انطلاق مفاوضات تجديد اتفاق الصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي اليوم

أعلن أمس في الرباط أن المغرب والاتحاد الأوروبي سيشرعان اليوم بالعاصمة المغربية في مفاوضات لتجديد بروتوكول الشراكة في مجال الصيد البحري، وذلك في سياق تداعيات قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن استثناء مياه الصحراء من الاتفاق الحالي بين الطرفين.
جاء ذلك خلال لقاء تمهيدي عُقِد أمس بالرباط بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حضره من الجانب المغربي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش، ووزير الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، وكاتبة الدولة (وزيرة دولة) المكلفة الصيد البحري امباركة بوعيدة، وعن الجانب الأوروبي السفيرة رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي إلى المغرب كلوديا فيدي، والمسؤولة عن شؤون الصيد البحري فيه كريستينا رامبو.
وأعلن الوزير أخنوش عن بدء هذه المفاوضات الرامية لتجديد البروتوكول الموقّع لسنوات عدة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، الذي تنتهي مدته في 14 يوليو (تموز) المقبل، معرباً عن أمله في أن تتوج المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي في أسرع وقت ممكن ببروتوكول جديد للشراكة في مجال الصيد البحري.
وقال أخنوش إن الجانبين سيرتكزان خلال المفاوضات على تجربة ناجحة تمتد لثلاثين سنة من التعاون في هذا المجال الاستراتيجي. وأضاف أن «المغرب والاتحاد الأوروبي سيشرعان في مرحلة جديدة، وآمل أن تسفر المفاوضات عن اتفاق يعود بالنفع على الجانبين ويحترم التزاماتهما». وأشاد أخنوش بنتائج بروتوكولات الصيد البحري السابقة، التي مكنت المغرب من تحقيق استثمارات مهمة في البنيات التحتية، ودعم تفعيل مخطط «أليوتيس»، الاستراتيجية الجديدة لتطوير قطاع الصيد البحري في المغرب.
من جهته، أبرز بوريطة أن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري ليس حديث العهد، إذ جرى إبرام أول اتفاق في 1988، مشيراً إلى أن الجانبين يتوفران على تجربة 30 سنة في هذا المجال الأساسي في شراكتهما. وقال إن «انطلاق المفاوضات من أجل تجديد اتفاق الصيد البحري يعكس الانخراط التام للاتحاد الأوروبي ولدوله الأعضاء في الحفاظ على الشراكة الشاملة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وتعزيزها». وشدد الوزير بوريطة على أن المغرب يدخل هذه المفاوضات بمرجعية في غاية الوضوح، ومواقف دقيقة جداً ورؤية محددة بشكل جيد، مؤكداً على أن المملكة حريصة على شراكتها مع الاتحاد الأوروبي، باعتبارها «استراتيجية وأساسية»، بقدر ما تحرص على «احترام وحدتها الترابية ووحدتها الوطنية، اللتين لا يمكنهما في أي حال من الأحوال أن تشكلا موضوع مفاوضات أو توافقات لأنهما تشكلان عناصر إجماع الشعب المغربي وراء الملك محمد السادس».
من جهتها، أشارت السفيرة فيدي إلى أن الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري تمثل عنصراً أساسياً في العلاقات بين الجانبين، وهو ما يجعل الدول الأعضاء في الاتحاد منخرطة بشكل ثابت في مواصلة جهودها المشتركة في هذا المجال.
وبينما أكد المغرب والاتحاد الأوروبي عزمهما على إنجاح المفاوضات في أقرب وقت ممكن، فإنهما لم يشيرا إلى كيفية التوفيق بين تحقيق هذا الهدف واحترام قرار المحكمة الأوروبية بشأن استثناء مياه الصحراء، في ظل تأكيد المغرب رفضه أي تفاوض حول «سيادته على أقاليمه الجنوبية»، ذلك أن الوزير بوريطة شدد على أن «الوحدة الترابية وسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية خط أحمر، وليست مجالاً لأي مفاوضات»، مشدداً في الوقت نفسه على حرص المغرب «على استمرار الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي على أسس متينة».
وأشارت سفيرة الاتحاد الأوروبي في الرباط من جهتها إلى أن «قرار محكمة العدل الأوروبية طرح أسئلة معينة نحن ملزمون بالإجابة عنها، لكي يكون الاتفاق مبنيا على أسس صلبة ودائمة»، مشددة على دعم «جهود الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للنزاع في الصحراء». وسيمكن بروتوكول الصيد البحري الجديد من تحديد شروط هذه الشراكة، التي تتمثل أهدافها في تطوير صيد بحري مستدام لصالح الجانبين، وتعزيز حكامة المحيطات، خصوصاً عبر تعزيز المتابعة العلمية، ومراقبة عمليات الصيد البحري في المنطقة.
وأعربت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط عن عزم الاتحاد مواصلة دعم قطاع الصيد البحري بالمغرب عبر استراتيجية «أليوتيس»، التي تدعمها بروكسل في سقف أزيد من 120 مليون يورو منذ إطلاقها، مشددةً على أن تجديد الاتفاق سيخول أيضاً مواصلة وتعزيز التعاون في هذا المجال المهم، وتحديث الأدوات الحالية من أجل حكامة أفضل لقطاع الصيد البحري في المنطقة، مع ضمان استدامة الصيد البحري، وحماية المنظومات الثمينة للبيئة البحرية.