الضغوط تتزايد على السلطة الفلسطينية لصرف رواتب موظفيها في غزة

أكثر من 100 منظمة أهلية تحذر من انهيار خطير في القطاع

TT

الضغوط تتزايد على السلطة الفلسطينية لصرف رواتب موظفيها في غزة

تصاعدت الأصوات التي تطالب السلطة الفلسطينية بالعمل الفوري على صرف رواتب موظفيها في قطاع غزة، بعد أن صرفت رواتب موظفي الضفة دون القطاع، وذلك لأول مرة منذ الانقسام الفلسطيني في يوليو (تموز) 2007 بعد سيطرة حركة حماس عسكريا على قطاع غزة.
وأرجعت وزارة المالية، وجهات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، عدم صرف الرواتب للموظفين بغزة أسوة بزملائهم في الضفة إلى خلل فني، لكن عدة جهات فلسطينية، ومنها فصائل من منظمة التحرير شككت في هذه الرواية، وطالبت بالعمل على صرفها فورا، وعدم حرمان الموظفين من حقوقهم التي كفلها القانون الفلسطيني.
وشكلت دعوة نيكولاي ميلادينوف، المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، للسلطة الفلسطينية بدفع رواتب موظفيها في غزة عاجلا، أحدث وأبرز الدعوات الصادرة عن جهات دولية، والتي تحذر من انهيار الأوضاع بغزة، إذ قال ميلادينوف خلال جلسة لمجلس الأمن إن «السلطة الفلسطينية قامت بتخفيض رواتب الموظفين في غزة بنسبة 30 في المائة منذ مارس (آذار) 2017. وإنني أوجه الدعوة لها بضرورة الإسراع في سداد مرتبات الموظفين».
ومن جهتها، أصدرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ومنظمات حقوق الإنسان نداء عاجلا، وقعت عليه أكثر من 100 منظمة أهلية من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، للمطالبة بصرف الرواتب ورفع الحصار الإسرائيلي، ووقف الانهيار الخطير في القطاع. وطالب النداء الرئيس محمود عباس بضرورة اتخاذ قرار فوري بصرف الرواتب لأن ذلك «حق طبيعي كفله القانون»، داعية إلى تحييد سكان القطاع وخدماتهم الأساسية وحقوقهم الدستورية، وعدم زجهم في أتون الصراعات السياسية.
بدورها، طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم» الحكومة بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتمكين الموظفين من تلقي رواتبهم بأسرع وقت ممكن، ومعاملتهم على قدم المساواة، أسوة بباقي موظفي السلطة الوطنية، وتطبيقا لسيادة القانون. كما حذرت الهيئة من التداعيات الخطيرة لعدم صرف رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة، وأبرزها تفاقم تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة معدلات الفقر في قطاع غزة، وفقاً للمؤشرات الإحصائية الرسمية لعام 2017. موضحا أن الأضرار ستطال أيضا قطاعات واسعة اجتماعية واقتصادية في القطاع، ما ينعكس بشكل سلبي على منظومة حقوق الإنسان، التي يجب أن يتمتع بها الموظفون وعائلاتهم.
من جانبها، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن هذه الخطوة تعمق حالة القهر والمعاناة لدى سكان القطاع. داعية قيادة السلطة الفلسطينية عدم اتخاذ أي إجراءات وسياسات من شأنها تأزيم الحالة الاقتصادية بما ينعكس على مجمل أوجه الحياة في غزة.
بدورها، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إن رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة «حق، والتبرير بتأخيرها لمسألة فنية غير مقنع وغير واقعي». داعية إلى معالجة رواتب الموظفين بأسرع وقت ممكن، ووضع خطة استراتيجية لإنقاذ قطاع غزة وتوفير حياة كريمة للسكان.
أما حركة حماس فقد اعتبرت استمرار ما وصفته بأنه «إجراءات عباس الانتقامية» «عملا مجردا من كل القيم والمبادئ الأخلاقية والوطنية والإنسانية، وضربا لمقومات وعوامل صمود أبناء القطاع، وابتزازهم في لقمة عيشهم مقابل أثمان سياسية رخيصة».
وحذرت الحركة في بيان لها من استمرار هذه السياسة، التي تستهدف «الوحدة المجتمعية وتكرس الانقسام وفصل الضفة عن غزة تمهيدا لتنفيذ الصفقات، التي تحاك في الغرف المغلقة فيما يتعلق بغزة والقضية الفلسطينية».
وعبرت حماس عن كامل تضامنها ووقوفها إلى جانب مطالب الموظفين كافة دون استثناء. داعية إلى وقف هذه «المجزرة، وهذا الاستهتار بحياة مليوني فلسطيني في غزة، يعيشون أسوأ ظروف الحياة، والعمل على إنهاء الحصار الظالم بحقهم». وفق ما جاء في بيانها.
وتربط جهات في فتح والسلطة الفلسطينية عملية صرف الرواتب بتسليم غزة للحكومة، فيما يربطه البعض بالعمل على إحالة جميع الموظفين في غزة للتقاعد المبكر ضمن قوائم تصدر كل أسبوع. وفي هذا السياق، أكد محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، أن عدم صرف الرواتب يعود لخلل فني، وسيتم حله خلال أيام. وطالب حركة حماس بتسليم القطاع كاملا للحكومة، أو أن تدير الحياة هناك. في إشارة إلى نوايا السلطة ربط صرف الرواتب بذلك، رغم الحديث عن خلل فني.
كما شدد العالول على أن أساس إنهاء الانقسام هو تمكين الحكومة في قطاع غزة، مشيرا إلى أن هذا الأمر جرى الاتفاق عليه في مصر، وأن «حماس» لم تستجب لذلك.
وحسب إحصائيات رسمية، فإن عدد الموظفين الفلسطينيين من قطاع غزة، والمسجلين في ديوان الموظفين العام، يبلغ نحو 60 ألفا، يعيلون نحو 800 ألف فرد في القطاع.
ويتلقى الآلاف من أسر الشهداء والجرحى، والأسرى والمحررين في قطاع غزة رواتب من السلطة الفلسطينية بشكل شهري. إلا أنها لم تصرف إلى جانب «شيكات الشؤون»، التي يتم صرفها كل ثلاثة أشهر، والتي ما زالت متأخرة منذ نحو خمسة أشهر عن مستحقيها من أصحاب الحالات الإنسانية الصعبة، والذين يبلغ عددهم أكثر من 1200 أسرة، تشمل ما لا يقل عن سبعة أفراد.
واعتبر سفيان أبو زايدة، القيادي المفصول من حركة فتح، عدم صرف منظمة التحرير لمخصصات الأسرى والشهداء والجرحى بمثابة «خيانة». وقال: «إذا كان عدم دفع رواتب الموظفين جريمة، فإن حرمان الأسرى والشهداء والجرحى من رواتبهم خطيئة تصل حد الخيانة».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.