبر الانتخابات الفردية، أو من خلال صفقات مع بعض الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي، مثل حزب مصر القوية وحزب الوطن. وتوقعوا أن المنافسة الشرسة لن تكون بين الإسلاميين والعلمانيين، كما كانت من قبل، وإنما ستكون منافسة لدرجة الخصومة وتصفية الحسابات بين حزب النور من جانب وباقي التيارات الإسلامية التي تعاديه من جانب آخر، أي أن الإسلاميين مقبلون على معركة «تكسير عظام» بعضهم بعضا خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتوقع الدكتور عمرو هاشم ربيع، رئيس وحدة التحول الديمقراطي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، حدوث تقلص شديد للتيار الإسلامي في البرلمان المقبل، بخلاف ما حققه من أغلبية كبرى في البرلمان المنحل. وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من وجود فئات من هذا التيار ستختار الأقرب إليها فكريا وآيديولوجيا، إلا أن النسبة التي سيحصل عليها داخل البرلمان لن تتجاوز الثلث على أقصى تقدير، وقد تنخفض حتى الخمس.
وأرجع ربيع ذلك إلى توابع السنة التي حكم خلالها مرسي والإخوان، وما عاشه المصريون من «نكبات» خلال تلك الفترة، على حد وصفه. وقال إن «المصريين العاديين لا يميزون بين الإخوان وغيرهم من أطياف التيار الإسلامي، ومن ثم فسيكون هناك تراجع للتيار الإسلامي كله، وليس لمؤيدي الإخوان فقط، باعتبارهم كلهم تيارا واحدا في نظر المصريين». وأشار ربيع إلى أن النظام الانتخابي الجديد سيقلل أيضا من حجم القوى الدينية داخل البرلمان لصالح التيارات التقليدية، كما أنه يقلص من دور الأحزاب لصالح القوائم الفردية والأشخاص المستقلين.
من جانبه، أكد القيادي السابق بالجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن معظم أطياف تيار الإسلام السياسي ستدخل الانتخابات البرلمانية، على عكس ما يتوقعه الكثيرون. وقال إن «هناك أحزابا ستدخل حتما، مثل النور والوطن ومصر القوية وحزب البناء والتنمية، كما أننى أتوقع أيضا دخول الإخوان لهذه الانتخابات بشكل فردي، عبر اختيار أشخاص غير بارزين من الإخوان وغير معروفين بانتمائهم الإخواني، أو من خلال توزيع أنفسهم على بعض الأحزاب لزيادة فرصتهم. وستكون أكبر معركة بين حزبي مصر القوية والنور، الذي سيواجه خصومة شرسة من الإخوان وأنصارهم أكثر مما سيلاقيه من المنافسة مع الأحزاب الليبرالية والاشتراكية، لأن الإخوان سيحرصون على تدمير حزب النور وتشويهه بحكم ما بينهما من خصومة ثأرية سياسية».
وأضاف إبراهيم أن الإخوان سيشاركون في انتخابات برلمان 2014 لمجرد إسقاط حزب النور وتلقينه درسا قاسيا، وأن الدعاية بين أطياف التيار الإسلامي ستكون عبر الفضائيات، لا في الشارع المصري ولا المساجد كما كان الأمر من قبل. موضحا أن «خلاصة الأمر أنه ستكون هناك مشاركة لجميع قوى التيار الإسلامي، ولكني لا أتوقع فوزهم بأكثر من 12 في المائة من مقاعد البرلمان».
وردا على الرؤية السابقة، أكد الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد من يمثل التيار الإسلامي على الساحة السياسية إلا حزب النور، لأن كل قوى الإسلام السياسي الأخرى تقريبا تدعم ما يسمى تحالف دعم الشرعية، واتخذت موقفا معلنا من الانتخابات بمقاطعتها.
لكن مخيون أشار إلى أن «الإخوان لديهم استعداد لتغيير الموقف بين الحين والآخر بما يحقق المصلحة، والدليل أنه كانت هناك ندوات بمركز الأهرام للدراسات السياسية بحضور شخصيات من حزب الحرية والعدالة الإخواني، وذلك لأكثر من مرة، وإن كانوا بعد ذلك عادوا وأنكروا أن من حضر المؤتمر من الإخوان.. وهذه عادتهم للأسف، وطبيعتهم دائما أن يتملصوا وينكروا، لكني أرى أنهم سيدفعون بأشخاص غير معروفين للنزول على النظام الفردي في الانتخابات، لكنهم لن يجرؤوا على المشاركة في قوائم لأنه لا يوجد من يضحي بنفسه ويجعل الإخوان على قائمته أو يدخل معهم في قائمة مشتركة».
وأوضح رئيس حزب النور: «من ثم، نحن كحزب النور الوحيدون الممثلون للتيار الإسلامي في هذه الانتخابات، ولكننا لم نقرر بعد كيفية المشاركة، وكل الاحتمالات واردة. ونحن لا نتعجل الأمر، خصوصا في ظل التحالفات الكثيرة التي تظهر وتختفي هذه الأيام، وننتظر أن يستقر القانون الانتخابي لنقرر ما إذا كنا سندخل في تحالفات أو لا، وما إذا كنا سنشارك بنظام القائمة أم الفردي». متابعا: «نأمل أن نحصل على نفس النسبة التي حصلنا عليها في البرلمان السابق، وكانت نحو 20 في المائة، إلا أن الظروف الصعبة والمعاناة التي يواجهها التيار الإسلامي بسبب فشل الإخوان وتصرفاتهم الخاطئة وما صدر منهم حتى الآن ينعكس سلبا بلا شك على شعبية التيار.. ولكننا لا نتحمل أخطاء الإخوان، ونثق في شعبية حزب النور، وأن قطاعا كبيرا من الشعب المصري يؤيدنا، لا سيما مع مواقفنا المعارضة للإخوان ولأخطائهم، ومواقفنا لصالح استقرار البلد ومصلحته، وعدم تورطنا في أي عنف سواء كان لفظيا أو بدنيا، وهو ما يجعلنا متفائلين وواثقين في قدراتنا على تحقيق هذه النسبة مرة أخرى».
من ناحية أخرى، صرح صبرة القاسمي، القيادي الجهادي السابق ومنسق عام الجبهة الوسطية لمواجهة التكفير والتفجير، لـ«الشرق الأوسط» بأن التيار الإسلامي فقد مصداقيته إلى حد كبير في الشارع المصري لأن المصريين لا يحبون أن «يضحك عليهم مرة ثانية»، خصوصا بعد أن منحوا الثقة لأحد من يشملهم هذا التيار وهم الإخوان، ولكنهم صدموا عندما وصل الإخوان إلى الحكم، كما صدموا من رموزه ورئيسه.. لذلك فإن قطاعا عريضا في الشارع المصري يشمل كل من لم يشارك في ثورة 25 يناير، وكل كارهي تيار الإسلام السياسي، وكل من شجع هذا التيار وأحبط لفشله، جميعهم لم يعودوا يريدون هذا التيار، ولا يريدون لأسلوب الحناجر والصوت العالي أن يؤثر عليهم، ومن ثم فإن الواقع يعكس احتمالات بتمثيل محدود للإسلاميين داخل برلمان 2014.
وأشار القاسمي إلى أن «الشعب المصري مسالم ومتدين بطبعه ولا يحتاج إلى من يؤثر عليه لتحقيق أغراض سياسية، فقد انتهى أسلوب الزيت والسكّر لكسب أصوات الناخبين. وهذا الكلام ليس للإخوان فقط، بل لمختلف أطياف التيار الإسلامي بما فيهم حزب النور، الذي يعد الحزب الإسلامي الوحيد على الساحة، إلا أن الناس يشعرون بمشكلاته الداخلية الكبيرة. كما يوجد تفاوت بين ما يظهر إعلاميا من قياداتهم وبين واقع الحال في القاعدة الشعبية للحزب».
وشدد القاسمي على أن حزب النور - رغم كل ما بذله من جهد في انتخابات الرئاسة الأخيرة - لم يستطع تقديم الحشد الكافي في الانتخابات، وكل من جاء أو شارك جاء بعيدا عن تأثير حملات حزب النور، «وهو ما يعطينا مؤشرا على أن هذا الحزب الممثل للتيار الإسلامي في المشهد السياسي المصري لم تعد له نفس القاعدة الجماهيرية السابقة، ولم يعد لحملاته تأثير على حشد الجماهير كما كان في الماضي، وهو ما ينعكس إجمالا على ضعف التمثيل الإسلامي داخل البرلمان المصري المقبل».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.