توجه لانضواء بري وجنبلاط في تكتل نيابي واحد بعد الانتخابات

عبد المجيد صالح لـ {الشرق الأوسط} : الحلف السياسي بينهما «أمر محسوم»

جنبلاط وبري في لقاء يعود إلى عام 2015 (موقع رئيس مجلس النواب اللبناني)
جنبلاط وبري في لقاء يعود إلى عام 2015 (موقع رئيس مجلس النواب اللبناني)
TT

توجه لانضواء بري وجنبلاط في تكتل نيابي واحد بعد الانتخابات

جنبلاط وبري في لقاء يعود إلى عام 2015 (موقع رئيس مجلس النواب اللبناني)
جنبلاط وبري في لقاء يعود إلى عام 2015 (موقع رئيس مجلس النواب اللبناني)

رغم كل التحولات السياسية التي شهدها لبنان في السنوات الماضية، ورغم تفكك معظم التحالفات مؤخرا تبعا لمصالح انتخابية، ظل الحلف السياسي الذي يجمع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط صامدا ومتماسكا، مع ترجيح تشكيلهما بعد الاستحقاق النيابي تكتلا نيابيا واحدا لم تتبلور حتى الساعة معالمه كما الفرقاء الآخرين الذين قد ينضمون إليه.
ولطالما كان حلف بري - جنبلاط عابراً للاصطفافات السياسية أبرزها اصطفافي 8 آذار و14 آذار، باعتبار أنّه فيما ظل رئيس البرلمان أحد الأركان الأساسية لـ8 آذار، كان جنبلاط أحد رموز ما يسمى «ثورة الأرز» وفريق 14 آذار، إلا أن ذلك لم يُفسد للود قضية، فبقيا على تنسيق وتعاون دائم ومستمر منذ أيام الحرب الأهلية وفي كل المراحل حتى حين كان الانقسام في ذروته.
وبعد تفكك الحلف الذي جمع ولسنوات النائب وليد جنبلاط برئيس الحكومة وتيار «المستقبل» سعد الحريري كما حلف الحريري - بري نتيجة التفاهم السياسي الذي عقده «المستقبل» مع «التيار الوطني الحر»، وهو ما ظهر جلياً في الأشهر الماضية، بدأ الحديث الجدي عن الاصطفافات السياسية التي ستنتج عن الانتخابات النيابية، مع ترجيح قيام تحالفات وتكتلات جديدة لا تشبه بشيء ما كان عليه اصطفاف 8 آذار و14 آذار.
ويرى النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، عبد المجيد صالح، أن «التحولات سمة أساسية في السياسة، فمجمل التحالفات متحركة وغير ثابتة خاصة تلك التي تقوم في زمن الانتخابات، وهو ما نعايشه حاليا من خلال انقلابات جذرية»، لافتاً إلى أن «ما يجمع الرئيس بري بالنائب جنبلاط مختلف تماما وهو (حلف وطني)، كان وسيبقى مستمرا باعتبار أن الرجلين من قامات وأعمدة هذا البلد ومن قياداته التاريخية التي تكبر بالإجماع الوطني حولها». وأضاف: «الزعيمان استخدما الخرزة الزرقاء، التي يتحدث عنها تيار (المستقبل) اليوم، من زمن بعيد لإبعاد العين، ولعل ذلك ما أبقى حلفهما صامدا في وجه كل التحديات والرياح».
ويعتبر صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحلف بين جنبلاط وبري بعد الانتخابات النيابية «أمر محسوم»، مؤكدا أنهما سيكونان سويا تحت قبة البرلمان. وعما إذا كان الحلف سيضم جنبلاط إلى بري و{حزب الله}، قال: «هذا أمر يُسأل عنه الحزب وجنبلاط، وإن كان يمكن اعتماد معادلة (حليف الحليف)، حتى ولو كانت تجربتنا معها غير ناجحة وبالتحديد بيننا وبين (التيار الوطني الحر)».
وبعد تدهور العلاقة بين جنبلاط والحريري، أعلن الأول، أنه «لا حليف له سوى نبيه بري»، متحدثاً عن «حلف تاريخي، عاطفي، سياسي نضالي قديم» بينهما. وقد أسس اللقاء الذي جمع منتصف الأسبوع الماضي بري بالمرشح عن المقعد الدرزي في دائرة الشوف - عاليه تيمور، وليد جنبلاط لمرحلة جديدة في علاقة رئيس البرلمان بالزعيم الدرزي الذي قرر قبل فترة التخلي عن مقعده النيابي لمصلحة نجله، تمهيداً لتسليمه كل مهامه السياسية والاجتماعية. ووصف تيمور بري بعد اللقاء الذي جمعهما بـ«الحليف والضمانة وطنية حقيقية للمحافظة على الاستقرار في البلد وعلى التوازن واتفاق الطائف». وقال: «كنا سويا ومررنا في ظروف صعبة وحققنا الكثير، وفي المستقبل إن شاء الله سنحقق أكثر».
واعتبر مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، أن زيارة تيمور جنبلاط إلى دارة الرئيس بري في جنوب لبنان، تأتي للتأكيد على متانة العلاقة بين الزعمين بري وجنبلاط والسعي المشترك لتطويرها، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التوجه بعد الانتخابات النيابية هو لتعميق هذه العلاقة وتعزيزها سياسيا وبرلمانيا». وأضاف: «حتى الساعة لم تتبلور الرؤية بشكل مكتمل وننتظر انتهاء الانتخابات كي يتبين الفرز السياسي الذي سينتج عنها، لكن بكل الأحوال هناك اتجاه لتعزيز العلاقة وتعميقها».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.