ليس جديدا الربط بين الفردية التي تكاد تسيطر على الحياة الأميركية، وقلة التعاطف في تعامل الأميركيين بضعهم مع بعض (إن لم يكن غيابه). وليس الموضوع جديدا، وطبعا، لا يوجد مقياس عالمي لهذه المواضيع، وهي تختلف من مجتمع إلى مجتمع، خاصة عند مقارنة الشرقيين بالغربيين، سلبا أو إيجابا.
من وقت لآخر، يناقش المثقفون الأميركيون الموضوع. هذه المرة، تناقش الكاتبة ليزلي جاميسون هذه القضية في كتاب كامل. وهناك أهمية خاصة لنقاشها لأنها من الجيل الشاب (30 سنة). هل يتمرد الجيل الجديد على الفردية وقلة التعاطف في المجتمع الأميركي؟ هل الرجال أكثر تعاطفا من النساء، أم إن الأمر بالعكس، أم هل يتساويان؟
مؤلفة الكتاب تحمل دكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة هارفارد، وكانت قد أصدرت قبل سنتين، رواية بعنوان «جين كلوزيت». وهي تتناول حياة فتاة اسمها «ليل» سئمت حياة المدينة، وزحمتها، وفرديتها، وقلة التعاطف والرحمة فيها، فسافرت إلى صحراء ولاية نيفادا، بحثا عن «روح نقية».. كادت تموت قبل ذلك من الإدمان على شرب الكحول مع ابنة عمها «ستيلا»، ثم هجرت كل شيء.
غير أنه بعد سنة في قرية وسط صحراء نيفادا، دقت الباب بنت العم، وأعلنت أنها، هي نفسها، هجرت المدينة، والصخب، والكحول.. لهذا، يركز الجزء الثاني من الرواية على مناقشات بنتين غير متزوجتين، تتصارعان بين المدينة والقرية، بين الصخب والهدوء، بين قسوة الحياة وأفراحها، والإدمان والوعي.
انطلاقا من بؤرة الرواية المركزية، جاء كتابها الجديد ليعالج هذا الموضوع الشائك والجذاب في الوقت نفسه. وقفز الكتاب، خلال الأسابيع القليلة بعد صدوره، إلى أوسع الكتب انتشارا حسب قائمة صحيفة «نيويورك تايمز».
وتبدو ليزلي جاميسون في كتابها الجديد أنها سئمت، وكأنها سئمت من الصراع بين النساء والرجال، راسمة الصورة الكبيرة للحياة: يجب ألا تكون الحياة سباقا، ناهيك بأن تكون سباقا بين النساء والرجال. وهو اتجاه يمكن ملاحظته في أعمال كثير من الكاتبات الشابات، اللاتي خرجن من معطف «النسوية»، خاصة في رواية «أنا لست مثل ذلك النوع من البنات» (نوت ذات كايند أوف غيرلز) للمؤلفة لينا دانهام، التي ولدت عام 1985، العام نفسه الذي ولدت فيه ليزلي جاميسون. ويبدو واضحا من اسم الكتاب أنه عن تمرد وسط الجيل الجديد من المثقفات الأميركيات.
والكتاب، أخيرا، ليس دعوة إلى ثورة في المجتمع الأميركي، بل محاولة لتحليل وفهم ما يجري، ولماذا يتجه المجتمع الأميركي بشكل متسارع إلى الفردية، ويقل فيه تعاطف الأفراد بعضهم مع بعض نتيجة نمو الفردية المفرطة في المجتمع الأميركي.
كتاب يحذر من الفردية المفرطة في المجتمع الأميركي
حقق أعلى المبيعات حسب قائمة «نيويورك تايمز»
كتاب يحذر من الفردية المفرطة في المجتمع الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة