أصبح هناك شعور بأن المسيرة التدريبية للمدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مع توتنهام هوتسبر عبارة عن معركة للتغلب على طبيعة النادي الإنجليزي، فبعدما تقدم الفريق بهدف على مانشستر يونايتد في مباراة الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي وأصبح المتحكم في مجريات اللقاء عاد مرة أخرى ليتخلى عن هذا التقدم ويودّع بطولة جديدة من الدور نصف النهائي. ولعل أبرز ما يميز فترة عمل بوكيتينو مع توتنهام هوتسبر هي قدرته على إيجاد الحلول المناسبة لكل مشكلة من المشكلات التي يواجهها مع الفريق.
في البداية قيل إن توتنهام هوتسبر لا يستطيع إنهاء الدوري الإنجليزي الممتاز في مركز متقدم عن نادي آرسنال، لكنه قام بذلك الموسم الماضي وفي طريقه لتحقيق ذلك خلال هذا الموسم أيضاً، لأن الفارق بينه وبين آرسنال وصل إلى 14 نقطة.
ولم يكن بإمكان توتنهام التقدم في دوري أبطال أوروبا، لكن بوكيتينو قاد النادي الإنجليزي للتغلب هذا الموسم على ريال مدريد وبروسيا دورتموند وكان في طريقه للفوز على يوفنتوس أيضاً.
ولم يكن بإمكان توتنهام تحقيق نتائج جيدة على ملعب ويمبلي الشهير، لكن الفريق لم يخسر على هذا الملعب سوى مرتين فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. وكان توتنهام يواجه سوء حظ غريباً في الدور نصف النهائي للبطولات، حيث خسر 7 مرات متتالية في هذا الدور! لكن هذا العدد ارتفع إلى 8 مرات بعد الخسارة الأخيرة أمام مانشستر يونايتد، وهو ما يعني أن الفريق لم ينجح في تخطي نصف النهائي منذ أن حصد كأس الاتحاد الإنجليزي قبل 27 عاماً، أي قبل أن يتولى الفرنسي آرسين فينغر تدريب نادي آرسنال!
ويجعلنا ذلك نطرح هذا السؤال: هل يحتاج بوكيتينو إلى الحصول على بطولة مع توتنهام هوتسبر لكي يثبت أنه مدير فني جيد؟ الإجابة هي: بالطبع لا. صحيح أن الحصول على البطولات والصعود إلى منصات التتويج هما الهدف الأساسي لأي رياضة، ولا سيما على المستوى الاحترافي، لكن في نفس الوقت سيكون من الظلم إنكار التقدم الواضح الذي حققه بوكيتينو مع توتنهام هوتسبر لمجرد أنه لم يحصل على بطولة مع الفريق.
ولا يعتقد أي شخص، بكل تأكيد، أن آخر مدير فني قاد توتنهام هوتسبر للحصول على بطولة، وهو خواندي راموس، قد قام بعمل أفضل مما يقوم به بوكيتينو الآن. حسناً، لننظر الآن إلى المديرين الفنيين الذين حصلوا على بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي في الآونة الأخيرة: آرسين فينغر ولويس فان غال وروبرتو مارتينيز وروبرتو دي ماتيو وروبرتو مانشيني وكارلو أنشيلوتي وجوس هيدنيك وهاري ريدناب وجوزيه مورينيو. وباستثناء فينغر الذي حقق الكثير من البطولات على مدى سنوات طويلة، فإن مانشيني كان الوحيد من بين هذه الأسماء الذي استمر في منصبه أكثر من عام بعد الفوز بهذا اللقب، وهو ما يعني أن الحصول على الألقاب ليس هو المطلب الوحيد والأساسي.
