إردوغان يضغط لخفض سعر الفائدة قبل اجتماع «المركزي»

TT

إردوغان يضغط لخفض سعر الفائدة قبل اجتماع «المركزي»

تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي التركي اجتماعاً خلال الأسبوع الجاري يُتوقع أن يشهد قرراً برفع أسعار الفائدة، في الوقت الذي واصل فيه الرئيس رجب طيب إردوغان مطالباته بخفضها.
وقال إردوغان، الذي لطالما هاجم البنك المركزي بسبب عدم خفض سعر الفائدة التي يصف نفسه بأنه «عدو لها»، إن معدل التضخم سيتراجع فور خفض أسعار الفائدة. وأضاف في مقابلة تلفزيونية الليلة قبل الماضية، أنه «فور قيامنا بخفض أسعار الفائدة، والنظام الرئاسي سيحقق هذا، سيتراجع التضخم».
وأعلن إردوغان الأربعاء الماضي عن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 يونيو (حزيران) المقبل بدلاً عن موعدها المقرر سلفاً في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وقال يوم الجمعة إن قرار تبكير الانتخابات جاء استعداداً لـ«زلزال اقتصادي كبير». وسيدخل النظام الرئاسي حيز التنفيذ رسمياً بعد إجراء هذه الانتخابات، ويسعى إردوغان للفوز بالانتخابات الرئاسية وفوز حزبه «العدالة والتنمية» بالانتخابات البرلمانية ليكمل مسيرته التي بدأها منذ 16 عاماً في حكم البلاد رئيساً للوزراء ثم رئيساً للجمهورية.
ويقول خبراء إن ارتفاع معدل التضخم، الذي يصل إلى نحو 12% ألقى بأعباء كبيرة على الاقتصاد التركي، وأدى إلى تراجع مؤشر الثقة، وأسهم في استمرار انهيار الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.
في الوقت ذاته، توقع وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، أن تسجل صادرات بلاده رقماً قياسياً جديداً نهاية العام الجاري 2018، وأن يتجاوز النمو الاقتصادي حاجز 7% خلال الربع الأول من العام.
وقال زيبكجي إن تركيا هي صاحبة الاقتصاد والمجتمع الأكثر ديناميكية في أوروبا، وإن مجلس العلاقات الخارجية التركي سيواصل جهوده لتوسيع نطاق الاقتصاد التركي بالعالم.
وأشار الوزير التركي، في كلمة خلال اجتماع مجلس العلاقات الخارجية الذي عُقد مساء أول من أمس، بمدينة إسطنبول التركية، بحضور الرئيس إردوغان، إلى أن قيمة الصادرات التركية ستتجاوز 170 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري، معتبراً أن الوقت مناسب حالياً لتحقيق قفزات عبر القارات وتطوير الاقتصاد.
وأوضح زيبكجي أن تركيا هي الأسرع نمواً بين أعضاء مجموعة العشرين، وقد ازدادت صادراتها 5 أضعاف، ودخلها القومي 3.5 ضعف، خلال الأعوام الـ15 الأخيرة.
وحققت تركيا في عام 2017 معدل نمو بلغ 7.4% ليفوق التوقعات، وتقول الحكومة إنها تعمل على استمرار تحقيق هذا المعدل المرتفع خلال العام الجاري.
في سياق متصل، قال كريستوف ليتل، رئيس اتحاد الغرف الصناعية والتجارية الأوروبية، إنّ تركيا تستحوذ على أهمية كبيرة بالنسبة إلى أوروبا، نظراً إلى إمكانات التجارة والاستثمار الكبيرة التي تمتلكها.
ونوّه ليتل في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول التركية، أمس، بالنمو الذي حققه الاقتصاد التركي خلال العام الماضي، والذي وصل 7.4%، قائلاً إن «الاتحاد الأوروبي يسعى لتعزيز هذه الإمكانات في تركيا».
وتترقب تركيا تسجيل نسب نمو قوية خلال العام الجاري، بفضل استعادة حركة الصادرات نشاطها، وعودة النشاط السياحي الأجنبي إلى البلاد.
وأعلن المسؤول الأوروبي، دعم اتحاد الغرف الصناعية والتجارية الأوروبية، تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي المبرمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي عام 1995. وأشار إلى أن سوء الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، لا يعيق توافد المستثمرين الأوروبيين إلى تركيا، متوقعاً أن يواصل رجال الأعمال الأوروبيون استثماراتهم في تركيا. وقال إن تركيا وأوروبا ليستا جارتين فحسب، وإنما شريكتان تثق إحداهما بالأخرى».



«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

وضعت الاضطرابات الكبيرة في سوق السندات «الاحتياطي الفيدرالي» في موقف بالغ الصعوبة، حيث يواجه خيارين حاسمين: إما أن يسعى لتهدئة المخاوف المتعلقة بالتضخم على المدى الطويل، أو أن يستجيب لشكاوى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بشأن «ارتفاع معدلات الفائدة بشكل مفرط». وبينما لا يمكنه تحقيق كلا الهدفين في الوقت نفسه، من المرجح أن يختار معالجة الأول، مما يفتح المجال لصراع لفظي مستمر مع البيت الأبيض على مدار العام المقبل.

ولم يعد بالإمكان تجاهل الزيادة الملحوظة في معدلات الاقتراض من سندات الخزانة الأميركية في الأسابيع الأولى من عام 2025، حيث تشير السوق إلى الدخول في مرحلة جديدة ومقلقة تتطلب قدراً كبيراً من الحذر من البنك المركزي والحكومة على حد سواء، وفق «رويترز».

ومن أبرز هذه الإشارات الحمراء هو ظهور زيادة ملحوظة في علاوة المخاطر التي يطالب بها المستثمرون لحيازة السندات الحكومية الأميركية طويلة الأجل. ويتم قياس هذه الفجوة عادة كتعويض إضافي يُطلب عند الالتزام بسندات طويلة الأجل حتى تاريخ الاستحقاق، بدلاً من شراء سندات قصيرة الأجل وإعادة تدويرها مع مرور الوقت.

وقد كانت العلاوة الزمنية غائبة إلى حد كبير عن السوق لأكثر من عقد من الزمن، ولكن تقديرات «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك تشير إلى أن العلاوة الزمنية لمدة 10 سنوات قد ارتفعت بشكل حاد هذا العام، لتتجاوز نصف النقطة المئوية لأول مرة منذ عام 2014.

وقد لا تكون علاوة المخاطر بنسبة 50 نقطة أساس مفرطة وفقاً للمعايير التاريخية، لكنها تفوق متوسط العشر سنوات الماضية بمقدار 50 نقطة أساس.

وتشير اتجاهات العلاوة الزمنية إلى مستوى من عدم اليقين لدى المستثمرين بشأن التضخم على المدى الطويل، وتراكم الديون، والسياسات المالية، وهي حالة لم تشهدها السوق منذ سنوات عديدة. ويرجع هذا بلا شك إلى مزيج من العجز الكبير في الموازنة والاقتصاد القوي، إلى جانب تعهدات الرئيس القادم بشأن خفض الضرائب، وفرض قيود على الهجرة، وزيادة التعريفات الجمركية.

وتظهر هذه المخاوف أيضاً في مؤشرات الديون الأخرى التي بدأت تتحرك بشكل مستقل عن توجيه سياسة «الاحتياطي الفيدرالي». فقد قام «الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة منذ سبتمبر (أيلول)، ومع ذلك ارتفع عائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بمقدار 100 نقطة أساس منذ ذلك الحين. وزادت عوائد سندات الخزانة لمدة 30 عاماً بشكل أسرع، مهددة بالوصول إلى 5 في المائة لأول مرة منذ أكثر من عام، وهو مستوى قريب جداً من المعدلات التي سادت قبل أزمة البنوك في 2008.

وبينما لم تتحرك عوائد السندات لمدة عامين، التي تعكس سياسة «الفيدرالي» من كثب، بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، فقد اتسع الفارق بين العوائد على السندات لمدة سنتين و30 عاماً ليصل إلى أوسع مستوى له منذ أن بدأ «الفيدرالي» في تشديد السياسة قبل ثلاث سنوات تقريباً.

وكان من المتوقع أن تتوقف توقعات التضخم طويلة الأجل، التي تراقبها سوق السندات المحمية من التضخم والمقايضات، عن الانخفاض في سبتمبر وأن ترتفع مرة أخرى نحو 2.5 في المائة، متجاوزة هدف «الفيدرالي» بنصف نقطة مئوية.

