ضربات جوية عراقية على مواقع «داعش» داخل العمق السوري

بتنسيق مع دمشق... والتحالف قدم معلومات استخباراتية... عشية اجتماع رباعي يضم إيران وروسيا

TT

ضربات جوية عراقية على مواقع «داعش» داخل العمق السوري

في تحرك نادر الحدوث، شنت القوات العراقية، أمس، ضربات جوية، وصفت بـ«المميتة»، على مواقع تنظيم داعش، شرق سوريا، بتنسيق مع النظام السوري، حسب ما أعلن متحدث باسم الجيش العراقي. وأعلن التحالف ضد الإرهاب، الذي تقوده الولايات المتحدة، أنه على علم بالهجمات، وأنه قدم معلومات استخباراتية للجيش العراقي.
ويأتي التحرك العراقي، عشية اجتماعي رباعي في بغداد يضم إيران، وروسيا، وتركيا، والعراق، وبعد أيام من قول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن بلاده ستدافع عن نفسها في مواجهة أي تهديدات للمتشددين من «داعش» عبر الحدود.
وقال متحدث باسم الجيش العراقي، إن «القوات الجوية العراقية استخدمت مقاتلات إف16 الأميركية، للعبور إلى سوريا وتنفيذ الضربات بعد التنسيق مع النظام السوري». وأضاف في بيان «إن تنفيذ ضربات ضد عصابات (داعش) في الأراضي السورية هو لوجود خطر من هذه العصابات على الأراضي العراقية، ويدل على زيادة قدرات قواتنا المسلحة في ملاحقة الإرهاب والقضاء عليه». وفي وقت سابق هذا الشهر، قال العبادي «(داعش) موجود في شرق سوريا على الحدود العراقية، والموجود منهم إذا كان يهدد أمن العراق سأتخذ كل الإجراءات الضرورية لمنعه» في إشارة إلى التنظيم المتشدد الذي اجتاح قبل ثلاثة أعوام فقط ثلث العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد أعلن النصر على تنظيم داعش، في العراق في ديسمبر (كانون الأول)، لكن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً من خلال جيوب على الحدود مع سوريا، كما ينصب أكمنة وينفذ عمليات اغتيال وتفجيرات في أنحاء البلاد.
ويرتبط العراق حالياً بعلاقات مع إيران وروسيا، الداعمتين الرئيسيتين للأسد في الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثامن، كما تتلقى بغداد دعماً قوياً في الوقت نفسه من التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وقال المتحدث العسكري باسم وزارة الدفاع والناطق باسم العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، أمس، إن العراق سيستمر في استهداف تنظيم داعش في مناطق الفرات الحدودية داخل الأراضي السورية. وقال رسول في بيان صحافي، إن «العراق لن يتوقف عن شن هذه الضربات؛ وذلك لجهة استهداف هذا التنظيم ما دام كان هناك تهديد يمس أمن العراق».
وأوضح رسول، أن «الضربة جاءت بعد المتابعة الاستخباراتية من قبل الأجهزة الأمنية العراقية؛ إذ كان التنظيم يخطط ومن داخل مواقع في الأراضي السورية للقيام بشن عمليات أو هجمات إرهابية ضد قطعاتنا على الحدود». وتابع: إن «سلاح الجو العراقي قام باستهداف عدد من هذه المواقع، وكانت ضربات موفقة بعد توجيه القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وبالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة».
إلى ذلك، أكد الخبير الأمني المتخصص، فاضل أبو رغيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه ليست هي الضربة الأولى التي توجهها القوات الجوية العراقية إلى (داعش) داخل سوريا، بل كانت الضربة الأولى نفذت خلال شهر فبراير (شباط) من عام 2017 وبالتنسيق مع الحكومة السورية».
وبشأن الأهداف التي شملتها الضربة، قال أبو رغيف، إنها «شملت معسكرات تفخيخ ومراكز سيطرة وقيادة»، مبيناً أن «المواقع هذه تقع على بعد 30 ـ 50 كم قرب الحدود العراقية، حيث تتواجد في هذه المنطقة معسكرات ومضافات لـ(داعش) تشمل الموجودين في سوريا، ومن تسلل إليهم من داخل الأراضي العراقية».
من جهته، أكد رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية، الدكتور عدنان السراج، والمقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف من هذه الضربات الجوية هو العمل على منع تنظيم داعش من إعادة تنظيم نفسه من جديد في هذه المناطق»، مشيراً إلى «وجود معلومات بأن التنظيم يحاول أن يستعيد قواه ويبدأ شن هجمات على العراق».
وأضاف السراج: إن «الحكومة العراقية سبق أن أبلغت الجانب الأميركي بذلك، وطلبت منهم أن تتولى مسؤولية حماية الحدود مع قوات النظام السوري، لكنهم لم يوافقوا؛ لأنهم يرون أن وجود القوات السورية على الحدود يعني تسهيل امتداد النفوذ الإيراني من العراق عبر سوريا إلى لبنان، وبالتالي فإن العراق يدفع ثمن ذلك».
في هذه الأثناء، عقد مسؤولون عسكريون وأمنيون، من إيران، والعراق، وسوريا، وروسيا، اجتماعاً، أمس، في بغداد. وقال وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي، إن «الرؤية المشتركة التي تحملها هذه البلدان إزاء التهديدات، قادمة».
وزار وزير الدفاع الإيراني مركز تبادل المعلومات الدولي في بغداد. وقال بيان لوزارة الدفاع إنه «خلال الزيارة تم تقديم إيجاز عن مركز تبادل المعلومات الرباعي من قبل مدير الاستخبارات العسكرية».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.