بنغلاديش: «رانا بلازا» في ثوب جديد بعد 5 سنوات من الانهيار

كانت ثاني أكبر منتج للملابس في العالم بعد الصين

انهار المجمع الصناعي ذو الثمانية طوابق «رانا بلازا» في مدينة سافار
انهار المجمع الصناعي ذو الثمانية طوابق «رانا بلازا» في مدينة سافار
TT

بنغلاديش: «رانا بلازا» في ثوب جديد بعد 5 سنوات من الانهيار

انهار المجمع الصناعي ذو الثمانية طوابق «رانا بلازا» في مدينة سافار
انهار المجمع الصناعي ذو الثمانية طوابق «رانا بلازا» في مدينة سافار

يقضي «مناف خان» يوما جالسا بلا عمل تقريبا في محل الحياكة الذي افتتحه منذ أكثر من 5 سنوات. وفي هذا المحل يضع الرجل سترتين رجاليتين فوق مجموعة قليلة من الملابس الملونة الرثة، وكمية من خيوط البولستر الأبيض داخل صندوق عرض زجاجي. وكان في المحل ماكينة خياطة موضوعة وراء مائدة خشبية. ولا يجد الرجل البالغ من العمر 39 موارد كافية لممارسة عمله، في إحدى ضواحي العاصمة البنغلاديشية دكا.
يقول خان، وهو أحد الناجين من أكبر كارثة صناعية شهدتها بنغلاديش منذ 5 سنوات: «بصعوبة بالغة يمكن أن يأتي زبون للمحل في هذه الأيام. أصبح من الصعب مواصلة عملي لتوفير الاحتياجات الحياتية لأسرتي».
كان أكثر من 1100 شخص قد لقوا حتفهم في 24 أبريل (نيسان) 2013، عندما انهار المجمع الصناعي ذو الثمانية طوابق «رانا بلازا» في مدينة سافار، على بعد 20 كيلومترا شمال العاصمة البنغلاديشية دكا. وكان المجمع يضم 5 مصانع للملابس.
كان خان يعمل في الطابق الأخير من المبنى، وكان واحدا من نحو 2500 عامل، نجحت قوات الإنقاذ في انتشالهم أحياء من بين الأنقاض. وقد حصل على تعويض عما أصابه في الحادث؛ لكنه لم يعد قادرا على العمل في أي مصنع.
ومع ذلك يعتبر خان نفسه محظوظا؛ لأنه تم إنقاذه خلال أول 10 ساعات بعد انهيار المبنى، ويقول إن كثيرين من زملائه الذين تم إخراجهم من بين الأنقاض بعد ذلك حالتهم الصحية أسوأ منه بكثير، رغم أنه ما زال يعاني من ألم شديد في معصمه وفقدان جزئي للذاكرة.
يقول خان إن «الكارثة غيرت عالمي بالكامل، وأصبحت عاجزا عن توفير كل احتياجات أسرتي».
يذكر أن بنغلاديش، هي ثاني أكبر منتج للملابس في العالم بعد الصين؛ لكنها واجهت انتقادات قوية بسبب الأوضاع السيئة التي يعاني منها العمال في المصانع، في أعقاب سلسلة الكوارث الصناعية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.
والحقيقة أن الجهود المشتركة التي بذلتها الحكومة وشركات الأزياء والملابس العالمية التي تنتج منتجاتها في بنغلاديش، وأصحاب المصانع العاملة هناك، والمنظمات العمالية، ساعدت في تحسين حالة مباني المصانع، وتطوير أنظمة مواجهة الحرائق فيها، وهو ما جعل عوامل الأمان والسلامة في هذه المنشآت أفضل من ذي قبل.
وقد وقعت أكثر من 200 شركة أوروبية اتفاقا ملزما من الناحية القانونية، لضمان «سلامة المباني ومواجهة الحرائق في بنغلاديش»، كما شارك «التحالف من أجل سلامة عمال بنغلاديش» الذي يضم 30 شركة أميركية كبرى والسلطات البنغلاديشية، في تفتيش 2266 مصنعا في بنغلاديش، لضمان توافر عوامل الأمن الصناعي وسلامة العمال، بعد كارثة مجمع «رانا بلازا».
من ناحيته، يقول «أمين الحق أمين» رئيس الاتحاد الوطني لعمال الملابس في بنغلاديش، إنه لم تقع أي حادثة كبرى في القطاع خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأضاف أن نقل المصانع من المباني المجمعة إلى مواقع مستقلة، والاعتراف بحقوق النقابات، وتعديل قانون العمل، وتحسين الأجور، كانت من بين التغيرات الإيجابية التي شهدتها البلاد بعد انهيار «رانا بلازا».
ويرى أمين أنه تم بالفعل «اتخاذ خطوات إلى الأمام؛ لكنها ليست كافية، وما زالت بنغلاديش تحتاج إلى مزيد من هذه الخطوات» مشيرا إلى ضرورة تحسين أوضاع العمل في المصانع التي تعمل لحساب الغير. يذكر أن مدة اتفاق سلامة المباني ومواجهة الحرائق في بنغلاديش و«التحالف من أجل سلامة عمال بنغلاديش» تنتهي في مايو (أيار) المقبل، في الوقت الذي تؤكد فيه الشركات الموقعة على الاتفاقين عزمها توقيع اتفاقات جديدة تركز بشكل خاص على حقوق العمال.
من ناحيته، يقول «صديق الرحمن» رئيس اتحاد منتجي ومصدري الملابس في بنغلاديش، إن الاتحاد الذي يرأسه لن يناقش أي اتفاق جديد، مشيرا إلى أنه سيتم تمديد فترة الاتفاقيات الحالية لفترة انتقالية مدتها 6 أشهر، حتى تبدأ الهيئة الحكومية الجديدة الإشراف على المصانع في البلاد.
ويقول «صديق الرحمن»: «يمكننا الآن القول بكل فخر، إن مصانعنا هي الأكثر أمانا في العالم»، مضيفا أن سبعة من أفضل عشرة مصانع في العالم من حيث المحافظة على البيئة، موجودة الآن في بنغلاديش.
يذكر أن قطاع صناعة الملابس والمنسوجات يمثل نحو 80 في المائة من إجمالي عائدات بنغلاديش من التصدير، بحسب «صديق الرحمن» الذي قال إن صادرات بنغلاديش من الملابس بلغت نحو 24 مليار دولار في 2013، ومن المتوقع وصولها إلى 30 مليار دولار خلال العام الحالي.
ويقول «نصير الدين ميا» الرئيس التنفيذي لشركة «وان كومبزايت ميلز» للملابس، الموجودة على بعد 40 كيلومترا شمال دكا، إن سلامة العمال أصبحت أولوية دائمة، مضيفا أنه يمكن الآن إخلاء مبنى المصنع والشركة خلال دقيقة واحدة في حالة حدوث حريق، وأنه يجري بشكل دوري تدريبات على مواجهة الحرائق، وأن المصنع لديه خطط إخلاء إرشادية معلقة على السلالم، وطفايات حريق منتشرة عند الجدران، وعلامات إرشادية مرسومة على أرضية الممرات داخل المصنع، تشير إلى مخارج الطوارئ.
في الوقت نفسه، فإن الحد الأدنى للأجور في قطاع الملابس في بنغلاديش، الذي ارتفع من 3000 تاكا بنغلاديشية إلى 5300 تاكا (64 دولارا) شهريا للعامل المبتدئ بعد كارثة «رانا بلازا» يعتبر غير مناسب، حيث تطالب النقابات العمالية بزيادته إلى 16 ألف تاكا شهريا.
ولمح وزير الإعلام البنغلاديشي «حسن الحق إينو» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى احتمال زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة كبيرة، داعيا الشركات الغربية إلى زيادة الثمن الذي يدفعونه لشراء الملابس المصنوعة في بنغلاديش، من أجل مساعدة العمال والصناعة في بلاده.
وفي ذلك الوقت، قال الوزير إنه يمكن زيادة أجور العمال إذا ما زاد المشترون أسعار الشراء، مشيرا إلى أن زيادة السعر بواقع دولار واحد أو دولارين لن يضر بالأسواق الغربية، في حين أن «زيادة السعر دولارين بالنسبة لأي عامل يمثل شيئا كبيرا».
وقال «إينو» إن بنغلاديش ضخت استثمارات كبيرة لكي تفي بالشروط التي وضعتها الشركات الغربية التي تشتري منتجات مصانع بنغلاديش. ويتفق «نصير الدين ميا» مع وجهة نظر «إينو» بالنسبة لضرورة زيادة أسعار بيع المنتجات للشركات الغربية والمستهلكين الغربيين. يقول ميا: «إنه (المستهلك الغربي) لن يصبح فقيرا، إذا دفع دولارا إضافيا في سعر قطعة الملابس من أجل العمال» في بنغلاديش.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.