قليلة هي الأماكن في العالم التي تفوق هولندا في تهديديها للمظلات، إذ إن هذا البلد يعيش في خطر الرياح العاتية والأمطار القوية بصورة دائمة.
ككثير من المواطنين الهولنديين، كبر جيروين هوجيندورن على عادة استبدال المظلات المكسورة بعد الأعاصير. ولكن بعد خسارته ثلاث مظلات في أسبوع واحد، قرّر هوجيندورن، الذي كان طالب دراسات عليا في مجال الهندسة الصناعية والهندسة في ذلك الوقت، أنّه لم يعد يحتمل هذا الأمر.
وقال هوجيندورن، الذي يبلغ 38 عاماً من العمر: «بعد القيام ببعض الأبحاث، اكتشفت أنّ أكثر من مليون مظلّة، أي ما يعادل وزن 70000 فيل، ترمى في المهملات كلّ عام. لذا سئمت من هذه الحالة وقررت أن الوقت قد حان لحلّ هذه المشكلة».
تسخير الرياح
بعد تحليل عشرات المظلات المكسورة التي جمعها من سلال المهملات بعد العواصف الممطرة، وصل هوجيندورن إلى النظرية التالية: إن الهدف الرئيسي في تصميم مظلّة أفضل يجب أن يكون تسخير الرياح لصالح الإنسان، وليس استخدام المظلّة لحجب الرياح. وكراكب دؤوب للأمواج البحرية الشراعية منذ سن الثامنة، أدرك هوجيندورن أنّه فهم هذا المبدأ بطريقة غريزية. بعدها، ظهر نموذج تجريبي لمظلّة «سينز» Senz بالاعتماد على مواد غير الغراء وآلة والدته للخياطة. تبدو المظلّة المبتكرة، والقادرة على الصمود أمام رياح تتجاوز سرعتها الـ70 ميلا (الميل 1.6 كلم) في الساعة بحسب الشركة المنفذة، كمزيج من طائرة الشبح ورداء الرجل الوطواط، وهي مصممة لتحقيق التوازن في الرياح القوية بدل أن تتكسّر أمامها.
بعد تسعة أيام على طرحها في الأسواق للبيع في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، باع هوجيندورن وشريكاه أكثر من 10000 مظلة، مما أدّى إلى نفاذها كلياً. وبذلك، أصبحت مظلّة هوجيندورن «المضادة للرياح» مشهداً مألوفاً في الشوارع الهولندية، وبرزت أخيراً في صدارة لائحة المظلات المستخدمة في الولايات المتحدة، والسبب يعود بالطيع إلى فرادتها.
تتراوح أحجام المظلات بين مقاس الجيب إلى أدوات كبيرة تكفي لتغطية أرضية مركب شراعي. وشهدت هذه الأدوات بعض التغييرات في السنوات الألف الماضية، إذ تعود المظلات الكبيرة الواقية من أشعة الشمس إلى حقب قديمة كالمصرية واليونانية والهندية والرومانية.
أفضل المظلات
وحول أفضل المظلات بحسب خبراء الموضة والسفر، يفيد موقع «أمبريلا هيستوري.كوم» بأنّه «منذ ظهور أولى المظلات الحريرية في الصين، فإنها شكّلت أعمالاً فنية حقيقية، مما جعلها حكراً على التجار الميسورين والعائلات النبيلة وأفراد العائلات الملكية. وزيّن العمال الصينيون الواجهة الحريرية العلوية من هذه المظلات المصنوعة من لحاء أشجار التوت والبامبو، بتصاميم متعدّدة كصور التنانين والمناظر الطبيعية، والحيوانات والشخصيات المعروفة والورود والأساطير والكتابات».
ولكن المشكلة الشائعة التي تعاني منها غالبية المظلات، بناء على شهادة معظم من عاشوا عواصف عاتية، هي أنّ مفاصل المظلّة، التي تعتبر عامل السحب في المظلّة، هي في الوقت نفسه موطن الضعف فيها، لأنها سبب هشاشتها أمام الرياح العاتية التي تجتاح قماشها. وفي أفضل الأحوال، إن لم تحطم الرياح القوية المظلة بشكل كلّي، ستكسر مفاصلها وتقلبها رأساً على عقب.
وعلى الرغم من تميّز «سينز» بتصميم فريد من نوعه، فإنها قوبلت ببعض الانتقاد. إذ يتذمّر بعض المستخدمين من أن شكلها الغريب يصعّب تخزينها ويحول دون حمايتها لأكثر من شخص واحد تحت المطر.
تصميم متميز
صمم هوجيندورن مظلة «سينز» بشكل يتيح تحويل اتجاه الرياح، مما يسمح للمظلة بالطوفان فوق الرياح القوية كطائرة ورقية. كما أنّه أعفى تصميمه من عنصر المفاصل واستبدل بها أضلعا قوية يستحيل قلبها. حين تخترق الرياح أسفل «سينز»، تتوازن المظلة بدل أن تنقلب. وكانت الشركة قد استعرضت متانة المظلة من خلال وضع موظفيها في أنفاق عاصفة بوضعية مواجهة لاتجاه قوة الرياح.
ينقلب رأس المظلة إلى الأعلى على شكل زاوية حتى لا تعيق نظر المستخدم، وتغيب عن تصميمها المبتكر الأطراف المستدقة التقليدية التي تهدّد عيون المشاة في الشوارع. كما يتيح مقبض المظلة انقلاب الأداة على نفسها حين تتواجه مع الرياح.
يدّعي هوجيندورن أنّه يستطيع حمل هذه المظلة بإصبعين فقط ودون مشاكل في مواجهة رياح تصل سرعتها إلى 40 ميلا في الساعة.
وقال المصمم: «مظلتنا مختلفة؛ فحين تدخل الرياح إلى أسفلها، تنقبض جهتها الخلفية، مما يؤدي إلى تحويلها باتجاه الرياح نفسه وهذا ما يحتاجه الناس لأن المطر يأتي غالباً من جهة الرياح».
* خدمة «واشنطن بوست»
مظلّة مبتكرة ضدّ الأعاصير في هولندا
تسخر الرياح لصالح الإنسان
مظلّة مبتكرة ضدّ الأعاصير في هولندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة