تحذير سعودي من تفجير الحوثيين 19 سفينة نفطية قبالة الحديدة

السفير آل جابر: الميليشيات تستخدم الميناء أداة حرب

معلومات عن بعض الناقلات الـ19 المحتجزة لدى الحوثيين («الشرق الأوسط»)
معلومات عن بعض الناقلات الـ19 المحتجزة لدى الحوثيين («الشرق الأوسط»)
TT

تحذير سعودي من تفجير الحوثيين 19 سفينة نفطية قبالة الحديدة

معلومات عن بعض الناقلات الـ19 المحتجزة لدى الحوثيين («الشرق الأوسط»)
معلومات عن بعض الناقلات الـ19 المحتجزة لدى الحوثيين («الشرق الأوسط»)

حذر محمد آل جابر، السفير السعودي لدى اليمن، المدير التنفيذي لمركز إسناد العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، من تفجير الحوثيين 19 ناقلة نفط يحتجزونها في عرض البحر الأحمر.
يأتي ذلك في أعقاب إعلان مركز «إسناد» أمس احتجاز الحوثيين 19 ناقلة تحمل نحو 200 ألف طن من المشتقات النفطية في منطقة رمي المخطاف الخاضعة لسيطرتهم، وذكر المركز أن الميليشيات تمنع الناقلات من دخول ميناء الحديدة.
كما دق السفير ناقوس الخطر من سيناريو آخر، يتمثل في فرض الحوثيين «إتاوات تصل إلى مليون دولار عن كل سفينة يفسح لها المجال لأن ترسو في الميناء، وبالتالي إطالة أمد الحرب ورفد المجهود الحربي»، لافتاً إلى أن الميليشيات تستمر في تجويع الشعب اليمني، واستخدام الوضع الإنساني وسيلة للحرب، والاستفادة من ذلك في تجنيد أبناء القبائل الذين يمرون بحالة إنسانية صعبة، والزج بهم في جبهات القتال.
وقال آل جابر إن «الحوثيين، منذ سنوات، يستخدمون ميناء الحديدة أداة حرب ضد الشعب اليمني، من خلال تجويعه، بالإضافة إلى استخدام الميناء مورداً مالياً لإطالة أمد الحرب، وتهريب الأسلحة والصواريخ الإيرانية إلى اليمن، للاعتداء على السعودية، وعلى الحكومة الشرعية وقواتها على الأرض».
وأشار مدير «إسناد»، في تصريحات عبر قناة «العربية»، إلى حرص خطة العمليات الإنسانية الشاملة على زيادة حجم واردات اليمن، «سواء كانت هذه الواردات إغاثية أو مواد غذائية أو مشتقات نفطية».
كما عرج على إمكانية استفادة الميليشيات من السوق السوداء، وقال: كلما أطالوا أمد حجز السفن في البحر، وأصبحت هناك قلة بحجم المعروض في الداخل، يمكن بيع ما يبلغ ثمنه دولاراً واحداً من المشتقات النفطية بـ10 دولارات في السوق السوداء، لضمان استمرار العمل، سواء كانت الجهة مستشفى أو مركزاً تجارياً أو مصنعاً، أو حتى الأفراد في استخدامهم المشتقات للسيارات والحياة العادية، مجدداً التأكيد على أن الحوثيين يعملون على استمرار الحالة الإنسانية الصعبة في اليمن.
ولفت الدبلوماسي السعودي إلى وجود حاجة إنسانية ماسة وملحة لأن تشرف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة، وقال: ستساهم الخطوة في منع وصول وتهريب الأسلحة لليمن، والتأكد من عدم توظيف الميناء كأداة حرب ضد الإغاثة والواردات التجارية والنفطية وغيرها»، مشيراً إلى وجود علم الوكالات الإغاثية بمسألة الاحتجاز «وهناك تواصل مع لجنة التحقق والتفتيش الأممية (إنفوم) والمنظمات الأممية الأخرى للعمل على سرعة إدخال السفن إلى الحديدة».
من ناحيته، قال راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية الشرعية، لـ«الشرق الأوسط» إن هذا تصرف مدان، يدل على همجية هذه الجماعة ومدى الإجرام الذي وصلت إليه، مضيفاً أن الحوثيين «يتحملون كامل المسؤولية عن هذه التصرفات، وعلى المجتمع الدولي التحرك لإيقاف الكارثة»، ولفت إلى «تأكيد هذا التصرف مجدداً على ما قلناه للعالم، من أن هذه جماعة إرهابية، تشكل خطراً لا يقتصر على اليمن وحسب، بل على الإقليم والعالم».
بدورها، أدانت اللجنة العليا للإغاثة، بأشد العبارات، احتجاز ميليشيات الحوثي الانقلابية 19 سفينة محملة بالمشتقات النفطية في البحر الأحمر، ومنعها من دخول ميناء الحديدة.
وقال وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، في تصريح نقلته «وكالة الأنباء اليمنية» (سبأ): «إن الميليشيات الانقلابية اتخذت من سيطرتها على ميناء الحديدة مجالاً لاحتجاز السفن المحملة بالمساعدات الإغاثية والإنسانية للمحتاجين، وإعاقة الوصول الإنسانين وقد سبق للميليشيات احتجاز ما يزيد على 65 سفينة إغاثية، إضافة إلى استخدام الميناء لأغراض عسكرية، وضرب السفن الإغاثية والتجارية، وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر».
وجدد دعوة الحكومة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية في الضغط على الميليشيات لوقف أعمال الاحتجاز، وتسليم الموانئ للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، لإدارة الميناء وكل الموانئ والمنافذ، موضحاً أن بقاءها بيد الميليشيات تهديد للأمن والسلم الدولي والإقليمي، محملاً الميليشيات المسؤولية الكاملة عن إعاقة العمل الإنساني في ميناء الحديدة، وتردي الوضع الإنساني في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.