مصدر فلسطيني: غياب فصائل لن يؤثر على نصاب المجلس الوطني

«الجبهة الشعبية» تقاطع... و«فتح» تصر على عقد الجلسة في رام الله بمن حضر

TT

مصدر فلسطيني: غياب فصائل لن يؤثر على نصاب المجلس الوطني

قال مصدر فلسطيني مطلع، إن جلسة المجلس الوطني ستعقد نهاية هذا الشهر الحالي «بمن حضر»، مؤكداً أن مقاطعة بعض الفصائل الفلسطينية للجلسة لن تؤثر على النصاب القانوني.
وأضافت المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد حركة فتح ومستقلون وفصائل أخرى ومنظمات واتحادات تشكل الأغلبية، إذا بقيت الجبهة الشعبية على موقفها من المقاطعة».
وأكد المصدر أن حركة فتح تفضل مشاركة الشعبية وتتطلع إليها، كونها ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير، وتعطي أهمية للاجتماع، لكنها لن تلغيه إذا ما أصرت الجبهة على المقاطعة.
من جهتها، أعلنت الجبهة الشعبية أمس، أنها لن تشارك في دورة المجلس الوطني المقررة في نهاية أبريل (نيسان) الحالي. وقالت في بيان، إن «وفد الجبهة الذي التقى وفداً من حركة فتح الأربعاء (في القاهرة) دعا إلى تأجيل انعقاد دورة المجلس، ومواصلة العمل من أجل عقد مجلس وطني توحيدي، وفقاً للاتفاقيات الوطنية الموقَّعة بهذا الخصوص، ومعالجة ملف الانقسام».
وأضاف البيان: «في ضوء عدم التوصل إلى اتفاق بين الوفدين على تأجيل انعقاد دورة المجلس الوطني، قررت الجبهة الشعبية عدم حضور هذه الدورة، والتأكيد على موقفها من منظمة التحرير وحرصها على دورها ومكانتها وصفتها التمثيلية».
ويأتي قرار الجبهة في وقت لن تشارك فيه حركتا «حماس» و«الجهاد» في الجلسة الافتتاحية، وهما، بخلاف الجبهة، من خارج منظمة التحرير.
وعدّت حركة حماس قرار الجبهة مقاطعة دورة المجلس الوطني «موقفاً تاريخياً»، داعيةً لمواقف وطنية مماثلة.
وقالت في بيان لها: «نُقدّر عالياً موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ونعتبره موقفاً تاريخياً يأتي استجابة للمسؤولية الوطنية والحرص على مسيرة الوحدة الوطنية الفلسطينية».
ودعت حماس الفصائل الفلسطينية ومختلف المؤسسات الأهلية الفلسطينية والشخصيات الوطنية الاعتبارية، إلى «تسجيل موقف وطني مماثل في رفض المشاركة في جلسة المجلس الوطني، واستشعار المآلات الخطيرة لعقده من دون توافق، وأهمها تأبيد الانقسام، وتعزيز فرص تمرير المؤامرات التي تُحاك ضد قضيتنا، وفي مقدمتها ما يسمى بصفقة القرن».
وطالبت الحركة «قيادة السلطة وحركة فتح بالتقاط رسالة الإجماع الفلسطيني الرافض لحالة التفرد والهيمنة على القرار الفلسطيني، والعمل الفوري على وقف هذه السياسة وقراراتها الانقسامية، وفي مقدمتها قرار عقد المجلس الوطني بصيغته الانقسامية والمزورة».
وأكدت وقوفها «بكل قوة وصدق خلف مسار الإصلاح الذي أقرته الاتفاقيات الوطنية السابقة، وفي مقدمتها إعلان بيروت 2017، وتفعيل الإطار الوطني المؤقت، والمضي قدماً في مسيرة الوحدة الوطنية القائمة على الشراكة الحقيقية، وصولاً إلى تحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني وتطلعاته».
وتريد الجبهة الشعبية وكذلك «حماس» و«الجهاد» عقد جلسة المجلس الوطني في الخارج بمشاركة الجميع بعد تفعيل الإطار القيادي المؤقت، لكن حركة فتح أصرت على عقد الجلسة في رام الله، ورفضت دخول حماس إلى المنظمة قبل إتمام عملية المصالحة.
ويكتسب عقد المجلس أهميته هذه المرة، لأن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يتطلع لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، باعتبار ذلك آخر وأهم خطوة في مسيرة «تجديد الشرعيات» و«ضخ دماء جديدة» لمواجهة «التحديات الخارجية والداخلية».
ويريد عباس الانتهاء سريعاً من انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، وهي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، في إطار ترتيباته من أجل «انتقال سلس» للسلطة في حال أي غياب قهري له.
ويُفترض أن تجري الانتخابات المرتقَبة أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الذي حددته المنظمة في الثلاثين من الشهر الحالي.
وتأتي هذه الانتخابات بعد نحو عام على انتخابات جرت داخل حركة فتح، وانتهت بانتخاب لجنة مركزية جديدة ومجلس ثوري لها.
ويعد المجلس الوطني بمثابة برلمان المنظمة الذي يمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، ويضم الآن نحو 650 عضواً، من أصل نحو 700 بسبب رحيل أعضاء فيه، وجميعهم ممثلون عن الفصائل والقوى والاتحادات الفلسطينية والمجلس التشريعي وعسكريون.
وعُقد المجلس الوطني منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله عام 2009، انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة، ليصبح عدد أعضائها 18 عضواً.
ويوجد في التنفيذية الحالية أعضاء متوفون وآخرون كبار ومرضى وغير فاعلين.
وسيضمن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، التخلص من بعض الأشخاص والدفع بآخرين لتشكيل قيادة جديدة وقوية.
وحددت حركة فتح 3 من أعضاء لجنتها المركزية مرشحين لانتخابات اللجنة التنفيذية، هم الرئيس محمود عباس، وصائب عريقات، وهو أمين سر اللجنة التنفيذية الحالية، وعزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في الحركة.
واختيار هؤلاء يقوّي موقفهم أيضاً فيما يخص إمكانية خلافة الرئيس عباس الذي كان عُيِّن قبل عام، محمود العالول نائباً له وأعطاه صلاحيات كبيرة.
وقالت مصادر مطلعة في فتح إن مسألة خليفة عباس لم تُحسم بعد، وما زالت مفتوحة، على الرغم من اختيار الحركة لعريقات والأحمد أعضاء في اللجنة التنفيذية.
وتضم التنفيذية 18 عضواً، من بينهم الأمناء العامون للفصائل وأعضاء مستقلون.
وفي مواجهة رفض الشعبية و«حماس» و«الجهاد» عقد المجلس الوطني، أبدت فصائل فلسطينية إلى جانب فتح، إصرارها على عقده في هذا الوقت.
وقال كل من حزب الشعب وجبهة النضال الشعبي، إنه توجد أهمية لعقد الجلسة المقرّرة للمجلس الوطني في الثلاثين من الشهر الحالي لمواجهة المخططات التي تستهدف تصفية القضية الوطنية من جهة، ولتفعيل مؤسسات منظمة التحرير وتطويرها، من جهة ثانية.
وقال عصام بكر المسؤول في حزب الشعب، إن جلسة المجلس الوطني المقررة تكتسب أهميتها بعد قرار ترمب بشأن القدس، وللإجابة على الأسئلة الكبيرة التي طرأت خلال الفترة الماضية، عبر الذهاب إلى استراتيجية وطنية مغايرة، وصيغة جديدة متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام، وتفعيل المقاومة الشعبية، ونيل المزيد من الاعتراف بدولة فلسطين، وتفعيل البعد القانوني، وإحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال عضو المجلس الوطني عن جبهة النضال الشعبي، فضل طهبوب: «إننا في وضع صعب جداً، وعلى جلسة المجلس الوطني المقررة وضع استراتيجية جديدة، لأن الوضع السياسي لا يحتمل أكثر، فضلاً عن ضرورة العمل على تفعيل مؤسسات منظمة التحرير».
وأمام هذا الخلاف، طرح مراقبون تحويل الدعوة إلى اجتماع غير عادي، وظيفته الرئيسية انتخاب لجنة تنفيذية جديدة. لكن الاقتراح لا يلقي قبولاً لدى قيادة فتح.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.