حكومة سلام تلتئم غدا بعد الاتفاق على آلية تسيير عملها في ظل غياب الرئيس

«حزب الله» ينفي ربط التفجيرات بتعطل الاستحقاق الانتخابي.. وعون وجعجع يتبادلان الاتهامات

حكومة سلام تلتئم غدا بعد الاتفاق على آلية تسيير عملها في ظل غياب الرئيس
TT

حكومة سلام تلتئم غدا بعد الاتفاق على آلية تسيير عملها في ظل غياب الرئيس

حكومة سلام تلتئم غدا بعد الاتفاق على آلية تسيير عملها في ظل غياب الرئيس

تعقد الحكومة اللبنانية غدا (الخميس) أول اجتماعاتها عمليا إثر انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، بعد أن خصصت ثلاث جلسات سابقة منذ ذلك الحين، لبحث آلية ممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية التي تنتقل إلى مجلس الوزراء عند شغور الرئاسة.
وقالت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مجلس الوزراء سيعقد جلسة، عند العاشرة من صباح الخميس (غدا)، لبحث جدول أعمال سابق، يتألف من 28 بندا عاديا، علما بأن معظمها يتعلق بأمور تنظيمية إدارية وشؤون وظيفية وهبات. ولفتت المصادر ذاتها إلى مشاورات تجريها الكتل السياسية الممثلة في الحكومة لاختيار وزير يتولى التوقيع باسمها على المراسيم والقرارات التي سيتخذها مجلس الوزراء.
وكان مجلس الوزراء توصل نهاية الأسبوع الماضي إلى الاتفاق على آلية لتسيير عمل الحكومة، لا تمس بصلاحيات رئاسة الحكومة، وتقضي بتوزيع جدول أعمال الجلسة قبل 72 ساعة من انعقادها وأن يصار إلى سحب البنود الخلافية منه، وهو ما سيحول دون الخلاف على توقيع المراسيم التي سيصدرها مجلس الوزراء، والتي ستحمل إما توقيع وزير عن كل كتلة أو جميع الوزراء نيابة عن توقيع الرئيس اللبناني، إلى جانب توقيع سلام والوزير المختص.
وفي حين أبدت الكتل السياسية موافقتها شبه النهائية على المشاركة في الجلسة غدا، أشار وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي أمس إلى أن «نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل سيوقّع باسمي واسم وزيرة المهجرين أليس شبطيني»، أي باسم الوزراء المحسوبين على سليمان. وعد حناوي، في تصريحات لوكالة الأنباء «المركزية» الخاصة بلبنان، أن «الاتفاق الذي حصل يصب في مصلحة البلاد والناس»، مشيرا إلى أن «العمل الحكومي سيجري بالتفاهم، وإقرار أي بند سيكون بالتوافق بين الجميع».
في موازاة ذلك، تكثفت الدعوات السياسية في اليومين الأخيرين للإسراع في انتخاب رئيس لبناني جديد على إيقاع التطورات الأمنية الأخيرة. فعد رئيس الحكومة، تمام سلام، القوى السياسية «مطالبة اليوم بأن ترتقي إلى مستوى المرحلة الراهنة وما تطرحه من تحديات متعددة الأشكال، عبر تحصين البلاد بخطوات سياسية؛ أولاها تفعيل عمل المؤسسات الدستورية لتمكينها من القيام بعملها، وتحاشي التلكؤ تحت أي ذريعة كانت في انتخاب رئيس للجمهورية».
في المقابل، رفض كل من «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح»، الذي يترأسه النائب ميشال عون، الربط بين التفجيرات وانتخاب رئيس لبناني جديد. وفي هذا السياق، قال أمين سر «التكتل» النائب إبراهيم كنعان إن الربط بين الموضوعين «يوحي بأن هناك من يضغط لفرض استحقاق معين بصيغة معينة على اللبنانيين»، متسائلا: «لماذا يستغل الوضع الأمني لأغراض سياسية ولفرض أمر واقع على اللبنانيين؟». ولفت إلى أن «الأمن في لبنان خط أحمر، وظاهرة الانتحاريين ليست بجديدة، ويجب أن نكون جاهزين على الصعيدين الأمني والوطني، وألا نقبع تحت الابتزاز السياسي».
من ناحيته، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، المحسوب على «حزب الله»: «ألا رابط بين الملفين»، موضحا أن «ملء الشغور الرئاسي يقتضي بأن يكون هناك إسراع في إنجاز التفاهم على مرشح قادر على تحقيق الوفاق بين اللبنانيين وأن يستجيب لمتطلبات المرحلة تبعا لمهام رئاسة الجمهورية وصلاحياتها». وقال في تصريحات إن «هذه الأعمال يجب أن تكون دافعا لانتخاب رئيس جديد ولعدم تعطيل عمل سائر المؤسسات».
وفي الملف الرئاسي، تبادل كل من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، الاتهامات أمس بشأن الطرف المسؤول عن تعطيل إنجاز الاستحقاق الانتخابي. ولاقت إشارة جعجع، بعد زيارته البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أمس، إلى «إننا في حرب إلغاء على موقع الرئاسة ولا أحد يحق له تعطيل البلاد في سبيل زيادة حظوظه الرئاسية»، ردا من تكتل عون، على لسان النائب إبراهيم كنعان، الذي سأل، بعد اجتماع التكتل أمس: «أين كانت الرئاسة منذ الطائف حتى اليوم؟ وهل نحن اليوم أمام إلغائها أو إعادة إحيائها واستعادتها لناحية الحقوق؟». وتابع كنعان: «أين الرئاسة اليوم إن لم تجر عملية التصحيح على المستوى الدستوري؟».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.