أمية ناجي جبارة.. بطولة نادرة في مواجهة «داعش»

مستشارة محافظ صلاح الدين أرادت الثأر لأبيها وشقيقها

صورة تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لأمية جبارة
صورة تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لأمية جبارة
TT

أمية ناجي جبارة.. بطولة نادرة في مواجهة «داعش»

صورة تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لأمية جبارة
صورة تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لأمية جبارة

لم يحالف الحظ أمية ناجي جبارة في الفوز بانتخابات مجالس المحافظات التي جرت العام الماضي في محافظة صلاح الدين، على الرغم من انتمائها إلى واحدة من كبرى العشائر هناك (عشيرة الجبور). وبينما بدا أن موقع مستشارة محافظ صلاح الدين لشؤون المرأة أقل من استحقاقها طبقا لطموحاتها وجرأتها، فإنها لم تتوان عن اختبار هذه الشجاعة في مواجهة بدت ثأرية مع «داعش» الذي قتل أيام كان اسمه «القاعدة» عددا من أفراد عائلتها وفي مقدمتهم والدها الشيخ ناجي جبارة الذي اختطفه التنظيم بعد عودته من أداء فريضة الحج وقتله عام 2006. وبينما مثّل موت أمية مفارقة لم تكن محسوبة على صعيد مواجهة شهدت الكثير من الاختلال في التوازن حتى في بعده العسكري، حيث الانكسار الذي بدت عليه المؤسسة العسكرية العراقية في معركتي الموصل وتكريت، فإنه من جانب آخر جاء في وقت حفز فيه الجميع على إعادة النظر في مفاهيم المواجهة والبطولة والموت والتحدي. وطبقا للحيثيات فإن أمية التي تظهرها الصور تحمل بندقية كلاشنيكوف، التي يجيد العراقيون، بمن فيهم غالبية من النساء، التعاطي معها، وهي تبتسم، جاء مقتلها بعد خوضها معركة وإن بدت الأخيرة بالنسبة لها، إذ لفظت أنفاسها على يد قناص. لكنها وطبقا لأبناء عشيرة الجبور لن تكون الأخيرة خصوصا أن عائلتها لها «ثارات» مع «القاعدة» بالأمس واليوم «داعش».
فبالإضافة إلى والدها الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، فإن «القاعدة» سبق أن قتلت شقيقها عبد الله جبارة الذي قتل أثناء الهجوم الذي شنه التنظيم على مبنى مجلس محافظة صلاح الدين عام 2012.
أمية، التي نعاها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، واصفا موتها بأنه تعبير عن «بطولة أسطورية»، قائلا إن «الشعب العراقي يثبت مرة أخرى قدرته على تسطير الملاحم التاريخية برجاله الشجعان ونسائه اللواتي أذهلن الإرهابيين ومن يقف خلفهم من فقهاء الظلام وشيوخ الفتنة بشجاعتهن النادرة»، حملت معها عدة مفارقات في وقت واحد، أولاها اسمها (أمية) الذي شكل مفارقة علاماتية في صلب المعركة التي يحاول الطائفيون من الفريقين منحها صبغة طائفية دون إرادة من أطلق عليها الاسم ودون إرادتها، حيث وجدت نفسها في حالة مجابهة دائمة مع عدو لا تتناقض مفاهيمه المعلنة على الأقل مع دلالات اسمها قليل الاستعمال في بيئة منقسمة مثل البيئة العراقية.
ولعل المفارقة الأكثر لفتا للنظر في قصة موت أمية هي أنها خاضت معركتها الأخيرة على تخوم ناحية «العلم» التي تنتمي إليها عائلتها وعشيرتها. وكانت نتيجة المعركة هي أنها قتلت ثلاثة من المهاجمين، في مواجهة بدت ثأرية لأبيها وأخيها ولها، بينما قتل المهاجمون سبعة من أفراد حمايتها. وبذلك بدا باب المواجهة الثأرية مفتوحا في مجتمع يجد نفسه في حالة حرب دائمة تكون المرأة ضحيتها الدائمة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».