ميغيل دياز ـ كانيل رئيساً لكوبا بلا منافس

ينهي 60 عاماً من سلطة الأخوين كاسترو

ميغيل دياز - كانيل (يمين) مع راؤول كاسترو (أ.ف.ب)
ميغيل دياز - كانيل (يمين) مع راؤول كاسترو (أ.ف.ب)
TT

ميغيل دياز ـ كانيل رئيساً لكوبا بلا منافس

ميغيل دياز - كانيل (يمين) مع راؤول كاسترو (أ.ف.ب)
ميغيل دياز - كانيل (يمين) مع راؤول كاسترو (أ.ف.ب)

ميغيل دياز - كانيل الرجل الثاني في النظام الكوبي انتخب أمس الخميس رسميا، بلا منافس، رئيسا للبلاد خلفا للرئيس المنتهية ولايته راؤول كاسترو ما ينهي نحو ستة عقود من سلطة الأخوين كاسترو في الجزيرة. وأعلنت اللجنة الانتخابية الوطنية، كما أفاد الموقع الكوبي الإلكتروني الرسمي «كوبا ديبايت»، أن دياز - كانيل المدني البالغ من العمر 57 الذي كان المرشح الوحيد وثبت نواب البرلمان انتخابه لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد ب،603 أصوات من أصل 604، وبهذا فان هذا البلد الشيوعي لن يحكمه للمرة الأولى منذ حوالي ستة عقود أحد أفراد عائلة كاسترو مع نقل رارول كاسترو رسميا الرئاسة إلى خليفته المعين ميغيل دياز - انيل.
وعرض تعيين الرجل الثاني في النظام، للتصويت في البرلمان الأربعاء، ولم تكن النتيجة موضع شكوك. ولحظة الإعلان عن ترشيحه تعانق الوريث الرمادي الشعر مع سلفه الذي يبلغ السادسة والثمانين من العمر، مؤكدين بذلك ما كان كثيرون يتوقعونه منذ أشهر. وفرض دياز كانيل، القادم من الحزب الوحيد وذو النظرة الثاقبة والمتكتم، نفسه تدريجيا إلى جانب راؤول كاسترو بعد تعيينه نائبا أول للرئيس في 2013، وبعدما تسلق في الظل سلم السلطة.
وعرف دياز كانيل، الذي نادى بتطور الإنترنت وبصحافة تتمتع بمزيد من حرية النقد في الجزيرة، كيف يعطي عن نفسه صورة الحداثة، مع بقائه مقلا في التصريحات. لكنه يعرف أيضا كيف يبدو متصلبا حيال الانشقاق والدبلوماسيين الذين يميلون إلى انتقاد النظام.
وقد أعده الرئيس المنتهية ولايته لتسلم أعلى المناصب، فأرسله لتمثيل الحكومة في الخارج، فيما خصصت له وسائل الإعلام الرسمية مزيدا من الأخبار.
وسيكون دياز كانيل المكلف قيادة عملية انتقالية تاريخية لولاية تتجدد كل خمس سنوات، أول رئيس كوبي لم يعرف ثورة 1959، ويتعين عليه بناء شرعية له. ومن المفارقات السعيدة أنه سيحتفل الجمعة بعيد ميلاده الثامن والخمسين.
قال مايكل شيفتر، رئيس مجموعة «حوار بين الأميركتين» في واشنطن، أن «من الصعوبة بمكان تقويم قدرة دياز كانيل على تولي مهمات الرئيس (...) أنه ابن النظام، لكن صلابة النظام هي التي تشكل أكبر عقبة للتقدم». وأكد هذا الخبير، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، أن بداياته «ستشكل اختبارا لقدراته السياسية، ويمكنه أن يتوقع بعض المقاومة».
وكتب الأخوان كاسترو تاريخا فريدا من التعاون على مستوى القمة، وتمكنا طوال 60 عاما تقريبا من مقاومة قسوة القوة العظمى الأميركية وانهيار الشريك السوفياتي الذي كانت عواقبه وخيمة على الجزيرة. وبعدما خلف في 2006 شقيقه فيدل الذي توفي أواخر 2016، أجرى راؤول كاسترو مجموعة من الإصلاحات كانفتاح الاقتصاد على الشركات الخاصة الصغيرة، وقام بتنسيق تقارب مذهل مع الولايات المتحدة. لكن المراقبين يقولون إن الإصلاحات كانت خجولة جدا لإنعاش اقتصاد ما زال يعتمد كثيرا على الواردات ودعم حليفه الفنزويلي الذي يواجه تراجعا شاملا. ولمساعدة خليفته على تجنب المزالق، ولإبقائه على الأرجح أيضا تحت سيطرته، سيحتفظ راوول كاسترو بمنصبه أمينا عاما للحزب الشيوعي الكوبي حتى 2021، ويبلغ الحادية والتسعين من العمر.
كذلك يستطيع المسؤول الثاني المقبل في النظام، سلفادور فالديس ميسا (72 عاما)، رفيق السياسة الكوبية منذ البداية، أن يمد له يد المساعدة القوية، لتخفيف مقاومة الحرس الثوري القديم، الحريص على عدم التضحية بالإرث الاشتراكي على مذبح الإصلاحات.
وسيغادر مسؤولان «تاريخيان» هما رامون ماشادو فنتورا (87 عاما) وألفارو لوبيز مييرا (76 عاما) مجلس الدولة، لكن «قدامى» آخرين قد أبقوا في الهيئة التنفيذية العليا التي ستضم بالإجمال 13 عضوا جديدا من أصل 31. وتعيين أعضاء مجلس الوزراء يفترض أن يحصل في الأيام المقبلة، لكن عددا كبيرا من المراقبين يعتبرون حتى الآن أن الشكل الجديد للحكم الكوبي سيكون أقل مركزية.
وقال خورخي دواني، مدير معهد البحوث الكوبية في جامعة فلوريدا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن دياز كانيل «سيتبنى على الأرجح أسلوب إدارة يتسم بالتمسك بالقواعد المؤسسية والبيروقراطية، أكثر من اعتماده على حضوره وشخصيته، كما كان الحال مع فيدل، ثم مع اختلاف ضئيل مع راؤول». ويتعين على الرئيس الجديد الذي سيحافظ على التوازن بين الإصلاح واحترام المبادئ الأساسية لمبادئ كاسترو، الحرص على متابعة «عصرنة» اقتصاد ما زال تحت إشراف الدولة بنسبة 80 في المائة. ومن المسائل التي يتعين الخوض فيها، إلغاء العملة المزدوجة، وهو نظام فريد من نوعه في العالم، ويتسبب كما يقول خبراء، بخلل في نموذج اقتصادي مهمل ويعوقه منذ 1962 الحصار الأميركي.
على الصعيد الدبلوماسي، سيواجه الرئيس المقبل للسلطة التنفيذية الكوبية أيضا، تنافرا متجددا مع «العدو» الأميركي الأبدي، لأن الرئيس الجمهوري دونالد ترمب أوقف منذ سنة تقاربا بدأ أواخر 2014.



كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.