الانتخابات العراقية... الطريق الطويلة إلى رئاسة الوزراء

باب المفاجآت مفتوح... والمعارك الكبرى ضمن المكون الشيعي

الانتخابات العراقية... الطريق الطويلة إلى رئاسة الوزراء
TT

الانتخابات العراقية... الطريق الطويلة إلى رئاسة الوزراء

الانتخابات العراقية... الطريق الطويلة إلى رئاسة الوزراء

خاض العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 وحتى اليوم 3 دورات انتخابية برلمانية، تشكلت على أثرها 4 حكومات، هي حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005 التي لم تستمر سوى بضعة شهور، وحكومتا نوري المالكي (2006 - 2010)، (2010 - 2014)، وحكومة حيدر العبادي الحالية (2014 - 2018). واليوم يتأهب العراقيون (36 مليون نسمة) إلى خوض الاستحقاق الانتخابي الرابع، وسط منافسة وصلت إلى حد التسقيط السياسي والأخلاقي والتهديد بالسلاح وهي الأشرس بالقياس إلى الدورات الماضية.

تبدو الانتخابات البرلمانية العراقية، المقرر إجراؤها في 12 مايو (أيار) المقبل، كأنها أشبه بانتخاب رئيس وزراء أكثر من كونها انتخابات برلمانية ستؤدي في النهاية إلى اختيار مرشح الكتلة النيابية الأكثر نواباً، طبقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية.
الأسباب والعوامل التي تقف خلف ذلك كثيرة، أبرزها أن المناصب السيادية الثلاثة الرئيسية في البلاد (رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان) توافقية مسبقاً لجهة احتكارها من قبل المكوّنات العرقية والمذهبية الثلاثة الأكبر في البلاد، أي الشيعة والسنّة والكرد. ولأن رئاسة الحكومة هي المنصب التنفيذي الأهم في البلاد، ولكونه محسوماً للشيعة طبقاً لقاعدة الأكثرية (المذهبية) لا السياسية - مثلما يجري الترويج له، فإن ثمة أهمية قصوى لمسألة من سيكون رئيس الوزراء المقبل بصرف النظر عن حجم الكتلة البرلمانية، صغرت أم كبرت.
صحيح أن رئيس الوزراء يفترض ألاّ يخرج عن الكتل الشيعية الخمس («النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم)، غير أن باب المفاجآت هذه المرة مفتوح هذه المرة أكثر منه في أي مرة سابقة.

- «الدعوة»... إلى أين؟
خلال الدورات البرلمانية الثلاث السابقة، كان المنصب ليس فقط حكراً على الشيعة، بل كان حكراً بالتحديد على كتلة «دولة القانون» و«حزب الدعوة» حصراً، الأمر الذي يرى فيه كثيرون غير منطقي أن يستمر. ممّا سهل هذه الفرضية هو الخلاف الشديد داخل «الدعوة» و«دولة القانون» بين المالكي والعبادي، الذي جعل «الدعوة» الطرف الأضعف في هذه المعادلة، بينما يبدو موقف العبادي قوياً لجهة حصوله على ولاية ثانية... ولكن شريطة خروجه من حزب «الدعوة». هذه بعض ملامح المشهد الانتخابي، حيث يقوم الآن نحو 7 آلاف مرشح يمثلون أكثر من 200 كيان بعرض برامجهم في سياق الدعاية الانتخابية التي تستمر حتى يوم 11 من الشهر المقبل.

