إسرائيل تقلص العمليات في الضفة وتركز على إيجاد شبانها المختفين

تحذيرات دولية من انتفاضة فلسطينية جديدة.. وتلاسن بين فتح وحماس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح نظيره الروماني فيكتور بونتا  في مؤتمر صحافي مشترك في القدس أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح نظيره الروماني فيكتور بونتا في مؤتمر صحافي مشترك في القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تقلص العمليات في الضفة وتركز على إيجاد شبانها المختفين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح نظيره الروماني فيكتور بونتا  في مؤتمر صحافي مشترك في القدس أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح نظيره الروماني فيكتور بونتا في مؤتمر صحافي مشترك في القدس أمس (إ.ب.أ)

قررت إسرائيل تركيز العمليات العسكرية في الضفة الغربية على استعادة المستوطنين الثلاثة المختفين منذ الخميس قبل الماضي في الضفة الغربية، بدل بذل مزيد من الجهد في الحرب ضد حركة حماس التي تتهمها بـ«اختطافهم»، على الرغم من نفي الحركة ذلك.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي كبير، إن الجهود المبذولة ستتركز على المستوى الاستخباري من الآن فصاعدا، مع استمرار أعمال التمشيط، مشيرا إلى احتمال تقليص حجم القوات المشاركة في العملية في الضفة. وأضاف أن قوات الجيش تعمل من منطلق «ضبط النفس» في تعاملها مع المدنيين الفلسطينيين.
وكانت إسرائيل دفعت بنحو 3000 جندي إلى الضفة الغربية نفذوا عمليات تفتيش ودهم وبحث واعتقالات. وبدا واضحا أمس تراجع العمليات العسكرية الإسرائيلية من خلال تناقص عدد المدن التي اقتحمها الجيش الإسرائيلي وبالتالي تناقص أعداد المعتقلين، واكتفى باعتقال ثمانية فلسطينيين في أنحاء متفرقة من الضفة ليل الثلاثاء، بعدما كان يعتقل العشرات في الليلة الواحدة.
وجاء ذلك إثر تزايد الانتقادات الدولية لإسرائيل وتجنبا لاستفزاز الفلسطينيين في شهر رمضان. وكان مجلس الأمن الدولي حذر من أن العنف في المنطقة قد يتصاعد، في حين دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى ضبط النفس في تنفيذ العمليات الأمنية بما يضمن تقيدا صارما بالقانون الدولي وتفادي معاقبة أفراد عن مخالفات لم يرتكبوها بأنفسهم. وحذر جيفري فيلتمان مسؤول الشؤون السياسية بالأمم المتحدة من انتفاضة فلسطينية مع العدد المتزايد للوفيات نتيجة للعمليات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، قائلا إن ارتفاع العدد «يبعث على الانزعاج».
واتخذ الجيش الإسرائيلي قرار تقليص مستوى العمليات بعد توصيات «الكابينت»، المجلس الأمني والسياسي المصغر الإسرائيلي. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، أن «الكابينت» قرر تقليص العملية العسكرية التي يشنها الجيش ضد حركة حماس، وتركيز الجهود للبحث عن المستوطنين المفقودين.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن «الكابينت» لم يرد للعملية أن تخرج عن السيطرة في ظل الانتقادات المتزايدة كذلك.
وفي المحصلة، قتل الجيش الإسرائيلي، منذ انطلاق عملياته وحتى يوم أمس ستة فلسطينيين في مواجهات في رام الله والخليل ونابلس، واعتقل نحو 500 فلسطيني بينهم 57 من المحررين ضمن صفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي أبرمت بين حماس وإسرائيل قبل عامين، وأغلق نحو 70 مؤسسة تابعة لحماس وصادر أموالها، في حين فتش 2000 مبنى على الأقل. وطلبت الحكومة الفلسطينية، أمس، من الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف «عقد اجتماع عاجل وتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن الحملة الإسرائيلية الشرسة والتنكيل الجماعي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكات إسرائيل لحقوق الأسرى، وذلك بالاستناد إلى قواعد القانون الدولي الإنساني، وخصوصا اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، والبروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977، والتي تحدد الواجبات والالتزامات الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاه الأسرى والمفقودين بين الدول المتنازعة والدول الواقعة تحت الاحتلال».