هل يتجه «الفيدرالي» نحو سياسة أكثر تشدداً؟

إذا بدأ «الفيدرالي» يفقد السيطرة على الجزء الطويل من سوق السندات، فقد يُضطر إلى اتخاذ منحى أكثر تشدداً لاستعادة التزامه بتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة على المدى المستدام.

وهذا يعني أنه، في حال لم يحدث تباطؤ حاد في الاقتصاد أو تغيير كبير في سياسات ترمب المعلنة، فمن الممكن تماماً ألا يقوم «الفيدرالي» بأي تخفيض آخر في هذه الدورة. وهو أمر قد لا يرضي الرئيس الجديد الذي أبدى بالفعل معارضته للفيدرالي وتساؤلاته حول ضرورة استقلاله.

ليس لدي فكرة

حاول محافظ «الفيدرالي» كريستوفر والر أن يتوسط في تصريح له يوم الأربعاء قائلاً إن السياسة ما زالت مشددة تاريخياً، على الرغم من أنها ليست كافية لفرض ركود، وأضاف أن الزيادات في الأسعار الناجمة عن تعريفات ترمب لا تغير من وجهة نظر «الفيدرالي».

لكنه أيضاً أشار إلى أن «الفيدرالي» - مثل معظم مستثمري السندات - أصبح في لعبة تخمين. بينما قال والر إنه يشك في أن يتم تنفيذ السياسات الأكثر قسوة من قبل إدارة ترمب، أضاف أن التوصل إلى توقع بشأن التوقعات الاقتصادية للفيدرالي في ديسمبر كان «مشكلة صعبة».

«ليس لدي فكرة عما سيحدث»، اختتم قوله.

من الواضح أنه ليس وحده في ذلك. إذا كان كبار مسؤولي «الفيدرالي» لا يعرفون ماذا يتوقعون من ترمب، فإن مستثمري السندات العاديين لا يعرفون أيضاً.

ويبدو أن هناك سيناريوهين محتملين: إذا قرر «الفيدرالي» تسريع خفض الفائدة بما يتماشى مع ما يبدو أن ترمب يريده، دون حدوث تحول كبير في الأسس الاقتصادية لتبرير هذه الخطوة، فإن مستثمري السندات سيفترضون أن البنك المركزي ليس مهتماً بشكل كبير بتحقيق هدفه البالغ 2 في المائة.

وسيواصل مستثمرو السندات على الأرجح تسعير هذا الخطر، مما يؤدي إلى «إلغاء» توقعات التضخم، كما يقول المتخصصون في السياسات.

لكن «الفيدرالي» قد صرح بشكل متكرر بأن احتواء توقعات التضخم هو أحد أدواره الرئيسية، لذلك من الصعب تصوره يتجاهل هذه التطورات.

وحتى إذا لم تغير التعريفات الجمركية التي هدد بها ترمب حسابات التضخم بشكل أساسي، فإن خطة ترمب لتمويل التخفيضات الضريبية وتشديد أسواق العمل من خلال تشديد سياسات الهجرة والطرد، من المؤكد أنها ستزيد من المخاطر التضخمية التي تفاقمت بالفعل.

وإذا تمكن ترمب من تقليص الإنفاق الحكومي وتقليص الوظائف الفيدرالية، فقد يحقق بعض التقدم في معالجة هذه الأزمة. لكن القليل يتوقع أن يكون هذا أمراً سريعاً أو سهلاً، خاصة أنه قد لا يملك الأصوات في الكونغرس لتمرير العديد من أجزاء أجندته.

ولعل الرئيس المقبل يستطيع مساعدة بنك الاحتياطي الفيدرالي - ونفسه - من خلال توضيح أن أسعار الفائدة التي يعتبرها «مرتفعة للغاية» تمثل عائدات السندات الطويلة الأجل. بهذه الطريقة، سيكون بوسعه أن يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم بوظيفته ويمنح نفسه مساحة أكبر للمناورة.

لكن مع تبقي أقل من أسبوعين على التنصيب، فإن التكهنات حول ما قد يحدث أو لا يحدث يمكن أن تتسبب في اضطراب كبير في الأسواق.