صحيح أن الفوز بالبطولات هو شيء مهم ويأتي كتتويج للنجاح الذي يحققه أي مدير فني، لكن عندما ننظر إلى الصورة من زاوية أوسع فسنجد فوز توتنهام ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، في أحسن الأحوال، كان سيعدّ تتويجاً للنجاح الذي حققه بوكيتينو وليس إثباتاً أنه مدير فني جيد. وفي الحقيقة، لم يكن المدير الفني الأرجنتيني بحاجة ماسّة إلى الحصول على هذه البطولة، لأنه مهما كان الفائز أو الخاسر في هذه المسابقة فإن كأس الاتحاد الإنجليزي لهذا الموسم سوف تُنسى بنهاية شهر أغسطس (آب) المقبل.
وعندما فاز مانشستر يونايتد على أياكس أمستردام الهولندي في المباراة النهائية للدوري الأوروبي الموسم الماضي، قال المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو إن المدافع الكولومبي دافينسون سانشيز هو أضعف لاعب في خط دفاع أياكس أمستردام، لكن بوكيتينو تعاقد مع هذا اللاعب وحوّله إلى لاعب أساسي في خط دفاع توتنهام واعتمد عليه بصورة كبيرة للدرجة التي جعلته يخرج توبي ألديرفيرلد من حساباته بسبب المشكلات التي كان يثيرها بسبب بنود عقده مع النادي. ويمكن القول إن ما يميز سانشيز عن باقي مدافعي توتنهام هوتسبر هي السرعة، التي تعد عنصراً حاسماً للغاية في فريق يلعب بطريقة تعتمد في المقام الأول على الضغط على الفريق المنافس. لكن يبدو أن قلب دفاع توتنهام يعاني من بعض المشكلات الواضحة والتي جعلت مانشستر يونايتد يسجل هدفين من خلال طريقة بسيطة للغاية وهي رفع الكرة داخل منطقة الجزاء.
ويمكن القول إن الشعور الذي ينتابك وأنت تشاهد مباراتي الدور الأول والثاني بين توتنهام ومانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز هو أنهما كانتا مواجهتين بين جيلين مختلفين، فمن جهة يتسم فريق مانشستر يونايتد بالقوة والصلابة بالشكل الذي مكّنه من تحقيق الفوز في المباراة التي أُقيمت على ملعب «أولد ترافورد» بفضل المشكلات الدفاعية لتوتنهام هوتسبر والقدرة على إنهاء الهجمات، بينما يقف مدافعو توتنهام في أماكنهم كأنهم متجمدون، وعلى الجانب الآخر يتميز فريق توتنهام بأنه يلعب كرة قدم حديثة وقوية مكّنته من الفوز في المباراة التي أقيمت في ملعب ويمبلي بهدفين دون رد، وكان يمكنه الفوز بنتيجة أكبر بكل تأكيد. وقد بدأت مباراة الفريقين في كأس الاتحاد الإنجليزي بنفس الطريقة التي بدأت بها المباراة التي أُقيمت على ملعب «ويمبلي» في الدوري، حيث تميز أداء توتنهام بالسرعة والقوة والحركة وسجل هدفاً مبكراً بطريقة سهلة ومباشرة. لكن هاري كين وكريستيان إريكسون تسابقا في إهدار الفرص السهلة لتأكيد هذا الفوز، قبل أن يتمكن مانشستر يونايتد من إدراك هدف التعادل بعدما قُطعت الكرة من موسى ديمبلي من دون داعٍ في منتصف ملعب فريقه.
وكان هذا تكراراً لما حدث أمام يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا وتكراراً للهزيمة التي تلقاها الفريق أمام تشيلسي في الدور نصف النهائي الموسم الماضي، حيث تقدم توتنهام في هذه المباريات لكنه في كل مرة كان يفشل في الحفاظ على تقدمه والخروج بالمباراة لبر الأمان. ورغم كل المجهود الذي قام به بوكيتينو فإنه لم يتمكن حتى الآن من إيجاد حل للمشكلات الأزلية التي يعاني منها توتنهام.
لا يمكن الحكم على نجاح بوكيتينو مع توتنهام بالبطولات فقط
الخروج من نصف نهائي كأس إنجلترا لا يمنع الاعتراف بتطور الفريق مع المدير الفني الأرجنتيني
لا يمكن الحكم على نجاح بوكيتينو مع توتنهام بالبطولات فقط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة