درة: لن أقدم أدواراً لا أحبها... وتجاوزت مرحلة «البحث عن الوجود»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها لم ترغب في العمل عارضة أزياء في بداياتها

درة: لن أقدم أدواراً لا أحبها... وتجاوزت مرحلة «البحث عن الوجود»
TT

درة: لن أقدم أدواراً لا أحبها... وتجاوزت مرحلة «البحث عن الوجود»

درة: لن أقدم أدواراً لا أحبها... وتجاوزت مرحلة «البحث عن الوجود»

دخلت عالم التمثيل قبل 16 سنة، من بوابة المسرح عبر فرقة «التياترو» التونسية، وبعد تجارب معدودة، بعضها عربي وقليل منها أجنبي، غادرت بلادها إلى هوليوود الشرق لتشق طريقها في الدراما والسينما المصرية، ورغم أن رصيدها الفني تجاوز 55 عملا، فإنها ولدت من جديد يوم 17 مارس (آذار) الماضي، عند بداية عرض مسلسل «الشارع اللي ورانا»، الذي تخوض به أولى بطولاتها المطلقة.
إنها الفنانة التونسية درة، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن تجربة «الشارع اللي ورانا»، وإلى أي مدى ستنعكس على اختياراتها المقبلة، كما تتحدث عن وقوفها أمام الفنان محمد رمضان في مسلسل «نسر الصعيد»، وتكشف سر ارتباطها بعالم الموضة، ولماذا اعتبرها المهتمون بهذا المجال «أيقونة»، كما ترد أيضاً على المشككين في موهبة الممثلات الجميلات.
تقول درة: «الشارع اللي ورانا» جاءني في الوقت الذي كنت أبحث فيه عن موضوع يعيد طرحي بشكل مختلف، لأحقق نقلة نوعية في عملي، وصادف ذلك بحث المخرج مجدي الهواري عن مشروع يقدمه في التلفزيون إخراجاً وإنتاجاً.
وبمجرد ظهور فكرة «الشارع اللي ورانا» للكاتب حاتم حافظ، تحمست للمشروع جداً من اللحظة الأولى، فهو من الأعمال القليلة في مشواري الفني، التي لم أفكر فيها ملياً قبل الموافقة عليها، واعتبرته فرصة لا تعوض.
وما حدث العام الماضي أنني شعرت بحالة من الملل، لقناعتي بأنني لا يجب أن أستهلك نفسي في تقديم أعمال لا أحبها، وأن هذه المرحلة انتهت، وأن الوقت قد حان لخوض تجربة البطولة المطلقة. فحصلت على هدنة، واتخذت قراراً بعدم المشاركة في أي عمل لمجرد الوجود، ولهذا السبب لم أظهر في موسم شهر رمضان الماضي.
ورغم أنني بدأت التمثيل قبل 16 سنة في تونس، ومنذ 2007 في مصر، فإنني لم أتسرع في خطوة البطولة المطلقة، واعتذرت بالفعل عن مشروعات كثيرة قبل «الشارع اللي ورانا»، لعدة أسباب، أبرزها أنني كنت أريد خوض هذه الخطوة وأنا مؤمنة بها تماماً، فمن الممكن أن تأتي الفرصة مبكراً قبل أن ينضج الممثل بشكل كافٍ، فلا يتقبله الجمهور، كما أن الفنان يجب أن يتمتع بمصداقية حتى يقبل نجوم كبار، مثل لبلبة وفاروق الفيشاوي، مشاركته البطولة. والحقيقة أن وجود هذين النجمين في «الشارع اللي ورانا» شرف لي، وشهادة بأنني أستحق البطولة المطلقة.
ولأن البطولة المطلقة مرتبطة بالمشروع المناسب، وليس فقط بالتوقيت المناسب، كان لا بد أن تتحقق هذه التجربة من خلال عمل قوي جداً في كل عناصره، وليس فقيراً فنياً، فعندما يكون الموضوع ضعيفاً لن أفرح، ولن يكون في مصلحتي أن أكون بطلته المطلقة.
وبعد الحالة التي حققها مسلسل «الشارع اللي ورانا»، أستطيع أن أقول إنني وضعت نقطة، وسأبدأ من أول السطر في اختياراتي المستقبلية، فبعد تنفيذ العقود التي وقعتها قبل عرض هذا العمل، سأركز فقط على تقديم الموضوعات التي أحبها، لأني تجاوزت مرحلة البحث عن الوجود، والحمد لله حققت قدراً من الشهرة والجماهيرية.
> «الشارع اللي ورانا» تدور أحداثه في عوالم مختلفة. ألم تخشي من رد فعل الجمهور على تناول حياة البرزخ بعد الممات، خاصة أنها من الغيبيات؟
- نحن اعتدنا على الخوف وعدم الكلام؛ بل وعدم التفكير في أي شيء يتعلق بالموت أو بالعالم الآخر. وفي هذا المسلسل نحن لا نتطرق إلى غيبيات لأننا أيضا لا نعرفها؛ لكن الدراما تستدعي الخيال، ومن حق المؤلف أن يتخيل حدوتة يقدمها للمشاهد، ورغم أن فلسفة المسلسل قائمة على وجود القوة الإلهية؛ لكنه بعيد كل البعد عن الأديان، حتى أن الأبطال ليست معروفة ديانتهم. ونحن لا نكسر تابوهات في المسلسل، ولا نقدم شيئاً يجب ألا يقال، وإنما نهتم بالإنسان وما يدور في عقله الباطن، من خلال خيال مؤلف، وهذا مشروع في الدراما.
وبالمناسبة هذا ليس جديداً، فهناك أعمال فنية كثيرة مثل «ألف ليلة وليلة» كانت قائمة على الخيال والأساطير، وبعضها يمكن أن يصنف «ما ورائيات»، ولكننا بعدنا عن هذه النوعية من الأعمال الفترة الأخيرة، وركزنا فقط على تقديم الأعمال الاجتماعية.
> بعد عرض الحلقة الأولى، اتهم المسلسل باقتباس فيلم «The Others» لنيكول كيدمان، فهل المقارنة تخصم من النجاح؟
- ربما طبيعة المسلسل قريبة من أجواء الفيلم؛ لكن القصة مختلفة تماماً، والمقارنات لم تخصم أبداً من نجاح العمل؛ خاصة أن الجمهور توقف تلقائياً بعد عرض الحلقات الأولى عن عقد هذه المقارنات، واكتشف أن القصتين مختلفتان تماماً، وكل خلفيات الشخصيات في «الشارع اللي ورانا» تعيش في مصر، وتشبه المجتمع المصري. والحقيقة مشكلتنا في العالم العربي أننا اعتدنا على المقارنات المتسرعة، وللأسف نرى أي عمل يتم تنفيذه بتقنية عالية، مقتبساً من عمل أجنبي، وبمناسبة هذه المقارنات هناك شخص كتب على «تويتر» جملة أعجبتني، ملخصها أننا العرب لم يعد لدينا ثقة في أنفسنا، لدرجة أننا عندما نقدم عملاً جيداً نبحث أولاً عن العمل الأجنبي المسروق منه، وهذا يشكك في قدرتنا على صناعة أعمال جيدة.
> مشاركتك أمام محمد رمضان في «نسر الصعيد» بعد البطولة المطلقة في «الشارع اللي ورانا»، خطوة للأمام أم للخلف؟
- «نسر الصعيد»، ليس مسلسلاً ضعيفاً حتى يكون دور البطولة النسائية، أمام نجم بحجم محمد رمضان خطوة للخلف، فهو واحد من أقوى أعمال الموسم الرمضاني المقبل، ويملك كل مقومات النجاح؛ خاصة أنه من إنتاج شركة كبيرة مثل «العدل جروب». وبشكل عام، أنا أرفض أن تكون أي خطوة في مشواري الفني للخلف، وأحرص دائماً على أن تكون كل تحركاتي للأمام، أو على الأقل تساعدني للحفاظ على المكانة التي حققتها.
وفكرة أن أقدم بطولة نسائية في «نسر الصعيد» بعد البطولة المطلقة في «الشارع اللي ورانا» أمر طبيعي، وكل النجمات عبر تاريخ السينما المصرية، قدمن بطولات مطلقة، وأيضاً ظهرن في أدوار البطولة النسائية أمام النجوم، ومن هذه الأمثلة الفنانة الكبيرة يسرا، التي تعد إحدى أبرز النجمات في الوقت الحالي، وتقدم بطولاتها المطلقة في الدراما، وفي الوقت نفسه، لا تكون لديها مشكلة في أن تكون البطلة النسائية أمام الزعيم عادل إمام، أيضاً منى زكي، تجدها أحياناً تقدم عملاً بمفردها، وأحياناً تقدم عملاً أمام أحمد السقا، فليس طبيعياً أن أحصر نفسي في أعمال البطولة المطلقة.
> وهل العمل مع فنان بنجومية كبيرة، مثل محمد رمضان، يظلم شريكه في البطولة أم يكون مفيداً؟
- هذه المرة الأولى التي أعمل فيها مع محمد رمضان، والحمد لله علاقتنا جيدة، وردود الأفعال على الصور التي نشرت لنا معاً إيجابية، والطبيعي أنني لن أتعرض لظلم، وسيتم تقديري ووضعي في مكاني الصحيح الذي أستحقه. ورغم أنني تعاقدت على «نسر الصعيد» بعد الانتهاء من تصوير «الشارع اللي ورانا»؛ فإني فكرت كثيراً هل سيكون مفيداً لي بعد البطولة المطلقة، وبعد استشارة كثير ممن أثق بهم، كانت معظم الآراء متحمسة للمشاركة في هذا العمل؛ خاصة أن محمد رمضان له جمهور كبير ومختلف عن جمهور «الشارع اللي ورانا». ووجدت أنه من المهم العمل معه للاستفادة من جمهوره، وفي كل الأحوال، لا أحد يستطيع تقييم تجربة قبل الانتهاء من التصوير والعرض.
> لماذا هناك شعور أنك ومحمد رمضان تعيدان من خلال «نسر الصعيد» دورَي ميرفت أمين وأحمد زكي في فيلم «زوجة رجل مهم»؟
- لأني في المسلسل أقدم دور «فيروز» زوجة ضابط صعيدي يدعى «زين»، رأى البعض أن تركيبة الشخصيات في المسلسل تشبه الفيلم؛ لكن الحقيقة أن قصتي العملين مختلفتان تماماً، ولا مقارنة أو تشابه بينهما. المسلسل لا يشبه الفيلم، ومحمد رمضان لا يقلد أحمد زكي، وأنا لا أقلد ميرفت أمين، ولكن ربما روح كل شخصية في المسلسل قريبة من روح كل شخصية في الفيلم بالصدفة، وهذا ما يجعل المتابع يستحضر أجواء «زوجة رجل مهم» من «نسر الصعيد».
> ما سر ارتباط اسمك بعالم الأزياء، لدرجة حصولك على لقب «أيقونة الموضة»؟
- لم أكن أخطط لأن أكون معروفة للمهتمين بعالم الموضة، فأنا فقط أهتم بإطلالتي في كل المناسبات، ولكني فوجئت بأن كل ظهور لي يحقق صدى كبيراً، ولفت ذلك نظر المهتمين بعالم الموضة والأزياء، والمتابعين من النساء بشكل عام، لدرجة أنهم منحوني لقب «أيقونة الموضة». وأنا يشرفني ويسعدني أن يراني الجمهور وصناع الموضة أيقونة؛ لكنه في الوقت نفسه يحملني مسؤولية كبيرة؛ لأنني أصبحت أفكر أكثر في كل ظهور لي، كيف أكون متجددة لأحافظ على هذه الصورة أمام جمهوري، فحتى لو تحققت هذه المكانة بالصدفة فالطبيعي أن أبذل كل جهد ممكن حتى أحافظ عليها ولا أفقدها. ولا أخفي أن اهتمامي بهذا العالم أصبح يأتي في المرتبة الثانية بعد عملي كممثلة.
> كانت لك مشاركات في عروض أزياء بتونس قبل احتراف التمثيل، فهل كانت الموضة وجهتك قبل التمثيل؟
- رغم أنني شاركت في عروض أزياء بتونس، قبل أن أحترف التمثيل، فإنني ما تمنيت وما أحببت أن أكون عارضة أزياء، وهدفي من البداية كان التمثيل. وقبل أن أحضر إلى مصر، اقترح البعض أن أشارك في مسابقة ملكة جمال تونس، ورفضت تماماً؛ لأني لا أحب أن يكون وجودي في الحياة معتمداً على الشكل، ليس فقط كممثلة، ولكن كامرأة أيضاً، ولذلك درست العلوم السياسية، وحصلت على الماجستير.
> أخيراً، لماذا كل ممثلة تملك قدراً من الجمال يتم التشكيك في موهبتها؟
- كل ممثلة جميلة تتعرض لظلم وقسوة في التقييم لمجرد أنها جميلة، واكتشفت أن هذا ليس في العالم العربي فقط، وإنما في باقي دول العالم، فقد قرأت حواراً للممثلة الإيطالية الجميلة مونيكا بيلوتشي، تتحدث في الموضوع نفسه، وتقول إن كونها امرأة جميلة جعلها تبذل مجهوداً أكبر، لتثبت أنها ممثلة موهوبة، وليست مجرد امرأة جميلة، فمونيكا بيلوتشي أيضاً كان يتم التشكيك في موهبتها وقدرتها التمثيلية، ويعتبرون أن نجاحها معتمد على جمالها. ورأيي الشخصي أن الجمال ميزة وليس عيباً، بدليل أن نجمات السينما المصرية في الزمن الجميل كان يطلق عليهن «جميلات السينما». ورغم أنني لا أصنف نفسي باعتباري ممثلة جميلة، وإنما ممثلة لديها قبول، وهذه منحة من الله - سبحانه وتعالى – فإن العين تحب وتستريح للوجه الجميل، والكاميرا والسينما أيضاً تحب الوجه الجميل. والجمال لا يتعارض مع الموهبة، فالأفضل أن يتم الجمع بين الحسنيين؛ لكن لا يصح أن يكون الجمال بلا موهبة، حينها لا تكون صاحبة الجمال ممثلة من الأساس.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
TT

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)

عندما طلب رعاة دار الأوبرا السويسرية من السوبرانو فاديا طنب الحاج إلقاء كلمة وإنشاد أغنية عن بلدها، تملّكتها مشاعر مؤثرة جداً. كانت تلبي دعوة إلى العشاء من قبلهم في جنيف؛ حيث شاركت في العمل الفني «إحسان». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لتلك المناسبة اخترت أداء أغنية (لبيروت). وسبقتها بكلمة مختصرة توجَّهتُ بها إلى الحضور عن لبنان. كنت متأثرة جداً، وخرجت الكلمات من أعماقي تلقائياً. فلا أبالغ إذا قلت إنها من أكثر المرات التي أحزن بها على وطني لبنان. وبعد تقديمي الأغنية راح الحضور يصفّق تأثراً، كما خرج منهم مَن يشكرني على اختياري لهذه الأغنية».

تقول أنها تعلّمت الانضباط من فريق {إحسان} (فاديا طنب الحاج)

فاديا طنب الحاج وُجدت على مسرح دار أوبرا جنيف للمشاركة في العمل الفني الكوريغرافي «إحسان». وهو من تصميم العالمي، المغربي الأصل سيدي العربي الشرقاوي. تعاونها معه يعود إلى سنوات طويلة. وطلب منها مشاركته العرض الفني الذي ألّفه تكريماً لوالده الراحل على مدى 6 حفلات متتالية أُقيمت هناك.

وتوضِّح لـ«الشرق الأوسط»: «سبق وتعاونت معه في عمل بعنوان (أوريجين). وقمنا بجولة فنية تألفت من نحو 90 حفلة. استمتعت بالعمل مع سيدي العربي الشرقاوي. فالتجربة في عام 2008 كانت جديدة عليّ. حتى إني ترددت في القيام بها بداية. ولكنني ما لبثت أن أُعجبت بنصوص عمله وبرقصات تعبيرية يقدمها فريقه. وهو ما حضّني على تكرار التجربة أكثر من مرة».

يشتهر سيدي العربي الشرقاوي بفرقته لرقص الباليه الأوبرالي. وقد نال لقب «بارون» للنجاحات الكثيرة التي حققها. وقد أقام واحدة من حفلاته في مهرجانات بعلبك. كان ذلك في عام 2012 وتعاون فيها مع فاديا طنب الحاج.

فاديا طنب الحاج تؤدي في {إحسان} أغان بلغات مختلفة (الفنانة)

يحكي العرض الكوريغرافي «إحسان» قصة حزينة، استوحاها الشرقاوي من واقع عاشه. فوالده رحل من دون أن يودّعه، لا سيما أن قطيعة كانت حاصلة بينهما لسنوات، فرغب في التصالح مع ذكراه من خلال هذا العمل. كما يهدي العمل لشاب مغربي قُتل في بلجيكا ويُدعى إحسان. فالحفل برمّته يدور في أجواء المعاناة.

وتتابع فاديا طنب الحاج: «في كلمتي عن لبنان ذكرت المرات التي هدمت بها بيروت. وفي كل مرة كانت تقوم وتنفض عنها غبار الردم. وهذه المرة التاسعة التي تتعرّض فيها للدمار. وجمعتُ كل هذه الأحاسيس عن مدينة أحبها في كلمتي. وشرحتُ لهم أنها أغنية استعار الرحابنة لحنها من يواخين رودريغيز. وكلامها يكّرم بيروت بوصفها أرضاً للسلام والصلابة».

الجميل في أعمال الشرقاوي اتّسامها بالعمق. فهو يختار ألحاناً من موسيقيين عالميين كي يرقص فريقه على أنغامها. في «إحسان» اختار ملحناً تونسياً لغالبية لوحاته الراقصة. وكذلك تلون العمل موسيقى مغربية وأخرى إسبانية. تشرح طنب: «مرات أغني بالبيزنطية والسريانية. فهذا الخليط من الموسيقى ضمن لوحات راقصة تعبيرية رائعة ينعكس إيجاباً على المغني».

فريق «إحسان» يتألف من نحو 50 شخصاً، وتسير السوبرانو اللبنانية بين راقصي الباليه مرات وهي تغني، ومرات أخرى تقف على منصة عالية كي تؤلف مشهدية غنائية فردية يرقص الفريق على أنغامها.

عرض الباليه {إحسان} على مسرح دار أوبرا جنيف (فاديا طنب الحاج)

اعتادت فاديا الحاج على إحياء حفلات الغناء بوصفها نجمةً مطلقةً تقف وحدها على المسرح. ولكن في «إحسان» تبدّلت المشهدية تماماً. وتعلّق: «بوصفنا مغنين تتملّكنا الأنانية إلى حدّ ما عندما نعتلي المسرح. وهذا الأمر سائد عند الفنانين في الشرق العربي. وأعدّ (الإيغو) عندي متواضعاً جداً نسبة إلى غيري. ولكن في أعمال مثل (إحسان) نتعلّم كثيراً، وأهمها الانضباط، فنلمس مدى الجهد الذي يتكبدّه الراقصون للقيام بمهمتهم على أكمل وجه. تمارينهم تطول من الصباح حتى بعد الظهر. يكررون اللوحة الراقصة أكثر من مرة. أما نحن المغنين فنعدّ مدللين نسبة إليهم، ورغم كل هذا التعب فإننا نراهم متحمسين وفرحين ولا يتذمرون. كل هذه المشهدية زودتني بدروس تتعلق بالصبر والانضباط والتنظيم».

تروي قصصاً عدة لامستها من هذه الزاوية: «أذكر إحدى الراقصات أُصيبت بجروح في أثناء الرقص. ولكنها بقيت تكمل لوحتها مع زملائها حتى النهاية متجاوزة أوجاعها. إنهم يرقصون على آلامهم وهذا الأمر علّمني كثيراً».

فاديا طنب الحاج وقفت على أشهَر المسارح العالمية، وكانت نجمةً متألقةً لحفلات في أوروبا وأميركا. فماذا عن تجربتها مع «إحسان»؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انصهار يحصل بين طاقتي وطاقتهم. أحياناً يتطلّب مني الأمر الإبطاء في الغناء. وهو ما جرى معي في موشح أؤديه في الحفل. فالتفاعل والمشاركة يحضران بقوة بيني وبينهم. كما أن أي انتقاد سلبي أو إيجابي يُكتَب عن العمل يطالني معهم. وهو ما يحمّلني مسؤولية أكبر، لا سيما أن فريق كورال يواكبني مرات في أغانيّ».

قريباً تستكمل فاديا طنب الحاج جولتها مع الشرقاوي لتشمل بلداناً عدة. ومن بينها ألمانيا والنمسا وباريس (مسرح شاتليه) وروما وكندا. وتتابع: «العمل ضخم جداً ويتطلّب ميزانية مالية كبيرة. وهو ما يدفع بالشرقاوي لتنظيم أكثر من جولة فنية. وكما أوروبا سنمرّ على تركيا، وقد تشمل بلدان الخليج».

لن تشارك السوبرانو اللبنانية هذا العام في حفلات «بيروت ترنم» وتوضح: «في هذه الفترة أحضّر لأعمالي المقبلة. ومن بينها حفلة أقدمها في بلجيكا. وللقيام بهذه التدريبات أتبع أسلوب حياة خاصاً يشمل حتى طريقة غذائي. ولذلك في موسم الأعياد هذا العام أرتاح كي أكون جاهزة لحفلاتي المقبلة».