جولة انتخابية تقود العبادي إلى أربيل

الاستقطاب مع بغداد يطبع الحملات في إقليم كردستان

العبادي يزور في السليمانية عائلة عميد من {البيشمركة} قُتل في المعارك ضد «داعش» (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي يزور في السليمانية عائلة عميد من {البيشمركة} قُتل في المعارك ضد «داعش» (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

جولة انتخابية تقود العبادي إلى أربيل

العبادي يزور في السليمانية عائلة عميد من {البيشمركة} قُتل في المعارك ضد «داعش» (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي يزور في السليمانية عائلة عميد من {البيشمركة} قُتل في المعارك ضد «داعش» (رئاسة الوزراء العراقية)

زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان العراق، في إطار جولته الانتخابية، للمرة الأولى منذ استعادة القوات العراقية السيطرة على المناطق المتنازع عليها مع الأكراد.
وكان في استقبال العبادي في المطار رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان بارزاني. وقال العبادي خلال إعلان لائحته الانتخابية في أربيل: «اليوم نحن تحت خيمة العراق، وأي واحد يريد أن ينفصل هناك ضباع تتربص به».
وشدد على أن «الأخوة الكردية - العربية دائمة ومستمرة. أبطال البيشمركة والجيش العراقي واجهوا (داعش) معاً وتقاسموا المعاناة لتحقيق النصر». وأضاف: «اليوم نحن في أمسّ الحاجة إلى هذه الوحدة. النزاع والفرقة ورفض الآخر منهج غير سليم. نحن نقوى باجتماعنا».
وتعهد العبادي «بالعمل على كسر المحاصصة السياسية وبناء عراق جديد، فلا فرق بين المواطن الكردي أو المواطن العربي، ولا يمكننا أن نتخيل المدن العراقية بطائفة واحدة أو عرق واحد، لأن جميع المدن العراقية مختلطة... نأمل بالمزيد من التعاون من حكومة إقليم كردستان».
وذكرت قناة «روداو» المحلية في إقليم كردستان أن العبادي تطرق في كلمته إلى أحداث الـ16 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قائلاً: «تم توجيه جميع قواتنا في كركوك وأطرافها، وقلت لهم: لا أريد إسالة أي دماء، فالدم العراقي عزيز علينا». واعتبر أن «زمن التفريق بين المواطنين على أساس انتماءاتهم واختلافاتهم، قد ولى مع النظام السابق، ونحن اليوم ننشئ (عراقاً جديداً) خالياً من المآسي ومن السجون».
وعارضت بغداد بشدة الاستفتاء «غير القانوني» على استقلال كردستان العراق في سبتمبر (أيلول) الماضي، رغم فوز المعسكر المؤيد للانفصال بالغالبية الساحقة. وفرضت حينها حظراً على الرحلات الدولية من مطاري أربيل والسليمانية وإليهما، وأعيد فتحهما الشهر الماضي.
وكان رئيس الوزراء توجه، أول من أمس، إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان في إطار جولته الانتخابية أيضاً، ومن المتوقع أن يزور محافظة كركوك خلال الأيام القليلة المقبلة. وجال العبادي منذ بداية الأسبوع الحالي في محافظات عدة، بينها الأنبار ونينوى التي زار فيها مدينة الموصل وسد الموصل وقيادة العمليات المشتركة.
إلى ذلك، بدا أن الاستقطاب مع بغداد هيمن على الحملات الانتخابية في إقليم كردستان، إذ هاجم مستشار مجلس أمن الإقليم القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسرور بارزاني الحكومة العراقية والمتحالفين معها من الأكراد. واعتبر أن الانتخابات تمثل «تحدياً» لحزبه. وتساءل مستنكراً: «كيف سيدافع من عارض إجراء الاستفتاء عن حقوقنا في بغداد؟».
وقال بارزاني في مهرجان انتخابي في أربيل، أمس: «شاركنا في الاستفتاء لنبين حقوقنا، ولكن للأسف، وبسبب خيانة بعض الأطراف لم نصل إلى النتيجة التي كنا نرجوها، ولكن هذا لا يعني أن علينا أن نتوقف، بل علينا أن نستمر بالنضال إلى أن نحصل على جميع حقوقنا».
وأضاف، بحسب ما نقلت عنه «روداو»، أن الإقليم «لم يرغب في يوم من الأيام بأن تكون هناك حروب أو عداء مع الأجزاء الأخرى من العراق، وعلى العكس من موقفنا، كانت هناك أطراف أرادت أن تقدم تفسيراً خاطئاً لنية شعبنا وأهدافه، وشنَّت العدوان على كردستان، بمساعدة بعض الذين باعوا أنفسهم وأرضهم».
ورأى أن «المشكلة الأساسية بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، تكمن في عدم تطبيق ما جاء في الدستور، ومن ذلك المادة 140 والمسائل المتعلقة بالموازنة والنفط وغيرها، والمادة 32 التي تنص على تعويض المواطنين عن الأضرار التي لحقت بهم في المناطق التي دمرت في عهد النظام السابق، إضافة إلى تعويض ضحايا الإبادة الجماعية، الذين تعرضوا للقصف بالكيماوي». وتعهد مساءلة بغداد عن هذه الملفات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم