البرلمان التونسي يصدق بصفة نهائية على مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

فتح أبواب التسجيل أمام أربعة ملايين ناخب تخلفوا عن المشاركة في اقتراع 2011

مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي التونسي لدى ترؤسه جلسة المصادقة على مواعيد الانتخابات أمس (رويترز)
مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي التونسي لدى ترؤسه جلسة المصادقة على مواعيد الانتخابات أمس (رويترز)
TT

البرلمان التونسي يصدق بصفة نهائية على مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي التونسي لدى ترؤسه جلسة المصادقة على مواعيد الانتخابات أمس (رويترز)
مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي التونسي لدى ترؤسه جلسة المصادقة على مواعيد الانتخابات أمس (رويترز)

صدق المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي، في جلسة عقدها أمس، على القانون الأساسي المتعلق بتحديد مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حيث حصل القانون الجديد على أصوات 125 نائبا، بينما رفض 13 نائبا برلمانيا التصويت.
وأقر هذا القانون مواعيد الانتخابات المقبلة بصفة نهائية، بحيث تجرى الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في حين تجرى الانتخابات البرلمانية يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولتجاوز الخلاف الحاصل بين الأحزاب السياسية بشأن موعد إجراء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، في حال تعذر حصول أي مرشح على أغلبية الأصوات، أضاف نواب البرلمان فصلا خامسا إلى القانون، المكون من أربعة فصول، ينص على إجراء الدورة الثانية قبل نهاية السنة الحالية، تنفيذا لأحكام الدستور الجديد. وينتظر أن تفتح هذه الخطوة أبواب التنافس السياسي بين نحو 170 حزبا.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد فتحت أبواب التسجيل في اللوائح الانتخابية أمام المواطنين يوم 23 يونيو (حزيران) الحالي لمدة شهر، بهدف تسجيل نحو أربعة ملايين ناخب تخلفوا عن المشاركة في انتخابات 2011، وحثهم على المشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة.
على صعيد آخر، انطلقت أمس أشغال المؤتمر الوطني لحزب العمال (الحزب الشيوعي سابقا)، الذي يتزعمه حمة الهمامي. وستستمر فعالياته ثلاثة أيام تحت شعار «وفاء لشهداء الوطن».
وقال الهمامي لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر يهدف أساسا إلى إقرار خطة عمل خلال الفترة المقبلة، بالاعتماد على تحالف حزب العمال مع عدة أحزاب سياسية، في إطار «الجبهة الشعبية» (تحالف يضم 12 حزبا يساريا وقوميا).
وأضاف الهمامي أن المؤتمر سيناقش ملف مشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على قراءة نقدية لعمل حزبه تجاه المواقف الكثيرة، التي اتخذها إبان حكم تحالف «الترويكا» بزعامة حركة النهضة.
ويعد حزب العمال من بين أكبر أحزاب أقصى اليسار التي نشطت في تونس منذ 30 سنة، وكان يحمل اسم «حزب العمال الشيوعي التونسي» منذ تأسيسه، إلا أن قياداته السياسية غيرت اسمه خلال عام 2012 ليصبح «حزب العمال» فقط. وخاض هذا الحزب، طوال مسيرته، صراعا ضد النظام الحاكم في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وقاد كذلك معارك متعاقبة مع حركة الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة حاليا)، كما شارك في انتخابات «المجلس التأسيسي» عام 2011، بيد أنه لم يحصل إلا على نسبة 1.57% من أصوات الناخبين.
من جهة أخرى، خلف خبر الاتفاق بين تونس وليبيا على تسليم عشرة من أنصار العقيد الراحل معمر القذافي إلى النظام الليبي ردود فعل معارضة لهذه الخطوة، حيث عبرت أكثر من منظمة حقوقية، على غرار منظمة العفو الدولية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عن ضرورة التصدي لهذه العملية التي لا تختلف كثيرا عن ظروف تسليم البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، ووصفتها بـ«تصفية حسابات سياسية بالأساس».
وعبر لطفي عزوز، مدير مكتب منظمة العفو الدولية في تونس، عن استنكاره لمحتوى الاتفاقية المبرمة بين تونس وليبيا، وقال إن «تسليم المطلوبين للعدالة بين البلدان لا يجري إلا في حال وجود سلطة قائمة ومحاكمة عادلة، لكن هذه الشروط لا تتوافر حاليا في ليبيا المجاورة»، مضيفا أن هذه الخطوة قد تحول عملية التسليم إلى ممارسة انتقامية من قبل الأطراف المناهضة لتسليم أنصار القذافي إلى ليبيا. كما ذكر بتعارض عملية تسليم المطلوبين إلى ليبيا مع كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة لحقوق الإنسان وخاصة لقضية اللاجئين السياسيين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.