قناصة الاحتلال الإسرائيلي يحولون ضحاياهم إلى معوقين جسدياً

أكثر من 500 مصاب في أطراف تعرض بعضها للبتر

TT

قناصة الاحتلال الإسرائيلي يحولون ضحاياهم إلى معوقين جسدياً

على بعد 400 متر من الجدار الحدودي شرق مدينة غزة، كان خضر أبو عصر (21 عاما)، من سكان حي الشجاعية، يقف إلى جانب صديق له يراقبون الجنود الإسرائيليين المنتشرين على الحدود، وهم يطلقون النار على الشبان المتظاهرين، حين باغتته رصاصة أصابت قدمه اليسرى.
وبعد ساعات من وصوله إلى مستشفى الشفاء، وتلقيه الإسعافات الأولية، لم يجد الأطباء حلا طبيا أفضل من إخضاع جزء من قدمه للبتر، فقد أصيب بطلق ناري متفجر، تسبب في إحداث ثغرة صغيرة في قدمه عند دخوله وأخرى كبيرة جدا عند الخروج.
ولليوم الثالث عشر على التوالي، يضطر الشاب أبو عصر لمغادرة منزل عائلته، بمساعدة والده وشقيقه الأكبر، للذهاب إلى مستشفى الشفاء من أجل متابعة حالته الصحية، بعد أن اضطر الأطباء إلى إجلائه إلى المنزل لعدم وجود أسرّة كافية، وعدد الإصابات التي يستقبلها المستشفى.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إنه تم تأجيل أكثر من 4 آلاف عملية جراحية، لمرضى في مستشفيات الوزارة بغزة، بسبب العدد الكبير من الإصابات التي تحتاج إلى عمليات جراحية مركبة، واستهلاك المصابين لأربعة أضعاف احتياجات المرضى الآخرين العاديين، وعدم وجود أسرّة كافية.
ويقول الشاب أبو عصر، إنه تعرض لطلق ناري متفجر من قبل قناص إسرائيلي، على الرغم من أنه لم يشارك في رشق جنود الاحتلال بالحجارة، أو غيرها من الوسائل الشعبية البسيطة التي يستخدمها الشبان في مواجهة الجنود المدججين بكافة أنواع الأسلحة.
ولفت أبو عصر إلى أن جنود الاحتلال القناصة، يختارون بعناية كبيرة ضحاياهم، من خلال إطلاق الرصاص المتفجر تجاه الأجزاء العلوية من القدم قرب «الفخذ» أو أسفل «الركبة»، بهدف تحقيق إصابة مباشرة لتحويل الضحية إلى «معوق» وجعله «عالة» على عائلته، وبلا أمل بأي مستقبل.
وذكر أن الاحتلال منعه من مغادرة القطاع لتلقي العلاج، مثل عشرات الجرحى الذين حرموا من تلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية في الضفة، بزعم عدم امتثالهم للأوامر الإسرائيلية بعدم المشاركة في تلك المسيرات، ما أفقد بعضهم حياته، أو تسبب في إعاقة دائمة لهم نتيجة حرمانهم من العلاج. وأشار إلى أن بتر جزء من قدمه اليسرى لم يمنعه من العودة للمشاركة في المسيرات الحدودية. مشيرا إلى أنه شارك يوم الجمعة الماضي في المسيرة عند حدود موقع ناحل عوز شرق مدينة غزة، وأن إصابته لن تثنيه عن مشاركته في الفعاليات الوطنية المقبلة.
وبحسب وزارة الصحة، فإن 40 فلسطينيا قتلوا وأصيب 5 آلاف آخرين، منهم 138 ما زالوا في مرحلة الخطر، جراء استخدام الاحتلال الإسرائيلي القوة المميتة منذ 30 مارس (آذار) الماضي. وقالت الوزارة إن الأطباء نجحوا في تجنب بتر أطراف العشرات من المصابين. وأشارت إلى أن أكثر من 90 في المائة من الجرحى أصيبوا في الأجزاء العلوية من أجسادهم، و53 في المائة من الضحايا أصيبوا في منطقة الرأس.
الطفل بشار وهدان (14 عاما) من سكان حي التفاح، شرق مدينة غزة، أحد الأطفال الذين أصيبوا في الجمعة الأولى من المسيرات (30 مارس)، أنهت رصاصة من قناص حلما كان يحلمه باستمرار، بأن يصبح حارس مرمى عالميا.
