التشيك ورومانيا تؤجلان نقل سفارتيهما إلى القدس

TT

التشيك ورومانيا تؤجلان نقل سفارتيهما إلى القدس

قررت حكومتا كل من التشيك ورومانيا، تأجيل قرار نقل سفارتيهما من تل أبيب إلى القدس الغربية، والتأني وفعل ذلك بالتدريج. وفي الوقت الحاضر، تنويان تعيين قنصل فخري في المدينة.
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد أعلن بشكل احتفالي عن قرار نقل السفارتين، معتبرا إياه إنجازا ضخما لسياسته، فإنه أخفى خيبة أمله وأصدر بيانا يشكر فيه البلدين.
وقد تبين أن الرئيس الروماني، كلاوس يوهانيس، يعارض نقل سفارة بلاده إلى القدس، قبل أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فيما نفى بيان صادر عن الحكومة التشيكية اعتزامها نقل سفارتها إلى القدس، وأكد اكتفاءها بتسمية قنصل جديد في القدس الغربية. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو، بالتزامن مع زيارة رئيسة وزراء رومانيا الاشتراكية الديمقراطية، فيكتوريا دانسيلا، أول من أمس، الأربعاء، أن إسرائيل تعرب عن تقديرها «لموافقة الحكومة الرومانية على مشروع القرار القاضي ببدء نقل السفارة إلى القدس». وقبل أيام أعلن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروماني، ليفيو دراغينا، عزم الحكومة نقل ممثليتها الدبلوماسية إلى القدس.
بالمقابل أكدت وزارة الخارجية التشيكية، موقفها الذي لا يخرج عن الإجماع الأوروبي، واحترامها التام للسياسة المشتركة للاتحاد الأوروبي، التي تعتبر القدس عاصمة مستقبلية مشتركة لدولة إسرائيل ودولة فلسطين المستقبلية. وقررت جمهورية التشيك، وفي خطوة جاءت دون سقف التوقعات الإسرائيلية، تسمية قنصل جديد لها، في مدينة القدس، بدلا من نقل سفارتها.
ونقلت «وفا» عن مصدر دبلوماسي مطلع في رام الله، تصريحا قال فيه إن «الحكومة التشيكية التزمت بالإجماع الأوروبي، ولم تستجب للضغوطات والإغراءات الإسرائيلية المتعددة منذ شهور، لجهة تقليد الخطوة الأميركية بنقل السفارة إلى القدس المحتلة أو الاعتراف بها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال». وأضاف أن «إسرائيل مارست الكذب والتضليل، بالجزم المسبق، أن جمهورية التشيك، ستنقل سفارتها إلى القدس المحتلة تزامنا مع الخطوة الأميركية، لإيهام بعض الدول الأخرى، وتشجيعها على السير في المسلك ذاته». وأشار إلى أن «إسرائيل حاولت تسويق موقف الرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، القديم الجديد، الداعي إلى نقل سفارة بلاده تماشيا مع الرغبة الإسرائيلية، وهي تعلم يقينا أنه ليس مقررا في السياسة الخارجية، وأن الرأي الأول والأخير في هذا الأمر يعود للحكومة التي أخبرت عددا من البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية الأسبوع الحالي، بموقفها الذي لن يخرج عن الإجماع الدولي، وطالبت العالمين العربي والإسلامي، بعدم الالتفات إلى أي موقف كان، بخلاف الموقف الصادر عن وزارة الخارجية».
يذكر أن حكومة إسرائيل كانت قد أعلنت في وقت سابق، اعتزام التشيك نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس والانضمام إلى رومانيا وغواتيمالا وهندوراس والولايات المتحدة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.