دي ميستورا يأمل في «تقليص التوتر» واستئناف قريب للحوار

دي ميستورا ولافروف قبل لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
دي ميستورا ولافروف قبل لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
TT

دي ميستورا يأمل في «تقليص التوتر» واستئناف قريب للحوار

دي ميستورا ولافروف قبل لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
دي ميستورا ولافروف قبل لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)

دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى استئناف العمل لتنفيذ القرار الدولي 2254 وقال بأن بلاده تسعى لدفع «الشركاء إلى تنفيذ التزاماتهم حيال التسوية السياسية بدلا من ممارسة ألاعيب جيوسياسية»، فيما أعرب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عن أمل بـ«خفض التوتر السياسي وليس فقط العسكري» حول سوريا، وأكد ضرورة المحافظة على مساري آستانة وجنيف لضمان تقليص التصعيد وإطلاق العملية السياسية.
وأجرى دي ميستورا أمس، مباحثات في موسكو مع وزيري الدفاع سيرغي شويغو والخارجية سيرغي لافروف كل على حدة. وركز خلال المحادثات على الأهمية الخاصة لإطلاق حوار يهدف إلى تخفيف التوتر بعد «التطورات الخطرة التي حملها الأسبوع الماضي». وقال بأنه يسعى خلال جولته الحالية التي يختمها غدا في طهران إلى حث كل الأطراف على تقليص التصعيد الحاصل، والعودة لمواصلة العمل السياسي في جنيف. وقال بأن آليات مسار آستانة ما زالت تعمل بنجاح لضمان استقرار الوضع في مناطق خفض التوتر، مشددا على أهمية المحافظة على مواصلة الحوار في إطار مسار آستانة، مشيرا إلى أن اللقاءات التي جرت خلال الأسبوع الأخير بين عسكريين روس وأميركيين مهمة جدا ولا بد من استمرار هذا الحوار. وزاد دي ميستورا أنه يتطلع إلى سماع وجهات نظر موسكو حول الرؤية الروسية لآلية «مواصلة العمل في جنيف لتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في لقاء سوتشي».
وحمل لافروف بشدة على المواقف الغربية، وقال بأن موسكو «تسعى إلى دفع الشركاء الغربيين إلى التوقف عن ممارسة ألاعيب جيوسياسية والعودة لتنفيذ التزاماتهم حيال التسوية السورية» في إشارة إلى الضربة العسكرية الغربية والاتهامات لموسكو ودمشق في شأن ملف استخدام الكيماوي. ورأى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن الضربات الصاروخية الغربية على سوريا زادت الوضع تعقيدا وعرقلت عملية التسوية. وزاد أن «تلك الضربات شنت على سوريا في لحظة غير مناسبة، قبل يومين من إنهاء العملية في الغوطة الشرقية، وعندما كانت عملية تسوية الأوضاع غير قابلة للرجوع». وكان لافروف كشف قبل اللقاء تفاصيل عن اتصالات روسية – أميركية سبقت الضربة الغربية، في تراجع عن تأكيد روسي سابق بأن واشنطن لم تبلغ موسكو مسبقا بها.
وقال لافروف في حديث لوكالة «نوفوستي» الرسمية بأن روسيا وبلدان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة: «أجرت اتصالات على المستوى العسكري» قبل شن الضربات على سوريا.
وشدد على أن روسيا حذرت واشنطن من أن استهداف بعض المناطق في سوريا سيكون تجاوزا لما وصفها «الخطوط الحمراء»، موضحا أنه قبل ظهور الخطط لقيام الثلاثي الغربي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) بضرب سوريا «أعلن رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف بوضوح أننا سنرد فورا على إلحاق أي أضرار بالعسكريين الروس أثناء العمليات العسكرية للتحالف الدولي، لا سيما أننا سنعتبر أهدافا ليس الصواريخ نفسها فحسب، بل وحاملاتها». وأضاف أنه «جرت بعد ذلك اتصالات مكثفة بيننا على مستوى وزارة الدفاع وعلى مستوى الجنرالات وبين ممثلينا وقيادة التحالف الدولي. وأبلغناهم بمواقع نشر «خطوطنا الحمراء» بما في ذلك على الأرض. وتشير النتائج إلى أنه لم يجر تجاوز هذه الخطوط الحمراء. وفي رد مباشر على تأكيد عسكريين غربيين بأن الدفاعات الجوية لم تنجح في التصدي للضربات على سوريا، أعلن لافروف، أن الجيش الروسي سيقدم قريبا دليلا على إسقاط منظومة الدفاع الجوي السورية لبعض الصواريخ التي أطلقتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وأضاف أن لدى هيئة الأركان الروسية صورة واضحة للغاية لكل ما جرى، وراقبت كل الذي حدث مباشرة وبشكل حي، والإحصائيات التي قدمها العسكريون، نحن على استعداد لتحمل المسؤولية عنها. في إشارة إلى حديث رئاسة الأركان عن عدد الصواريخ التي أطلقت والصواريخ التي أسقطتها الدفاعات السورية. وأضاف وزير الخارجية الروسي أنه إذا ادعى أي طرف، أن جميع الصواريخ الـ105 قد حققت أهدافها، فليقدم إحصائياته.
وتطرق لافروف إلى هجوم دوما الكيماوي وقال بأن لدى موسكو الكثير من الأدلة التي «تثبت ضلوع لندن في فبركة هذا الموضوع». وزاد أن مقطع الفيديو الذي استخدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كذريعة لشن «الهجوم المكثف» على مواقع تابعة للحكومة السورية يظهر بوضوح أن الأشخاص الذين زُعم أنهم يحاولون إنقاذ المتضررين جراء الهجوم الكيماوي، وهم في موقع الهجوم المزعوم، لا يستخدمون أي وسائل حماية شخصية، سوى أقنعة من الشاش لدى بعضهم.
وذكّر لافروف بأن هذا التسجيل المصور نُشر من قبل «الخوذ البيضاء»، مؤكدا أن هذه المنظمة تعمل حصرا في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمات المسلحة، بما في ذلك «جبهة النصرة» الإرهابية، وليس سرا أنها تحظى بتمويل من بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية. وقال الوزير إن منظمة «الخوذ البيضاء» سبق أن شاركت في استفزاز مماثل قبل عام، فيما يتعلق بالهجوم الكيماوي المزعوم على مدينة خان شيخون في محافظة إدلب.
وفي وقت لاحق، حذر لافروف من «محاولات تهدف إلى تدمير سوريا وتقسيمها وإبقاء تواجد قوات أجنبية في أراضيها إلى الأبد، وشدد على رفض موسكو لها. وذكر لافروف، أثناء مؤتمر صحافي عقده مع نظيرته النمساوية كارين كنايسل، أن هذه المحاولات التي تأتي في إطار «الهندسة الجيوسياسية» تخالف الاتفاقات الدولية بخصوص تسوية الأزمة السورية، وأكد ضرورة حل الأزمة على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي وضمن إطار العملية السياسية التي يقودها السوريون. وشدد لافروف على أن موسكو تصر على زيارة بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مدينة دوما السورية، و«تأمل بأن تتغلب المهنية عند التحقيق في هذا الحادث». وأعرب عن استغرابه لأن «الزملاء الفرنسيين والأميركيين يوجهون اتهامات إلى روسيا بعرقلة دخول الخبراء بينما هم امتنعوا عن إرسال خبرائهم إلى سوريا برغم أننا صرحنا باستعدادنا واستعداد الحكومة السورية لاستقبالهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.