ويقول وهدان إنه كان يتوجه لخيام العودة على الحدود للمشاركة في المسيرات، وإنه كان يلعب كرة القدم مع أطفال أمام الخيام، ضمن جدول ترفيهي يضعه منسقو المسيرات، وإنه لم يتقدم نحو الحدود أو يشارك في المواجهات التي تندلع في المناطق المحاذية للسياج. وأوضح وهدان أنه أصيب بطلق ناري متفجر في الجمعة الأولى، بعد أن أنهى مباراة لكرة القدم في مسابقة نظمت عند الخيام. مشيرا إلى أنه بعد انتهاء المباراة وقف بالقرب من الشبان المتظاهرين عند موقع ملكة العسكري، قبل أن يصاب بطلق ناري من قناص إسرائيلي في قدمه اليسرى، التي كان كثيرا ما يتصدى بها لكرات المهاجمين، خلال لعبه في مركز حراسة المرمى.
ونجح الأطباء بعد عملية جراحية معقدة من إنقاذ قدمه من البتر، على الرغم من حصول قطع في الشريان الدموي، وتهتك في العظام، وتفتت في العضلات والأعصاب.
وأشار وهدان إلى أنه يضطر للتنقل الآن على كرسي متحرك، إلى حين استكمال علاجه ومتابعته الصحية من قبل طواقم طبية فلسطينية وأجنبية من دول مختلفة، قدموا إلى غزة للمساعدة، لافتا إلى أنه سيحتاج لمزيد من العمليات الجراحية.
وتتهم منظمات حقوقية فلسطينية ويسارية إسرائيلية، إلى جانب جهات دولية، منها الاتحاد الأوروبي، الجيش الإسرائيلي، باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، بهدف القتل وإحداث الإعاقة في صفوف عدد كبير منهم.
وبحسب تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود الدولية، فإن أكثر من 1700 فلسطيني أصيبوا في غضون شهرين بالرصاص الحي خلال مشاركتهم في المسيرات الحدودية. ويصف التقرير الإصابات التي تصل إلى المستشفيات، بأنها الأخطر منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، وأن معظم المصابين سيعانون من إعاقة دائمة بسبب تعرضهم لإصابات «مدمرة».
وقال أطباء في مستشفى الشفاء في غزة للمنظمة، إنهم لم يواجهوا إصابات بهذه الخطورة منذ الحرب الأخيرة. ويشير التقرير إلى أن فرقا طبية من المنظمة، تعالج الجرحى الذين خضعوا لعمليات جراحية وتعرضوا لإصابات شديدة يصعب علاجها. وأن معظم المصابين سيصابون بإعاقات بدنية حادة وطويلة الأمد.
وأشار أطباء المنظمة إلى أنهم عالجوا 500 فلسطيني أصيبوا في أطرافهم، معظمهم من الرجال، وبعضهم من النساء والأطفال.
ويقول أحد الأطباء، إن الفرق الطبية لاحظت أن الإصابات تتسبب في أضرار بالغة في العظام والأنسجة، وإن حجم الجروح يصل إلى حجم قبضة اليد.
وقالت ماري إليزابيث إنجرس، رئيسة بعثة المنظمة في فلسطين، إن معظم المصابين سيخضعون لعمليات جراحية معقدة للغاية، ومعظمهم سيعانون من إعاقات تستمر مدى الحياة. مبينة أن البعض منهم عرضة لخطر البتر، بسبب عدم توفر الرعاية الكافية في غزة.
وتشير المنظمة إلى أنه بالإضافة إلى المعالجة الدورية للإصابات، سيحتاج المصابون إلى مزيد من الجراحة وإعادة التأهيل لفترات طويلة، وأنهم سيعانون بشدة في حال لم يتلقوا العلاج اللازم في غزة، أو يحصلون على تصاريح للعلاج في الخارج. وتشير إلى أن هناك نقصا في المعدات الطبية يضر بالجرحى وبقدرة الأطباء على الاستجابة بفعالية فورية للحد من خطورة الإصابات.
وناشدت وزارة الصحة أول من أمس، كافة الجهات الدولية العمل فورا على توفير احتياجاتها من المعدات الطبية اللازمة لعلاج الجرحى وإنقاذ حياتهم.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.