أمين الريحاني أحد مصادر تاريخ السعودية

كان على درجة من الدقّة في ما يتعلّق بالمعلومات التاريخيّة

أمين الريحاني
أمين الريحاني
TT

أمين الريحاني أحد مصادر تاريخ السعودية

أمين الريحاني
أمين الريحاني

بعد أن أصدر ابن أخي الأديب المهجري اللبناني أمين الريحاني عام 2000 كتابه «الرسائل المتبادلة بين الملك عبد العزيز والريحاني» نشرتُ في جريدة الحياة (العدد 13853) مقالاً تناول ومضات الإعلام الخارجي في تلك الرسائل، إذ أبانت الحسّ الإعلامي الفطري عند الملك، واهتمامه بالرأي العام الخارجي، وأشارت إلى تنفيذ الريحاني لمبادرات وصيَغ إعلاميّة متقدّمة، إذا ما قيست بظروف عشرينات القرن الماضي ومعاييره، كالمقالات السياسيّة في الصحف اللبنانيّة والمصرية، وإلقاء المحاضرات في الجمعيّات الأميركيّة والكنديّة والأوروبيّة وإذاعتها في الإذاعات، مما قام به الريحاني ودّيّاً بوصفه صديقاً للملك، خدمة للإعلام السياسي للدولة السعودية الناشئة.
وقد وقعتُ مؤخّراً على كتابين قديمين - نادرين بالنسبة لي - يتّصلان بسيرة أمين الريحاني وتراثه: الأول؛ أصدره عام 1951 ألبرت، وهو الشقيق الأصغر للريحاني، نشرته دار الريحاني ببيروت في 570 صفحة، متضمّناً رسائل خاصة أمكن العثور عليها حتى عام صدور الكتاب، تبادلها مع عدد من الساسة والمفكّرين، يقع تاريخ كتابتها بين عام 1896 والعام الذي توفي فيه 1940، وهي تضمّ خمائل من أدب الريحاني، وألواناً من إبداعاته في الفكر والشعر والفن والسياسة والعلوم، وتكشف عن أهوائه وهواياته، وهمومه وآلامه وتجلّياته، وتعرض جوانب من شخصيّته، وهي أولاً وأخيراً، لون متميّز معروف في التراث العربي (أدب الرسائل) وقد أضاف إليها ابن أخيه عام 2000 مخاطبات عمّه مع الملك عبد العزيز، كما سبق.
والكتاب الثاني؛ وهو بالغ الأهميّة كذلك، صدر عام 1979 بمناسبة الذكرى السنويّة لمولد الريحاني (عام 1879) واعتنى بإصداره أخوه ألبرت أيضاً، ويتضمّن فهارس بيبليوغرافيّة في 550 صفحة، لمجمل ما نشر عن الريحاني ومنه حتى ذلك العام، في المطبوعات العربيّة والأجنبيّة في الشرق وفي المهجر، نشرته المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر في بيروت.
ورغم قِدَم الكتابين، وأنه مضى على صدورهما حين من الزمن، إِلا أنهما يُشكّلان ذخيرة نفيسة لمن يسعى للاطّلاع على تراث هذا الأديب العربي الكبير، الذي توفي في حادث سقوطه من دراجة في بلدته (الفريكة) بلبنان عام 1940 عن 63 عاماً، ولا غنى لمن يعمل على سيرته والتنقيب في أعماله عن كتابيه المشار إليهما، ولا يملك من يطّلع عليهما إِلا أن يتمنّى تحديثهما، وإضافة ما جدّ عليهما خلال العقود الماضية.
ومع أن الريحاني لم يُعمّر طويلاً، وأنه أمضى زهرة شبابه في المهجر (أميركا)؛ فإنه مع بداية العشرينات زار الحجاز ونجداً وعدداً من الدول العربيّة والأوروبيّة، واتّصل بكثير من القادة والساسة، وراسلهم وكوّن صداقات معهم، ومن بينهم الملك عبد العزيز، والشريف حسين بن علي ملك الحجاز، ويحيى حميد الدين إمام اليمن، وأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، وسلمان آل خليفة أمير البحرين، وفيصل الأول ملك العراق، ومن المفكّرين العرب جرجي زيدان، وأحمد شوقي، ومحمد كرد علي، وبشارة الخوري (الأخطل الصغير) وغيرهم.