- أصحاب القرار
على الرغم من أن المتداول من توقعات بين مختلف الأوساط السياسية والإعلامية وبعض استطلاعات الرأي يكاد لا يخرج عن القطع بتقارب الحجوم هذه المرة، وهذا أمر يفترض أن يعقّد عملية تشكيل الحكومة المقبلة، ولكن في سياق ما قررته المحكمة الاتحادية العليا بشأن التوقيتات الدستورية التي تلزم الكتل السياسية بألا يتعدى تشكيل الحكومة أكثر من شهرين بعد إعلان نتائج الانتخابات والمصادقة عليها. التقارب المتوقع في الحجوم لم يمنع من الحديث عن إمكانية تدخل العامل الخارجي في تشكيل الحكومة المقبلة في العراق. وهنا لا يكاد ينقسم المراقبون السياسيون كثيراً بشأن ذلك، إذ إن غالبية الترجيحات تشير إلى أن أصحاب القرار في أمر تشكيل الحكومة المقبلة هم الولايات المتحدة الأميركية وإيران بالدرجة الأولى.
إيران التي يقوم كبار مسؤوليها بزيارات متواصلة إلى العراق علنية وسرّية لا تريد للبيت الشيعي أن يتفكك، رغم انقسام «التحالف الوطني»، الذي يمثل البيت الشيعي، إلى 5 كتل متنافسة تنافساً قل مثيله في كل الدورات الانتخابية الماضية.
أما الولايات المتحدة، التي ستقول كلمتها بشأن الموقف من الملف النووي الإيراني يوم 12 مايو المقبل - وهو اليوم نفسه الذي ستجرى فيه الانتخابات العراقية -، فأعلنت على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت في مؤتمرها الصحافي الأسبوعي من واشنطن، أن الولايات المتحدة «ستتعامل» مع أي مرشح يفوز في الانتخابات التشريعية العراقية. ولفتت إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب لا تميل لدعم مرشح محدّد لترؤس الحكومة المقبلة في العراق. وتابعت نويرت، مشددة: «واشنطن ستتعامل مع أي مرشح تفرزه نتائج الانتخابات».

- الرئاسات الثلاث
وبين أن يكون القرار عراقياً داخلياً لجهة تشكيل الحكومة، أو خارجياً بأي شكل من الأشكال، فإنه إذا كان منصب رئاسة الحكومة محسوماً للشيعة - بوصفهم يشكلون الغالبية السكانية في البلاد، وتالياً الغالبية البرلمانية - فإن أمر منصبي رئاسة الجمهورية الذي يتولاه اليوم شخصية كردية (الدكتور فؤاد معصوم) والبرلمان الذي يتولاه شخصية سنية (الدكتور سليم الجبوري) ما زال بعيداً عن الحسم. والقصد أنه من غير المحسوم ما إذا كانا سيبقيان لدى الكرد (رئاسة الجمهورية) ولدى السنّة (رئاسة البرلمان).
وهنا يقول محمد الكربولي، النائب عن محافظة الأنبار، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «العرب السنة من حيث المبدأ ليسوا متمسكين بأي من المنصبين؛ رئاسة الجمهورية أو رئاسة البرلمان... ويمكن أن يتم تبادل الأدوار ما دام الأمر في النهاية يخضع للتوافق السياسي». وفي حين يرى الكربولي أن «رئاسة البرلمان يمكن أن تكون مفيدة للعرب السنّة ضمن سياق معين، فإننا نفضل رئاسة الجمهورية لأنها أكثر قدرة على تحقيق بعض مصالح العرب السنّة، خصوصاً لجهة بعض القرارات والقوانين والإجراءات مثل العفو الخاص الذي يشمل الأبرياء، لأن هناك كثيراً من الأبرياء الموجودين في السجون ينبغي أن يخرجوا».

- باب المفاجآت المفتوح
التصوّر المستقبلي لشكل وملامح الانتخابات المقبلة، على أي حال، يبدو غير واضح المعالم، على الرغم من كثرة التوقعات بشأن الحجوم النهائية للكتل.
والواقع أن الحملة الانتخابية الدعائية، بالطريقة التسقيطية القاسية التي تجري بها الآن، تعبّر عن حجم القلق الذي يعيشه الجميع لجهة كيف يمكن أن تمضي الأمور. وفي هذا السياق، يرى النائب صلاح الجبوري من كتلة «تحالف القوى العراقية»، الذي يخوض الانتخابات حالياً عن محافظة ديالى ضمن كتلة «ديالى هويتنا» في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «المعطيات لحد الآن غير واضحة بشكل كبير، لكن كل التوقعات تشير إلى أن نتائج المقاعد ستكون متقاربة بين الكتل... خصوصاً بالنسبة للتحالف الوطني بحيث لن تتجاوز أي كتلة حاجز 45 مقعداً».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت الكتل السياسية ستعود بعد إعلان النتائج إلى خريطتها القديمة، لم يستبعد الجبوري ذلك، لا سيما أن رئاسة الحكومة محسومة للشيعة... وبالتالي لا بد أنهم سيشكلون الكتلة النيابية الأكثر عدداً. بينما يرى أن «العرب السنّة يمكن أن يعودوا إلى تحالف سنّي واحد بعد إعلان النتائج».
وفي السياق نفسه، يرى محمد جميل المياحي، الناطق الرسمي باسم تيار «الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «الحجوم بدت واضحة إلى حد كبير، ومن ثم، فإن مسار التحالفات بدأ حراكه منذ الآن». وبيّن المياحي أن «ما يجري الآن هو في واقع الأمر مرحلة تفاهم قوى سياسية فيما بينها تروم الاتفاق على مبادئ معينة لغرض تشكيل الحكومة... ومن ثم توضع الآلية المناسبة لاختيار رئيس الوزراء». وحول ما إذا كان تيار «الحكمة» يميل إلى حكومة الغالبية السياسية التي تنادي بها أطراف عراقية كثيرة في محاولة منها لتخطي عقدة المحاصصة الطائفية والعرقية، يقول المياحي: «إننا في تيار الحكمة لن ندخل مشروعاً سياسياً لا يحقق الأغلبية». غير أن النائبة الكردية سروة عبد الواحد قالت لـ«الشرق الأوسط» عندما التقيناها: «البرامج الانتخابية لم تتغير كثيراً عن سابقاتها التي طرحتها الأحزاب المشاركة في الانتخابات السابقة. والجميع يتحدث عن محاربة الفساد... لكن دون أن يحددوا نوع البرنامج المعتمد للقضاء على الفساد، ولا أحد يذكر كيفية بناء الدولة ومؤسساتها». وتضيف عبد الواحد: «قناعتي أن هذه البرامج تبقى حبراً على الورق لحين تنفيذها بعد الانتخابات». وبشأن الدعاية الانتخابية وما يمكن أن تعبر عنه في سياق التنافس، ترى عبد الواحد أن «الدعاية الانتخابية، بدورها، تتجاوز على الحق العام... وهناك خروق كثيرة لضوابط المفوضية، وهناك من يخرق القوانين أيضاً. وما يلفت النظر حجم التسقيط السياسي الذي يشارك به الجميع بمراحل مختلفة». وبينت النائبة الكردية أن «ما تتعرض له النساء المشاركات في الانتخابات وقتل شخصية المرأة من خلال نشر الصور المفبركة ومسّ الحياة العامة للمرأة من الأمور المؤشرة إلى أنهم يريدون تخويفها من المشاركة السياسية».

- حظوظ التيارات المدنية
وبشأن حظوظ التيار المدني وتراجع الخطاب الديني بالقياس إلى الدورات الماضية، يقول رائد فهمي، السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التيارات المدنية دخلت الانتخابات المقبلة بصورة غير موحّدة، بينما المفاجأة قد تبدو في تحالف (سائرون) الذي تحالفنا معه... ذلك أنه وإن كان تياراً إسلامياً، فإنه تحالف مع تيار مدني. وهذا تطوّر مهمٌ، إذ إن التمثيل هو جزء من مشروعنا السياسي». ويضيف فهمي أن «الإطار العام هو أن الخطاب المدني سيفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، لأنه لا يمكن إعادة إنتاج الحالة السابقة نفسها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو إلى أي مدى يمكن أن يكون ذلك؟». فهمي يعتقد أن «هناك مؤشرات كثيرة على ذلك، من بينها أن الشحن الطائفي تراجع كثيراً... ومن حاول إحياء المشروع الطائفي فشل تماماً ولم يستجب له أحد، كما أن مساحات الحريات اتسعت، وكذلك حالة الاعتراف بالآخر». ويؤكد أخيراً أن «مثل هذه الأمور بدأت تنعكس على مستوى السلوك الاجتماعي... وإن كانت ما زالت بحاجة إلى أن تترسخ سلوكاً سياسياً يمكن أن يخرجنا من عنق زجاجة المحاصصة».

