تعطل سيارة الانتحاري يجنب ضاحية بيروت تفجيرا جديدا

«حزب الله» وأجهزة الأمن يعززان إجراءاتهما على مدخلها

عناصر من الجيش اللبناني ومحققون يتفقدون مكان التفجير الانتحاري على حدود الضاحية الجنوبية في لبنان أمس (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني ومحققون يتفقدون مكان التفجير الانتحاري على حدود الضاحية الجنوبية في لبنان أمس (رويترز)
TT

تعطل سيارة الانتحاري يجنب ضاحية بيروت تفجيرا جديدا

عناصر من الجيش اللبناني ومحققون يتفقدون مكان التفجير الانتحاري على حدود الضاحية الجنوبية في لبنان أمس (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني ومحققون يتفقدون مكان التفجير الانتحاري على حدود الضاحية الجنوبية في لبنان أمس (رويترز)

عززت الأجهزة الرسمية اللبنانية، أمس، إجراءاتها الأمنية على مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، بعد تفجير انتحاري وقع قرب حاجز للجيش اللبناني على مدخل الضاحية الشمالي، وأسفر عن مقتل عنصر في الأمن العام اشتبه بالانتحاري وحاول منعه من تنفيذ العملية، كما أصيب عدد من رواد مقهى مجاور. وبموازاة تلك الإجراءات، اتخذ «حزب الله» تدابير أمنية قرب مقرات دينية ومؤسسات تابعة له داخل الضاحية، تخللها ظهور مسلح لبعض عناصره قرب مجمع سيد الشهداء الواقع في منطقة الرويس، في العمق، وسط عودة المخاوف إلى المنطقة التي شهدت في السابق سبعة تفجيرات.

وفي موقف لافت أمس، أعلن الناطق الإعلامي باسم كتائب «عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، سراج الدين زريقات، أن التفجيرات الأخيرة «دليل على أن حرب (حزب الله) ليست مع تنظيمات تكفيرية كما يدعون»، مشيرا إلى أن «أهل السنة يباشرون الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم». وتوجه في تغريدات على موقع «تويتر» إلى «حزب الله» بالقول، إن «استهداف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم (في إشارة إلى تفجير ضهر البيدر يوم الجمعة الماضي شرق بيروت) وانفجار الضاحية الجنوبية تأكيد على أنه لن يهنأ لكم عيش آمنين؛ حتى يعود الأمن لأهل سوريا ولبنان». وقال زريقات، إن «حزب الله» يتعامى عن عدوانه على «أهل السنة في سوريا ولبنان مما استعدى بعدوانه أهل السنة عليه»، لافتا إلى أن «معركة (حزب الله) لم تعد معنا وحدنا، بل مع أهل السنة في سوريا ولبنان»، وتوجه إلى الحزب بالقول: «جنيتم على أنفسكم بمغامراتكم في سوريا».

وكان تفجير وقع قبل منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء عند مدخل منطقة الشياح بين مستديرتي الطيونة وشاتيلا، قرب حاجز للجيش، ومقهى مكتظ بشبان يتابعون مباراة في كأس العالم لكرة القدم، وهي أول نقطة أمنية على مدخل الضاحية الشمالي، يدقق فيها الجيش اللبناني بهويات العابرين إلى الضاحية، ويفتش السيارات بشكل دقيق. ووضعت هذه النقطة في أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد إعلان الحكومة اللبنانية تنفيذ خطة انتشار أمنية رسمية في الضاحية، عقب انفجارات انتحارية ضربت المنطقة. غير أن الانتحاري، لم يسلك الطريق النافذ إلى الحاجز، إذ أظهر موقع انفجار السيارة أنه حاول الالتفاف بعكس اتجاه السير من وراء الحاجز، قبل أن يوقفه عنصران من الأمن العام، مما دفعه لتفجير السيارة بأحدهما، حين ذهب الآخر لاستدعاء عناصر حاجز الجيش على بعد 30 مترا.

وأكد مصدر قضائي مطلع على التحقيقات لـ«الشرق الأوسط»، أمس أن «توقف السيارة أثار انتباه عنصرين من الأمن العام كانا يمران بسيارتهما في المكان وتعثرا في تجاوز السيارة المتوقفة، وعندما نزلا لاستيضاح السائق، أخبرهما الأخير أن مفتاح السيارة انكسر ويحاول معالجته»، مشيرا إلى أنه «أمام ارتباك الانتحاري الشديد، هرع أحد العنصرين باتجاه حاجز الجيش اللبناني لإبلاغه بما يحصل، وبقي العنصر الآخر وهو المفتش عبد الكريم حدرج قرب المشتبه به لمنعه من الفرار، فما كان من الأخير إلا أن فجر نفسه، مما أدى إلى مقتل حدرج وتحول جثته إلى أشلاء».

وتضاربت الأنباء حول هوية الانتحاري، ففي حين ذكرت مصادر إعلامية، نقلا عن شهود عيان، أن منفذ التفجير هو «انتحارية»، نفت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» ذلك، قائلة إن إفادة العنصر الجريح بالأمن العام، حسمت أن منفذ التفجير كان رجلا، إذ حاول العنصران إيقافه، قبل أن يفجر نفسه بأحدهما، وهو المفتش ثاني عبد الكريم حدرج.

وقال مصدر قضائي مطلع على المعلومات المتوافرة للأجهزة الأمنية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانتحاري لم يكن يقصد تفجير نفسه في المكان الذي وقع فيه الحادث، إنما كان يقصد هدفا آخر في عمق ضاحية بيروت الجنوبية». وأشار إلى أن «الجاني تعمد دخول الضاحية عبر الشوارع الضيقة، ساعيا بذلك إلى تخطي حاجز الجيش من دون أن يثير الشبهات، إلا أن عطلا مفاجئا طرأ على محرك السيارة مما أدى إلى إطفائه وتوقفها في منتصف الطريق، مما أثار ارتباكا لديه وهو يحاول إعادة تشغيل المحرك، ولكن من دون جدوى».

وجاء التفجير بعد ثلاثة أيام من تفجير انتحاري استهدف حاجزا لقوى الأمن الداخلي في منطقة ضهر البيدر (شرق بيروت)، مما أدى إلى مقتل عنصر في قوى الأمن وجرح 33 شخصا، في حين تكثف الأجهزة الرسمية تدابيرها لإيقاف مشتبه بهم بالتخطيط لعمليات إرهابية، على ضوء معلومات عن وصول عناصر مكلفين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، إلى بيروت.

وانعكس التوتر الأمني على الضاحية الجنوبية، بشكل دراماتيكي، إذ شددت الأجهزة الرسمية اللبنانية تدابيرها على مداخل الضاحية، منذ ورود معلومات عن إمكانية تنفيذ هجوم على مستشفيات الضاحية قبل عشرة أيام، وعززتها أمس بعد تفجير الطيونة. وبموازاة ذلك، أعاد التوتر ظهور تدابير اتخذها «حزب الله» أمام بعض مراكزه الدينية والسياسية والطبية والخدماتية في معقله، بينها ظهور مسلح برز أمام مجمع سيد الشهداء الذي يستضيف عادة احتفالات الحزب، ويظهر فيه أمينه العام السيد حسن نصر الله مباشرة. وتأتي الإجراءات بعد مرحلة من الاستقرار شهدتها الضاحية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تبعت سيطرة مقاتلي الحزب إلى جانب القوات الحكومية السورية على منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، التي كانت متهمة بتصدير السيارات المفخخة إلى داخل الأراضي اللبنانية.

إلى ذلك، تضاعفت التدابير الأمنية في جنوب لبنان، حيث ثقل وجود الشيعة. وأفيد باتخاذ الأجهزة الرسمية اللبنانية إجراءات أمنية مضاعفة في مدينتي صيدا والنبطية، بينها التدقيق في هويات الركاب وتفتيش اللبنانيين والسوريين ممن هم من خارج المنطقة تحسبا لأي تطور أمني، في حين تزايدت إجراءات الحراسة حول المؤسسات الحكومية في المدينتين.

ولا يبدو سكان الضاحية ممتعضين من التشدد بالتدابير، نظرا لما يسمونه «الخطر القادم إلينا». ويمتلك هؤلاء قناعة راسخة بأن عودة السيارات المفخخة «باتت واقعا»، بحسب ما يقول حسن الذي يقيم في منطقة الشياح، بمحاذاة موقع التفجير. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التدابير القاسية التي يتخذها الجيش والأجهزة الرسمية، تمنع دخول السيارات التي ستزداد بعد تقدم (داعش) في العراق».
ويتحدث سكان المنطقة عن دوريات مدنية لعناصر الأجهزة الرسمية اللبنانية و«حزب الله» لمنع وصول انتحاريين.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.