ومما يتصل بموضوع هذا المقال من مؤلّفاته النثريّة والأدبيّة الثلاثين، والخمسة والعشرين بالإنجليزيّة، كتابان اثنان، هما؛ ملوك العرب (1924 جزآن) وتاريخ نجد الحديث (1927)، والثاني يُعدّ قطعة من تاريخ السعودية، وعلى درجة من الدقّة فيما يتعلّق بالمعلومات التاريخيّة، بحكم أنه استقى كثيراً منها برواية الملك عبد العزيز نفسه، وكان الملك يطّلع على تطوّر إصداره، ومرتاحاً مما تضمّنه من مواد، وإن كانت تردّدت شبهات حول زيادات فيه من تصرّف الريحاني، قد تكون ناتجة عن غِيرة، كما يحدث أحياناً بين المتنافسين.
وبحسب الزركلي، فإن للريحاني كتاباً ثالثاً نشره بالإنجليزيّة بعنوان (ابن سعود ونجد)، صدر بعد عام 1927، ومما ذكرته الجريدة الرسميّة السعودية (أم القرى) عن الريحاني، حضوره عام 1926 استقبال أعيان الحجاز للملك عبد العزيز، في منزل الشيخ محمد حسين نصيف، عند مَقدمه لأول مرّة، وإلقاء كلمة فيه.
استمر التواصل واللقاءات بين الملك عبد العزيز والريحاني نحو عشرين عاماً، تدور مراسلاتهما على النزاع بين السعوديين والأشراف في مطلع العشرينات، وعلى الأحداث الحدوديّة الجارية مع اليمن في أوائل الثلاثينات، وعلى حرص القيادة السعودية في إطلاع الرأي العام الداخلي والخارجي بصراحة وموضوعيّة، عَلى مجريات تلك الأحداث أوّلاً بأول، كما كان يتلقّى التأكيد على إيلاء القضيّة الفلسطينيّة الاهتمام الواجب، وذلك قبل نشوء دولة الاحتلال بأعوام.
هدف كتاب (ملوك العرب) إلى التعريف بسِيَر ثَمَانيَة من قادة العرب، من خلال معرفة المؤلّف بهم، بينما تطرّق كتابه الثاني (تاريخ نجد الحديث) إلى سيرة الملك عبد العزيز، وتاريخ الدولة الجديدة التي جمع شتاتها، وأنه بصدد إعلان توحيدها سياسياً في دولة واحدة (1932) وقد استقى المؤلّف كثيراً من التفاصيل من الملك مباشرة كما سلف، فضلاً عن نشر الوثائق والرسائل التي كانت بحوزة المؤلّف، وتَحَرّى الدقّة في ضبط أسماء الأعلام والبلدان، كما ضمّ الكتاب ثلاث نبذ عن نواحي نجد، والوهابيّة، والأسرة السعودية الحاكمة.
وبعد؛ لعل مما يُسجّل دليلاً على حنكة الملك عبد العزيز، ضمن جهوده في تأسيس الدولة طيلة مدّة حكمه (54 عاماً) أنه أحاط ديوانه بمستشارين رسميين من جميع الأقطار العربيّة (منهم يوسف ياسين من سوريا، ورشدي مَلحَس من فلسطين، وفؤاد حمزة من لبنان، وحافظ وهبة من مصر، وعبد الله الدملوجي ورشيد عالي الكيلاني من العراق)، وبأصدقاء مفكّرين (منهم عبد الله فيلبي من بريطانيا، ومحمد أسد من النمسا، وأمين الريحاني من لبنان)، فضلاً عن نخبة من المستشارين المثقفين السعوديين (منهم أحمد بن ثنيّان آل سعود، وعبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، وخالد السديري، وإبراهيم المعمّر، وحمزة غوث) يلتقي بهم كل يوم، ويناقش آراءهم، ويتخاطبون معه مباشرة، ومع ذلك يكون الرأي الأخير له، والقرار إرادته، ومن هنا صارت له الغَلَبة والتوفيق، بفضل الحكمة والدهاء والمشورة والثقة بالنفس.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.