- لماذا رئاسة الوزراء؟
كما سبقت الإشارة، الجزء الأكبر من الصراع المحتدم حالياً، لا سيما بين الكتل الشيعية الخمس الرئيسية - أي «النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«سائرون» المدعومة من مقتدى الصدر، و«الحكمة» المدعومة من عمار الحكيم - إنما هو الوصول إلى رئاسة الوزراء، سواءً تحقق ذلك عن طريق الغالبية السياسية التي يدعو إليها المالكي، أو الغالبية الوطنية التي يدعو إليها الحكيم، أو الشراكة الوطنية التي يدعو إليها العبادي.
كل طرف من هؤلاء، بما فيهم «الفتح» بزعامة هادي العامري، أو «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، له حلفاؤه من السنّة والأكراد... وإن بدرجات مختلفة.
لقد كانت الدورات البرلمانية السابقة تهدف إلى تشكيل كتلة شيعية أكبر داخل البرلمان، ثم يجري بسهولة نسبية اختيار مرشح إحدى الكتل الشيعية لمنصب رئاسة الوزراء مقابل تقاسم بقية المناصب داخل البيت الشيعي. إلا أن الأمر يبدو مختلفاً الآن لأسباب كثيرة، من بينها: تشظي الكتل كلها بمختلف تسمياتها، بما بات يعني إمكانية تشكيل تحالف عابر للعرقية والطائفية مع بقاء منصب رئيس الوزراء لشخصية شيعية. والفرق هنا يبدو كبيراً بين أن يكون المرشح لرئاسة الوزراء من قبل كتلة أكبر داخل البيت الشيعي يمكنها أن تتحكم بتحركاته طوال فترة حكمه حتى بافتراض وجود صلاحيات واسعة لديه، ومرشح شيعي يمكن أن يكون مستقلاً في حال تعذر الاتفاق على مرشح من كتلة معينة أو مرشح كتلة، لكن ليس ضمن شروطها.
ولذلك فإن من بين ما يجري تداوله من أفكار هو إمكانية أن يكون رئيس الوزراء المقبل من خارج البرلمان، وهو ما قد يعني شخصية مستقلة. ومع أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي يسعى لولاية ثانية، ولا يخفي أنصاره ذلك، فإن لدى المالكي مرشحين لرئاسة الحكومة ما لم يغير هو رأيه في آخر لحظة فيطرح نفسه مرشحاً إذا حصل ائتلافه (دولة القانون) على عدد من المقاعد يسمح له بالمناورة. وفي هذه الأثناء، يسعى تحالف «الفتح» إلى طرح مرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، ربما أبرزهم هادي العامري، ومثله منافساه «الحكمة» بزعامة الحكيم و«سائرون» بزعامة الصدر، اللذان لم يعلنا حتى الآن عن أسماء للتنافس.

- العودة إلى الاصطفاف
وفي هذا السياق، يوضح السياسي والأكاديمي العراقي الدكتور نديم الجابري في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن موضوع «تشكيل الحكومة لا يرتبط بمجرد تشكيل كتلة أكبر، بل هناك موازنات صعبة مع كتل وكيانات ومكونات لا بد منها». ولا يستبعد الجابري عودة هذه الأطراف إلى «الاصطفافات والتقوقع الطائفي، لأنها ورغم كل الحديث عن الكتل العابرة، تحولت إلى منظومة ثابتة من الصعب تخطيها... ثم إن عملية تشكيل الحكومة خلال الانتخابات المقبلة سوف تكون صعبة بسبب التقارب النسبي بين الكتل، خصوصاً أنه لن تكون هناك كتلة كبيرة في الغالب». وهنا تبرز مسألة الولاية الثالثة للمالكي والثانية للعبادي «حجر الزاوية» في المشهد السياسي داخل القوى الشيعية... من منطلق أن رئيس الوزراء هو الذي ترشحه الكتلة النيابية الأكبر. وحقاً، ما دام لا توجد فرصة حتى المدى المنظور لتشكيل مثل هذه الكتلة وفقاً للمعايير الوطنية، فإن الصراع بشأن المنصب التنفيذي الأهم بالدولة، أي رئاسة الوزراء، سيبقى محصوراً في الدائرة الشيعية.

- الكتل الرئيسية المشاركة في الانتخابات العراقية
أولاً: الكتل الشيعية
1 - «النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، ولقد دخلت في 18 محافظة عراقية بما فيها محافظات إقليم كردستان. تضم الكتلة قيادات بارزة من «حزب الدعوة»، بالإضافة إلى شخصيات سياسية، من بينها آراس حبيب كريم أمين عام المؤتمر الوطني العراقي، وبعض قيادات حزب الدعوة من بينهم عباس البياتي وعلي العلاق ووليد الحلي، وشخصيات سنية من بينهم وزير الدفاع السابق خالد العبيدي.
2 - «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، وتضم قيادات من «حزب الدعوة» مثل خلف عبد الصمد، و«الدعوة تنظيم العراق» مثل محمد شياع السوداني وزير العمل والشؤون الاجتماعية وخالد الأسدي.
3 - «الفتح» بزعامة هادي العامري، وتضم غالبية فصائل «الحشد الشعبي».
4 - «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتضم عدة أحزاب منها «الاستقامة» بزعامة حسن العاقولي، والحزب الشيوعي العراقي بزعامة رائد فهمي، و«التجمع الجمهوري» بزعامة سعد عاصم الجنابي، وحزب «الدولة العادلة» بزعامة قحطان الجبوري.
5 - تيار «الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، الذي اعتمد في غالبيته على الشباب، ومن أبرز الشخصيات التي يضمها هذا التيار وزير الرياضة والشباب عبد الحسين عبطان.

ثانياً: الكتل السنّية (الكتل الأبرز)
1 - «تحالف القرار العراقي» بزعامة أسامة النجيفي، ويضم عدة قوى وأحزاب سنية في المحافظات الغربية، ومن أبرز الشخصيات المنضوية فيه ظافر العاني وأحمد المساري وسلمان الجميلي.
2 - «تحالف بغداد»، ويضم من بين رموزه رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، بالإضافة إلى النائبة الكردية آلاء طالباني التي فضلت الترشح عن بغداد.
3 - كتل وتحالفات سنّية تحت تسميات «الأنبار هويتنا» و«ديالى هويتنا» و«نينوى هويتنا» و«صلاح الدين هويتنا».

ثالثاً: الكتل المختلطة
1 - ائتلاف «الوطنية»، يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، ومن أبرز رموزه رئيس البرلمان الحالي سليم الجبوري.
2 - «تحالف تمدن» وهو يضم عدداً من القوى المدنية بزعامة النائب فائق الشيخ علي، وبين شخصياته النائب عن نينوى أحمد الجبوري والنائبة عن بغداد شروق العبايجي.
رابعاً: الكتل الكردستانية في محافظات إقليم كردستان
1 - الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
2 - الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة كوسرت رسول.
3 - «التحالف من أجل الديمقراطية» بزعامة برهم صالح.
4 - «حركة التغيير».
5 - «الجماعة الإسلامية».

- مجموع عدد الكيانات والأحزاب والكتل 216، وعدد المرشحين 7 آلاف مرشح.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.