صالح الكويتي.. اسم أسقط من تاريخ الموسيقى العراقية

كتاب توثيقي عن أغاني الزمن الجميل

صالح الكويتي.. اسم أسقط من تاريخ الموسيقى العراقية
TT

صالح الكويتي.. اسم أسقط من تاريخ الموسيقى العراقية

صالح الكويتي.. اسم أسقط من تاريخ الموسيقى العراقية

بما يشبه تصويب تاريخ الموسيقى العراقية وما حاق بأسماء روادها، يستعيد الكاتب سليمان صالح الكويتي في كتابه التوثيقي «صالح الكويتي...نغم الزمن الجميل»، الصادر حديثا عن «دار الكويتي»، رحلة والده الحياتية والموسيقية وما كتب عنه، خصوصا بعد عام 2003. وعبر قصة مشوقة، للباحث والقارئ على حد سواء، تتبع حياة واشتغالات أحد أهم مؤسسي وواضعي قواعد الأغنية العراقية الحديثة في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي. وتأتي هذه الاستعادة بمثابة تذكير بإعادة الاعتبار لإرث شخصي، بعد أن أسقط من تاريخ الأغنية العراقية بحلتها الجديدة أسماء مجدديها وعلى مدى عقود طويلة، بفعل قرارات سياسية بحتة. ولعل استعادة «نغم الزمن الجميل»، الذي يتحدث عنه الكتاب ويسرد تفاصيله تبدو ضرورية لمعاينة واقع الأغنية في عراق اليوم، إذ يقابله هبوط ذوقي وسوقية فجة، من كلمات ولحن وأداء، وبما يضع ذلك الإرث «الجميل» وكأنه قادم من أرض بعيدة وغريبة.
يوثق الكاتب سيرة والده الفنية، وهو المولود في مدينة الكويت عام 1908 لعائلة عراقية يهودية تعود أصولها إلى مدينة البصرة، والأثر البالغ لتعلمه العزف على آلة الكمان في حياته وهو في سن العاشرة، وإتقانه للسلالم الموسيقية وتعرفه على الألحان الخليجية السائدة آنذاك، قبل انتقاله نهائيا إلى بغداد والاستقرار فيها في عام 1929 بعد تعرفه، وشقيقه داود عازف العود الماهر، على قارئ المقام العراقي الكبير محمد القبانجي. وقتها كانت مدينة بغداد واحدة من بين المدن العربية الأكثر حراكا وتطلعا لما هو جديد في عالمي المدنية والحداثة، سواء في الموسيقى والغناء أو الشعر ومثله بقية الفنون التعبيرية.
وكما يسرد الكتاب، فقد ذاع صيت الأخوين في المحافل الفنية والليلية، وزارا مدنا عراقية بعيدة لإقامة الحفلات، وأسسا أول معهد لتعليم الموسيقى في عام 1931، وكانا من بين أوائل الطاقم الموسيقي المؤسس والمعتمد لإذاعة بغداد غداة افتتاحها في عام 1936. لم تقتصر موهبة صالح الكويتي على إتقانه العزف، بل تخطته إلى تجديد وتحديث «التخت» الموسيقي عبر إدخال آلتي «الكمان» و«القانون» بدلا من «الجوزة» و«السنطور» عليه، فضلا عن «التشلو» و«الناي». أما على الصعيد اللحني، فقد جمع إرثه باقة ألحان تنهل من أصول قواعد المقام العراقي والموشحات والمربعات والموالات البغدادية إلى الغناء الموصلي، وعبر صياغات نغمية مركبة تحمل طابع التفرد في استجاباتها لمناخات البيئة المحلية وتنوعها.
ما يستوقف القارئ أكثر من معلومة ترد في السياق السردي لهذا الكتاب، منها: تعرف الأخوين الكويتي على الموسيقار محمد عبد الوهاب خلال زيارته إلى بغداد في عام 1931، وإعجابه بلحن أغنية «ويلي شمصيبة» (ويلاه من هذه المصيبة) من نغم اللامي. وحين عودة الأخير إلى مصر استعار ذلك النغم ووظفه لأول مرة في أغنيتيه الشهيرتين «يا اللي زرعتوا البرتقال» و«أنا والعذاب وهواك»، كون نغم مقام اللامي لم يكن معروفا في مصر وقتها. ومثله، وفي سابقة، كوكب الشرق أم كلثوم، زارت بغداد في العام ذاته، بغناء أغنية «قلبك صخر جلمود» بعد أن سمعت المطربة الشهيرة سليمة مراد تؤديها، بينما امتدت شهرة صالح الكويتي بعد أن سمي عقد الثلاثينات باسمه إلى السينما، فهو واضع الموسيقى التصويرية لمجمل أغاني فيلم «عليا وعصام»، أول فيلم عراقي في عام 1947 للمخرج الفرنسي أندريه شاتان وسيناريو أنور شاؤول، مسجلا بذلك موقعه المهم في تاريخ الموسيقى والغناء العراقيين.
يجمع كتاب «صالح الكويتي... نغم الزمن الجميل» كلمات أكثر من مائة أغنية عراقية و«طقوقة» من ألحانه مع نوتاتها الموسيقية. وكانت أغلب كلمات تلك الأغاني ثمرة تعاونه مع الشاعر والباحث البغدادي عبد الكريم العلاف، وبدرجة أقل مع الشاعر الغنائي سيف الدين ولائي. وكما يسرد الكتاب فإن جل ألحان صالح الكويتي كانت موقعة بأصوات نسائية مثل: سليمة مراد، سلطانة يوسف، بدرية أنور، جليلة أم سامي، منيرة الهوزوز، زهور حسين، عفيفة إسكندر. وفي فترة لاحقة بأصوات شبابية أكثر نعومة مثل: سيتا هاكوبيان وأنوار عبد الوهاب وفرقة الإنشاد العراقية، ولكن من دون ذكر اسم ملحن تلك الأغاني.
ويفرد الكتاب فصلا كاملا لعلاقة صالح الكويتي بالمطربة الحلبية زكية جورج وما خلفته تلك العلاقة من لوعات صاغها على شكل ألحان شجية، فقد أغرم بها وأحبها منذ أول لحن قدمه لها، وعبر أغنية «يا بلبل غني لجيرانك»، اجتهد الشاعر جميل صدقي الزهاوي بترجمتها إلى العربية، وغنتها احتفاء بحضور شاعر الهند الكبير رابندارات طاغور إلى بغداد في عام 1934. لكن سيرة الحب لم تكتمل فصولها، إذ قررت زكية جورج، وفي لحظتي دلع وصدود، هجره والسفر إلى مدينة البصرة الجنوبية. ما حرضه على الطلب من عز الدين ولائي كتابة كلمات أغنية تسطر لوعات وشوق وعتب محب، وهكذا ولدت الأغنية الشهيرة «هذا مو إنصاف منك»، أدتها المطربة الكبيرة سليمة مراد بعد أن رفضت زكية جورج غناءها، والتي راحت أجيال تتغنى بها وما زالت في مناسبات نخبوية.
ولعل لعنة جمال كلمات تلك الأغنية لاحقت صاحبة الصوت العذب زكية جورج (اسمها الحقيقي فاطمة محمد)، إذ قررت العودة إلى مسقط رأسها حلب لتعمل في معمل للخياطة، ويطويها النسيان، بينما هاجر عز الدين ولائي إلى إيران في بداية حملة جائرة قادها حزب البعث ضد من اتهموا بالتبعية الإيرانية، وتوفي في الشام منتصف ثمانينات القرن الماضي ودفن في مقبرة الغرباء. وقبله سافر صالح الكويتي إلى إسرائيل عنوة وهو في أوج عطائه الفني، إثر صدور قرار الحكومة العراقية بإسقاط الجنسية عن يهود العراق في نهاية عام 1950.
ترك صالح الكويتي وشقيقه دواد إرثا فنيا فريدا بثرائه اللحني، وغصة إلى بلد اسمه العراق، توفى في عام 1986 كمدا، سطرها الكاتب بإهدائه المؤثر، وعبر دعوة مفتوحة إلى إنصاف تاريخ التراث العراقي ولأسماء رواده ومجدديه بقوله: «إلى العراق الحبيب الذي اعتز والدي صالح الكويتي وتعتز أسرتي بالانتساب إليه. إلى أبناء العراق الذين أحبهم والدي وأحبوه وكرس فنه فتغنوا وما زالوا يتغنون بألحانه. إلى الحريصين على التراث الفني العراقي وإنتاجات رواده... أهدي هذا الكتاب».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.