ورد عوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بقوله إن من «حقنا بذل أي جهد ممكن من أجل العثور على الشبان المخطوفين، ومن حقنا ضرب البنية التحتية لحماس التي اختطفتهم». وجاء حديث جندلمان بعد ساعات من نفي خالد مشعل زعيم حركة حماس لاتهامات إسرائيل بخطف الشبان.
وقال مشعل إن حماس لا تعرف عنهم شيئا وإنه يبارك العملية إذا كانت حدثت فعلا، منتقدا في نفس الوقت التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل. وعقب نتنياهو أمس في إطار لقاء عمل مشترك بين الحكومتين الإسرائيلية والرومانية في القدس، قائلا: «سمعنا زعيم حركة حماس خالد مشعل يشيد ويدافع عن اختطاف ثلاثة شبان إسرائيليين أبرياء كانوا في طريقهم إلى بيتهم عائدين من المدرسة. وبذلك أكد مشعل مرة أخرى أن حماس ملتزمة بمحاربة إسرائيل وجميع مواطنيها، كما هي ملتزمة بمحاربة أي يهودي أينما يوجد في العالم. وأنا أسأل كيف يستطيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يتحالف مع هؤلاء الإرهابيين الذين يهللون للكراهية؟». وأضاف: «أنا أقدّر التصريحات التي أدلى بها الرئيس عباس قبل عدة أيام في السعودية وكانت هذه تصريحات مهمة ولكن إذا كان يقصدها حقا وإذا كان ملتزما حقا بالسلام وبمكافحة الإرهاب فإن المنطق يلزمه بتفكيك تحالفه مع حماس».
وزاد حديث مشعل في حجم الخلافات بين حماس والسلطة، وردت فتح أمس على مشعل متهمة حماس بالتنسيق الأمني مع إسرائيل.
وأصدر المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي بيانا جاء فيه: «نسأل مشعل كيف دخل و(موسى) أبو مرزوق (نائب رئيس المكتب السياسي للحركة) إلى قطاع غزة؟ أوليس عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل وموافقة إسرائيل أمنيا على ذلك؟». وأضاف: «نسأل (مشعل) ماذا تسمي أعمال فرقة الضبط الميداني من عناصر حماس والمنتشرة على حدود غزة - إسرائيل تحت مرأى ومسمع جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ أوليس مهمتها تنفيذ اتفاق العار بينكم وبين إسرائيل بواسطة الرئيس (المصري) المخلوع (محمد مرسي) والذي يلزم حماس بمنع الأعمال العدوانية على إسرائيلي كما جاء في البند الأول من اتفاق التهدئة؟ أوليس مهمتهم اعتقال كل من يحاول أن يقاوم الاحتلال؟ ولماذا قمتم بحملة شعواء في غزة باعتقال السلفيين اللذين أطلقوا صواريخ على إسرائيل وحلقتم لحاهم؟ ماذا تسمون ذلك؟ أم تسمونه تبادلا ثقافيا وإنسانيا؟». ووصف القواسمي محاولة حماس بإضعاف السلطة «بمؤامرة سقطت ولن تنجح». وكان مسؤولون في حماس شنوا هجوما عنيفا على عباس ووصفوه بأنه «أسوأ» ممثل للشعب الفلسطيني بسبب تمسكه بالتنسيق الأمني.
وفي هذه الأثناء أوفدت إسرائيل أمهات الشبان المختفين إلى جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، التي انعقدت أمس، لكسب مزيد من تعاطف العالم. وقالت راحيل فرنكل، والدة نفتالي فرنكل، أحد المختفين، للحضور: «جئت اليوم كأم.. كل ما نريده هو عودة أولادنا، نريد احتضانهم مجددًا، أعيدوا إلينا أبناءنا».
وجاء حديث فرنكل بعد انتقادات واسعة تعرضت لها إسرائيل في كلمات أعضاء في المجلس. واتهم مندوب كوبا في المجلس إسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وهاجم مندوب المغرب إسرائيل لممارستها القوة وفرضها حظر على السلطة الفلسطينية، بينما طالب مندوب البرازيل من إسرائيل، تفكيك المستوطنات وليس فقط وقف البناء الاستيطاني، فيما انتقد مندوب جنوب أفريقيا استمرار الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.