«أبو نظارة» و«الدبور» و«النديم»... جرائد أضحكت العرب حتى اختفت

مساعٍ لاستعادة الصحافة الفكاهية رغم التضييقات القضائية

كشك للصحف والمجلات في القدس القديمة عام 1984 لم تغب عنه المطبوعات الفكاهية (غيتي) - «أبو نظارة» أسسها المصري يعقوب صنوع عام 1876 قبل أن ينفى إلى باريس - دمجت مجلة «الكواكب» في عام 1934 مع مجلة «الفكاهة» وسُميت   المطبوعة الجديدة «الاثنين»
كشك للصحف والمجلات في القدس القديمة عام 1984 لم تغب عنه المطبوعات الفكاهية (غيتي) - «أبو نظارة» أسسها المصري يعقوب صنوع عام 1876 قبل أن ينفى إلى باريس - دمجت مجلة «الكواكب» في عام 1934 مع مجلة «الفكاهة» وسُميت المطبوعة الجديدة «الاثنين»
TT

«أبو نظارة» و«الدبور» و«النديم»... جرائد أضحكت العرب حتى اختفت

كشك للصحف والمجلات في القدس القديمة عام 1984 لم تغب عنه المطبوعات الفكاهية (غيتي) - «أبو نظارة» أسسها المصري يعقوب صنوع عام 1876 قبل أن ينفى إلى باريس - دمجت مجلة «الكواكب» في عام 1934 مع مجلة «الفكاهة» وسُميت   المطبوعة الجديدة «الاثنين»
كشك للصحف والمجلات في القدس القديمة عام 1984 لم تغب عنه المطبوعات الفكاهية (غيتي) - «أبو نظارة» أسسها المصري يعقوب صنوع عام 1876 قبل أن ينفى إلى باريس - دمجت مجلة «الكواكب» في عام 1934 مع مجلة «الفكاهة» وسُميت المطبوعة الجديدة «الاثنين»

لماذا يزدهر لون صحافي معين ولماذا يختفي؟ ما الذي أدى لظهور الصحافة الفكاهية وصدور عدد من المطبوعات المخصصة لها؟ كيف توارى ذلك اللون الصحافي تدريجياً من العالم العربي إلى أن اقتصر على بعض الأبواب الأسبوعية أو مقالات الرأي ذات الطابع الفكاهي؟ هل لعب الجمهور دوراً في ذلك أم أنها كانت وليدة ظروف سياسية واقتصادية معينة؟ وهل وجدت منبراً آخر غير الصحافة الورقية؟
تساؤلات كثيرة تُطرح عند الحديث عن الصحافة الفكاهية، التي كانت من أبرز فنون الكتابة الصحافية في نهايات القرن التاسع عشر وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين. رغم توقفها وإغلاقها المتكرر لأسباب سياسية؛ فإن العالم العربي حفل بعدد لا بأس به حيث كانت بمصر: «أبو نظارة» و«الكشكول» و«خيال الظل» و«التبكيت والتنكيت» و«حمارة منيتي»، ومن أشهر الصحف الساخرة التي عرفتها البلاد العربية في بداية العشرينات من القرن الماضي، «المضحك المبكي» و«الدومري» في سوريا، و«الدبور» في لبنان، و«النديم»، و«الصريح» في تونس، و«الصح آفة» في الجزائر، و«الفكاهة» في الكويت، كل تلك المجلات وأكثر، اضمحلت لتصبح عموداً واحداً في قليل من الصحف ولعل أشهرها الآن مقال الأستاذ «مشعل السديري» في «الشرق الأوسط».
وأخيراً، أفردت جريدة القاهرة الأسبوعية الثقافية صفحات للصحافة الفكاهية تحت عنوان «الضحك طالع سلم التروماي» تقدم مقالات ساخرة ممزوجة بحس أدبي رفيع من الأوضاع الاجتماعية والعادات والتقاليد ومجريات الحياة اليومية، مما أثار التساؤلات عن سر اختفاء هذا اللون الصحافي الجميل.
وحول الفكرة يقول الكاتب الصحافي عماد الغزالي، رئيس تحرير القاهرة لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الفكرة بأننا نود أن يكون هناك باب متغير في الجريدة يقدم للقارئ مادة مختلفة بشكل شهري على أن يكون للأدب الساخر نصيب منها، وكان هذا اقتراح الزميل إبراهيم حمزة، وبعد أن خصصنا صفحة واحدة أصبحت 4 صفحات شهرياً». مضيفاً: «الصحافة الثقافية ليست فقط أدب وشعر وقصة ونقد تخاطب فئة بعينها، بل لا بد أن تقدم مواد تناسب جميع القراء وتجذبهم بمضمون مرح خفيف الظل ممزوج بكتابة رفيعة».
يؤمن الغزالي بأن الصحافة بوجه عام في حاجة ماسة إلى الصحافة الفكاهية، حيث كان يوجد محمد عفيفي وأحمد رجب ومحمود السعدني وجلال عامر، مؤكداً: أن «الثقافة شمولية وتعالج جميع القضايا بشكل غير مباشر، ومنذ أن بدأنا محاولات استعادة الصحافة الفكاهية بصحيفة (القاهرة) وجدنا أقلاماً مبدعة لشباب موهوبين غير مشهورين؛ لذا حرصت على تخصيص المساحة التي باتت غير موجودة لهم؛ لأن عدم وجود الصحافة الفكاهية أمر غير مقبول في مصر تحديداً». ولا يرى الغزالي أن السبب هو قلة الموهوبين بل «هناك مبدعون كثر لكن لا توجد لهم مساحة، ولا شك أن تراجع الصحافة الورقية بشكل عام هو أهم وأكبر الأسباب التي تعاني منها الصحافة الفكاهية».
في مصر، بدأ هذا النوع من الصحافة على يد يعقوب صنوع عام 1876 حينما أصدر مجلة «أبو نظارة» واختار اسمها لسبب طريف هو أنه عقب اجتماعه بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده لاختيار اسم مناسب لمطبوعته الجديدة، وجد عدد من «المكارية» أصحاب الحمير التي كانت وسيلة المواصلات العامة آنذاك يحاول استمالته للركوب معهم، فكانوا ينادون عليه «أبو نظارة» أعجبته التسمية واختارها لمطبوعته التي سخرها لنقد الخديوي إسماعيل، وكان كلما استصدر أمراً بإغلاقها ومصادرتها أصدرها صنوع تحت اسم آخر فكانت تصدر تحت اسم «أبو نظارة صفراء»، أو «أبو نظارة زرقاء»، أو «أبو صفارة». وحينما نفاه إلى باريس أصدر مطبوعة تحت مسمى «رحلات أبو نظارة» وأخرى بعنوان «النظارات المصرية»، وكان قد ابتكر شخصية «شيخ البلد» متهكماً على الخديوي إسماعيل.
يسلط الدكتور رامي عطا أستاذ الصحافة بأكاديمية الشروق للإعلام، الضوء على تحور هذا النوع من الصحافة المتخصصة قائلاً: «بدأ هذا النوع من الصحافة في مصر منذ عهد سحيق فمن المعروف أن (المصري ابن نكتة) وقد أرخ لذلك على جدران المعابد الفرعونية التي حفلت بأشكال كاريكاتيرية لأغراض سياسية واجتماعية». مضيفاً: «يعتبر يعقوب صنوع رائد الصحافة الفكاهية في العالم العربي، وكان يستخدم الكاريكاتير والرسوم ساخراً من الخديوي إسماعيل، وتبعه عبد الله النديم حيث رسخ هذا اللون من خلال مجلة (التنكيت والتبكيت) وكان مسانداً للثورة العرابية واهتمت بموضوعات وقضايا التعليم والأمية وبصبغة فكاهية انتقد لعب القمار وشرب الخمور».
وقال عطا لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن السبب الرئيسي وراء تراجع هذا النوع من الصحافة هو التضييق عليها والاتهامات التي تلاحق هذه الصحف والملاحقات القضائية لها، لكن بوجه عام أسهمت الظروف السياسية والاقتصادية في الوطن العربي في تدهور هذا النوع من الصحافة». موضحاً: «لا شك أن أزمة الصحافة الفكاهية هي جزء من أزمة الصحافة المطبوعة بوجه عام، لكن لا غنى عن هذا اللون الغني بالإبداع والإمتاع، من وقت لآخر يظهر ملحق بأحد الصحف ثم يختفي، فقد صدر منذ عدة سنوات (ملحق مصر الحلوة) بالأهرام، وملحق (أجازة) بأخبار اليوم، وغيرها».
ويعتبر عطا أن «الأزمة ليست في الكتاب بل هناك كثير من الأسماء الشبابية التي يمكن أن تنهض بهذا اللون الصحافي، لكن على نقابة الصحافيين وكليات الإعلام أن تشجع الصحف على إعادة هذا اللون، لأننا فعلاً بحاجة إليه، رغم انتشار الكتب الساخرة وصفحات الإنترنت لكنها لا تقدم ما كانت تحفل به المجلات الفكاهية من أسلوب ومعلومات».
أما الدكتور محمود عزت، صاحب كتاب «دار الهلال... مؤسسة التنوير» الذي قام من خلاله بدراسة كل إصدارات ومطبوعات هذه الدار العريقة بما فيها الصحف الفكاهية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «سمة هذا النوع من الصحافة الظهور والاختفاء وفقاً للأحوال السياسية والاقتصادية، فمثلا: في عام 1934 دمجت مجلة (الكواكب) مع مجلة أخرى اسمها (الفكاهة) أصدرتها دار الهلال في أول ديسمبر (كانون الأول) عام 1926، وسُميت المجلة الجديدة باسم مجلة الاثنين (الكواكب والفكاهة)».
بعد ذلك كان لدى دار الهلال مجلة أخرى تدعى «الدنيا المصورة» أصدرتها عام 1929 لكنها توقفت، أرادت إدارة الهلال إعادة إصدار هذه المجلة فقامت بدمج مجلة الاثنين «الكواكب والفكاهة» مع مجلة الدنيا المصورة وسُميت «الاثنين والدنيا»، وأصبحت الكواكب جزءًا من مجلة الاثنين اعتباراً من يونيو (حزيران) عام 1934. مثلت مجلة «الاثنين والدنيا» الفكر الجديد والرأي الحر، فقد كانت موضوعاتها تعالج مشكلات الشباب العاطفية والاجتماعية وكانت تمزج بين النقد والتوجيه والنكتة التي تحمل البهجة والسرور، وتولى رئاسة تحريرها عدد من كبار الصحافيين مثل علي أمين، وإميل زيدان، ونسيم عمار، وصالح جودت، وربيع غيث، واستمر يشغل هذا المنصب إلى أن توقفت المجلة نهائيّاً عن الصدور في أبريل (نيسان) 1961.
أما عن تاريخ الصحافة الفكاهية في العالم العربي، فقد كان هذا النوع من الصحافة مزدهراً أيضاً في العراق، فقد كانت «مرقعة الهندي» أول صحيفة أدبية مصورة ساخرة، لصاحبها أحمد حمدي، وصدرت في 7 يناير (كانون الثاني) عام 1909 وتوقفت في 23 مايو (أيار) 1912 وصدر منها 26 عدداً، تحت هذا الاسم الذي تغير إلى البصرة الفيحاء في 2 يناير 1911. واستعادت اسمها السابق «مرقعة الهندي» وصدر منها 44 عدداً، أحرزت شهرة واسعة لأسلوبها الساخر القائم على النقد. وقد اتخذت موقف المعارضة من حزب الاتحاد والترقي، تلاها عدد من الصحف منها «الغرائب» عام 1913، و«الهزل» عام 1924، وأيضاً «حبزبوز» عام 1933، لكن العراق ظلت من أكثر الدول التي عانت فيها «الصحافة الفكاهية» من القمع والمصادرة.
يقول فنان الكاريكاتير العراقي حمودي عذاب، رئيس جمعية رسامي الكاريكاتير في العراق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الصحافة الساخرة في زمن النظام السابق مكبلة؛ وعلى أثر ذلك هاجر أغلب رسامو الكاريكاتير إلى خارج العراق خوفا من البطش، أما القسم الآخر فقد امتهن مهنة أخرى كالتصميم والإخراج الصحافي خوفا من الخوف المهيمن على عموم الصحافة العراقية».
وأضاف: «أسسنا جمعية رسامي الكاريكاتير في العراق بعد أن كانت نقابة الصحافيين العراقيين تؤوينا من خلال لجنة الكاريكاتير التي انبثقت من رحم النقابة؛ لكن نتيجة الفهم الخاطئ لهذا الفن من قبل النقابة همشت لجنة الكاريكاتير؛ وأصبح عملنا من خلال المعرض الجماعية المشتركة، حيث جسدنا كل السلبيات والإيجابيات من خلال الكاريكاتير، حيث كانت تلك المعرض متفاعلة مع الواقع العالمي والعربي والعراقي رغم المعاناة الذي كان، ولا يزال رسام الكاريكاتير العراقي يعني منها نتيجة الفهم الخاطئ لهذا الفن المفرح المبكي».
أما عن تجربته في نشر مجلة «الفلقة» من خلال جمعية رسامي الكاريكاتير، فيروي عذاب: «أسسنا مجلة (الفلقة) الساخرة سنة 2008 هذه المجلة التي أرعبت الفاسدين كونها التجربة الأولى في العراق تعنى بالصحافة الساخرة من الغلاف الأول للغلاف الأخير، وتجسد أخطاء الفاسدين بأسلوب كاريكاتيري جريء، وتعرضت هذه المجلة وكوادرها للتهديد، توقفنا عن العمل في هذه المجلة الفتية الساخرة عام 2011».
وأناشد كل المؤسسات العالمية والعربية، خاصة العراقية، أن تقوم بإجراءات مهنية فورية لإنقاذ الصحافة الساخرة في العراق خاصة الكاريكاتير.
في السياق ذاته، يرى الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، أن المشكلة الأساسية التي تواجه الصحافة الفكاهية تتعلق بإشكالية عدم وجود إيمان بأهمية الصحافة الورقية حاليا، وتواري ظاهرة الصحافي والرسام اللذين يعملان جنبا إلى جنب... والسؤال الأهم هل هذا النوع بات مطلوباً من القارئ؟.
ويقول علم الدين لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد أن نعي جيداً أن كل الظواهر التي ساهمت في ظهور وازدهار هذا اللون لم تعد موجودة الآن وتغيرت، إلى جانب وجود التلفزيون منذ نهاية الستينات ووجود موجات البث المباشر التي بدأت تحتل الاهتمام الأكبر لدى الرأي العام العربي، وبالتالي تراجعت الصحافة الفكاهية كمواد مسلية وإخبارية طريفة، فالصحافة المطبوعة عامة تواجه معركة بقاء».
ويشير إلى أن «الموهوبين من الشباب أيضاً وجدوا متنفساً لديهم من مدونات وصفحات ومواقع عبر فضاء الإنترنت، وأيضاً برامج بث على الإنترنت يعبرون فيها عن آرائهم وانتقاداتهم للواقع من حولهم في اللحظة نفسها التي يقع فيها الحدث أحياناً».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.