اتفاق مصري ـ فرنسي على دعم الحل السياسي في سوريا وليبيا

لودريان التقى السيسي وشكري وأبو الغيط

السيسي مستقبلاً لودريان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً لودريان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

اتفاق مصري ـ فرنسي على دعم الحل السياسي في سوريا وليبيا

السيسي مستقبلاً لودريان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً لودريان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

اتفقت مصر وفرنسا على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، والعمل على دعم الحل السياسي بالأزمة السورية والليبية، مع مناقشة الهجمات الصاروخية الباليستية الحوثية على الأراضي السعودية.
وأجرى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، مباحثات مكثفة في مصر، أمس الأحد، إذ التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن «الرئيس السيسي أكد للوزير الفرنسي، أهمية الاستمرار في العمل على الارتقاء بالتعاون بين البلدين خلال المرحلة المقبلة وتبادل الزيارات رفيعة المستوي».
واستعرض السيسي في هذا الإطار «الجهود التي تبذلها مصر لمكافحة الإرهاب واقتلاع جذوره»، مشيراً إلى أن «الإرهاب هو عدو الإنسانية الأول. كما نوه إلى أن تعقيدات المشهد الحالي بالمنطقة، تتطلب تعزيز التنسيق القائم بين البلدين إزاء الملفات الإقليمية».
وذكر السفير بسام راضي، أن اللقاء شهد تباحثاً حول عدد من الملفات الخاصة بالعلاقات الثنائية، وسبل تعزيز الشراكة القائمة بين البلدين في عدد من المجالات، حيث تم الاتفاق على زيادة التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات بين البلدين. كما تمت مناقشة التطورات المتعلقة بالقضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها المستجدات على الساحة الليبية، حيث اتفقت وجهات النظر على حدوث تقدم سياسي نسبي بالمشهد الليبي، وهو ما يستلزم الإسراع في عقد الانتخابات قبل نهاية العام الجاري».
وأكد السيسي على الموقف المصري، المتمثل في التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، بما يضمن وحدة الأراضي السورية، ويصون مقدراتها ويحقق إرادة الشعب السوري ويرفع المعاناة الإنسانية عنه.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد عقد جلسة مباحثات مع نظيره الفرنسي، في مقر وزارة الخارجية المصرية، ركزت على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، والإعداد لإصدار وثيقة الحوار الاستراتيجي، تنظم العلاقة بشكل مؤسسي.
وقال شكري، في مؤتمر صحافي مشترك، مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن مصر تسعى لتعزيز العلاقات والتعاون مع فرنسا، مشيرا إلى أن لودريان، تناول مع الرئيس السيسي القضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا وليبيا.
ونفى وزير الخارجية سامح شكري، طلب فرنسا من مصر إرسال قوات عسكرية إلى سوريا. وأضاف أنه تناول القضايا المشتركة بين البلدين في كافة المجالات، موضحا أن هناك حوارا يمتاز بالشفافية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
في السياق نفسه، ذكر المتحدث باسم الخارجية، أن الوزيرين عبرا عن رضائهما إزاء مستوى التقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، خاصة السياسية والعسكرية والأمنية والتنموية، وعزمِ البلدين الاستمرار في العمل على الارتقاء بها خلال المرحلة القادمة. بعد توقيع البلدين 16 اتفاقا ومذكرة تفاهم في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، العام الماضي خلال زيارة الرئيس المصري لباريس. واتفقا كذلك على أن يكون 2019 عام التعاون الثقافي بين مصر وفرنسا باعتباره يتزامن مع الذكرى 150 لافتتاح قناة السويس.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن المباحثات تطرقت بقدر كبير من التفصيل للتطورات على الساحة الإقليمية، لا سيما الوضع في سوريا، وكيفية دعم العملية السياسية وتنسيق الجهود الدولية والإقليمية، لضمان وحدة الهدف وهو إنهاء الصراع المسلح والقضاء على الإرهاب ووجود مسار سياسي واضح يضمن خروج سوريا إلى سوريا الجديدة التي تلبي تطلعات الشعب السوري بكافة أطيافه.
وعلى صعيد متصل التقى الأمين العام أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في مقر جامعة الدول العربية صباح أمس، حيث تم مناقشة تفاصيل جديدة تتعلق بالمستجدات التي تشهدها المنطقة، ومن بينها ملفات تتعلق بكيفية العمل على حلحلة الأزمة الليبية ومساندة جهود المبعوث الأممي الرامية لتحقيق التوافق المنشود بين الفرقاء الليبيين، والتطورات الحالية للأزمة في اليمن والتصعيد الذي تقوم به جماعة الحوثيين مع توالي قيامها بإطلاق صواريخ باليستية إيرانية الصنع على الأراضي السعودية، إضافة لتناول أبعاد السلوك الإيراني في المنطقة بشكل عام وما أثير مؤخرا من حديث حول مستقبل الاتفاق النووي مع إيران.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، الوزير المفوض محمود عفيفي، أن تطورات القضية الفلسطينية شغلت حيزاً رئيسياً من النقاش، حيث حرص الأمين العام على إعادة تأكيد ثوابت الموقف العربي وما صدر في هذا الصدد من مقررات عن القمة العربية الأخيرة في الظهران، خاصة ما يتعلق بوضعية القدس التي تكتسب أهمية وحساسية خاصة خلال المرحلة الحالية في ضوء المواقف الأميركية الأخيرة، مؤكداً أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا، من واقع كونها إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودولة فاعلة في إطار ساحة العلاقات الدولية وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم