وزير إسرائيلي يهدد «حماس» بتوسيع الاغتيالات إذا أصرت على الانتقام

ليبرمان ينفي المسؤولية... وخبراؤه يرون التصفية «عملية على طريقة الموساد»

طلاب البطش أمام جناح تشريح الجثث في مستشفى سيلايانغ في كوالالمبور أمس (أ,ف.ب)
طلاب البطش أمام جناح تشريح الجثث في مستشفى سيلايانغ في كوالالمبور أمس (أ,ف.ب)
TT

وزير إسرائيلي يهدد «حماس» بتوسيع الاغتيالات إذا أصرت على الانتقام

طلاب البطش أمام جناح تشريح الجثث في مستشفى سيلايانغ في كوالالمبور أمس (أ,ف.ب)
طلاب البطش أمام جناح تشريح الجثث في مستشفى سيلايانغ في كوالالمبور أمس (أ,ف.ب)

على الرغم من عدم اعتراف إسرائيل الرسمي بتنفيذ عملية اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش، في ماليزيا، وتصريحات وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، بأنه «يرجّح أن يكون مقتله جرى في إطار تصفية الحسابات الداخلية المعهودة بين تنظيمات الإرهاب»، أجمع الخبراء والمحللون الإسرائيليون على أن «عمليةً نظيفة كهذه تمت بهذه التقنية العالية، يرجّح أن تكون من تنفيذ جهاز مخابرات قدير مثل الموساد». وفي الوقت ذاته، خرج وزير المواصلات والمخابرات والطاقة الذرية الإسرائيلية يسرائيل كاتس، أمس (الأحد)، يتوعد قادة حركة حماس وتحديداً رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، إذا حاولت حركته الثأر لمقتل البطش.
وقال كاتس: إن «على هنية وقادة (حماس)، الذين يهددون بنقل المعركة إلى الخارج واستهداف ضباط الجيش الإسرائيلي خارج البلاد، عقب اغتيال البطش في ماليزيا، أن يفهموا أن إسرائيل سترد بقسوة». وقال: «ليعلم هنية حينها أن قواعد اللعبة قد تغيرت، وأنصح السيد هنية أن يتحدث قليلاً ويحْذر كثيراً، فنقل المعركة ضد إسرائيل إلى الخارج، سيكون بمثابة اجتياز خط أحمر، وحينها سنعود لسياسة الاغتيالات». وأضاف كاتس: «إذا تمّ تنفيذ عمليات ضدنا في الخارج، فسوف يجري اغتيال قيادات (حماس)، وأنصحهم بالتفكير ألف مرة قبل تنفيذ تهديداتهم بنقل المعركة إلى الخارج».
كان مجهولون قد اغتالوا البطش (35 عاماً)، في أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر في المسجد القريب من منزله، حيث يقيم في مدينة «جومباك» شمال العاصمة الماليزية كوالالمبور. ورداً على اتهام الموساد الإسرائيلي باغتياله، قال كاتس: «إسرائيل لا تعقّب ولا تتطرق إلى مثل هذه الحوادث، ولكن وفقاً لما تم نشره حتى الآن، حول أعمال الرجل الذي تم اغتياله، وتهديدات قادة (حماس) في غزة، من الواضح أن هذا ليس صديقاً كبيراً، ولا يوجد لدى المواطنين الإسرائيليين أي سبب للبكاء وذرف الدموع عليه، فحركة حماس جزء من محور الشر الإيراني في المنطقة، والعديد من العناصر في هذه المنطقة، وليس فقط إسرائيل، لها مصلحة في الإضرار بقدراتها».
وبنفس الروح، تكلم وزير الأمن الإسرائيلي ليبرمان، الذي أعلن أن إسرائيل لن تسمح بإدخال جثمان البطش كي يُدفن في قطاع غزة المحاصر. وأشار إلى أنه «طالب الجانب المصري بعدم السماح بذلك عبر معبر رفح». وقال إن «الذين يسارعون إلى اتهام إسرائيل باغتياله، يتجاهلون حقيقة أن التنظيمات الإرهابية نفّذت الكثير من تصفيات الحساب داخلها وحاولت اتهام إسرائيل».
بيد أن وسائل الإعلام الإسرائيلية خرجت أمس، بتقارير ذات مضمون واحد حول شخصية فادي البطش، واضح أن مصدرها الأمني واحد. فقالت إنه كان قد تجند للذراع العسكرية لحركة حماس، حتى قبل أن يسافر للتعلم والتعليم في كوالالمبور في 2011. ويقدّر أنه أرسل إلى ماليزيا، على ما يبدو، بتكليف من «حماس»، لتعميق عمله في مجالات الهندسة الكهربائية والإلكترونية. ولاحقاً استخدمته «حماس» في مهام مشتريات مختلفة لعتاد متطور في مجالين أساسيين: الصواريخ والطائرات المسيّرة. وذلك مع التشديد على عناصر في مجالات الإلكترو - بصرية، تستخدمها «حماس». وفي السنة الأخيرة، بدأ البطش نفسه يعمل أيضاً في البحث والتطوير. وكان نشاطه في مختبرات جامعة محلية، جزءاً من فكرة أوسع لدى «حماس»، تستهدف توزيع مراكز البحث والتطوير الخاصة بها، على أوسع نطاق، ونقلها إلى خارج قطاع غزة والضفة الغربية. وتفعّل الحركة ذلك لأسباب عدة:
أولاً، الابتعاد عن إسرائيل وأذرعها الاستخبارية.
ثانياً، الابتعاد عن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.
ثالثاً، وضع رجال «حماس» ذوي العلم في مناطق يمكنهم فيها بسهولة أكبر –بالنسبة إلى غزة على الأقل– اكتساب العلم، وإثراء أنفسهم بالعلم المتطور والتعليم.
رابعاً، وضعهم في أماكن يكون من السهل عليهم شراء مواد خام وأجهزة لعملهم.
وقالت هذه التقارير، إن هناك أساساً للاعتقاد بأن البطش عمل في مجالات البحث والتطوير للقدرات الإلكترو - بصرية الجديدة لتحسين مستوى دقة الصواريخ، وكذا تحسين أجهزة التوجيه والتحكم عن بعد للطائرات المسيّرة. وإن كانت إيران غير ضالعة مباشرة في هذا النشاط، ولكنها هي الممول الأساس.
وتابع أحد التقارير: «تعد إصابة البطش عملياً، الطرف المكشوف والصاخب لجهد استخباري على مستوى العالم، يشارك فيه على ما يبدو، العشرات، وربما أكثر من رجال استخبارات من مهن وخبرات مختلفة لا تُحصى ممن شخصوه (خطراً واضحاً وفورياً)، يبرر، من ناحية عملياتية استخبارية قانونية بل وأخلاقية اتخاذ مثل هذه الخطوة الحادة. وإذا كانت إسرائيل هي التي تقف بالفعل خلف التصفية، فإن إصابة هدف بعيد خلف البحر تعود لفكرة قتالية أوسع في مركزها: التصميم للمس بوحدات البحث والتطوير لـ(حماس)، حتى لو كانت بعيدة، في مرحلتها الجنينية قبل أن تنجح في تطوير القدرات العملياتية».
واقتبس التقرير أقوالاً كان قد أدلى بها رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، هذا نصها: «المعركة هي اسم اللعبة. مهمتنا نزع قدرات استراتيجية من الأعداء من شأنها أن تمس بسلامة مواطني دولة إسرائيل. عند الحاجة يجب المس بالأعداء أنفسهم، لكن فقط حين يكون الأمر جزءاً من الفكرة التي تتضمن وسائل عديدة». ثم اقتبس أقوال الرئيس الأسبق للموساد مئير داغان، إذ تحدث عن «سلسلة أعمال سرية مركزة ستؤدي إلى تغيير الواقع الاستراتيجي». وقال: «في حالة أن يكون الموساد بالفعل هو الذي يقف خلف الاغتيال، فلا بد أن يكون كوهين ورجاله قد عرضوا على رئيس الوزراء نتنياهو (الذي يذكر أنه تكبد في عهد داني ياتوم ومئير داغان في رئاسة الموساد خيبات أمل من التصفيات في الخارج) خطة أقنعته، من حيث التنفيذ، ولا يقل أهمية عن ذلك من حيث فرار منفّذي العملية من موقع الحادث، من دون أن يتركوا أي أثر».
يذكر أن رئيس حزب «البيت اليهودي» في إسرائيل، وزير التعليم نفتالي بينيت، اقترح مساء أول من أمس (السبت)، عدم السماح لمصر بنقل جثمان فادي البطش ودفنه في قطاع غزة، إلا بعد إعادة جثتَي الجنديين الإسرائيليين، هدار غولدين وأورون شاؤول، المحتجزتين لدى «حماس» في القطاع. وقد تبنت عائلة الجندي هدار غولدين، هذا الموقف، وتوجهت برسالة رسمية إلى منسق الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس الحكومة يارون بلوم، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يوآف مردخاي، وإلى السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الضابط إليعيزر طولدانو، مطالبةً من خلال الرسالة، الحكومة الإسرائيلية عدم السماح بإعادة جثمان المهندس البطش، وعدم دفنه في غزة. وقالت عائلة غولدين، إنها تعارض بشدة نقل جثمان البطش لدفنه في غزة «ما دامت استمرت (حماس) في احتجاز جنود الجيش والمدنيين الإسرائيليين».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.