بوادر أزمة دبلوماسية حادة بين الجزائر ومالي

باماكو تستدعي بعثتها الدبلوماسية بسبب طرد 1400 مهاجر من رعاياها

TT

بوادر أزمة دبلوماسية حادة بين الجزائر ومالي

تمر علاقات الجزائر بجارتها الجنوبية مالي بأزمة دبلوماسية حادة، وذلك بسبب حملة ترحيل رعايا مالي من المهاجرين السريين، التي تقودها الحكومة الجزائرية منذ شهور. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس عن وزير الخارجية المالي عبد الرحمن سيلا أن حكومة البلاد استدعت سفيرها وقنصلها في الجزائر لـ«التشاور حول الوضعية المزرية للماليين»، المقيمين فوق تراب الجار الشمالي بصفة غير قانونية.
وبحسب مصادر الإذاعة فقد جاء استدعاء الدبلوماسيين على أثر ترحيل 1441 مالياً من الجزائر «في ظروف صعبة للغاية»، بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) من العام الجاري.
وأكد مصدر بوزارة الداخلية الجزائرية في اتصال مع «الشرق الأوسط» صحة عدد المرحلين الماليين، وهو الأعلى، حسبه، من بين مئات مرحلين آخرين يتحدرون من بلدان جنوب الصحراء، خصوصا النيجر وغينيا وغانا وكاميرون.
وأضاف المصدر أن «حملة الترحيل مستمرة، وقد بدأت نهاية العام الماضي». لكنه نفى أخبارا مفادها أن ترحيل المهاجرين تم بناء على اتفاق مع حكوماتهم.
وذكرت «بي بي سي» أن وزير الخارجية المالي عبد الرحمن سيلا وصف طرد رعايا بلده بـ«المعاملة غير المقبولة». وطالب الماليين الموجودين في الجزائر بمغادرتها «إن كانوا لا يشعرون بالأمان».
وهذه أول مرة يصدر فيها عن باماكو موقف كهذا تجاه الجزائر، التي تعد حليفا استراتيجيا لها في مجال محاربة الإرهاب والتطرف. كما يجمع الحكومتين تعاون كبير في ملفات اقتصادية، مرتبطة بمشروعات تنمية بمالي.
ولا يعرف رسميا عدد المهاجرين الماليين السريين في الجزائر، لكن عددهم يقدر بالمئات. وقد صرح وزير الداخلية نور الدين بدوي مؤخرا أن الحكومة الجزائرية رحلت 27 ألف مهاجر غير شرعي خلال العامين الماضيين. موضحا أن قطاعا منهم تم ترحيله بناء على اتفاق مع حكوماتهم، وأن حدود البلاد «تعرف يوميا محاولات تسلل 500 أجنبي». وعبر عن خشيته من «أن يستغل المتطرفون الشبان المهاجرين بغرض تنفيذ أعمال إرهابية».
وقال مقران آيت العربي، وهو محام وأحد أشهر الناشطين الحقوقيين إن «القانون الجزائري يوفر حماية للمهاجر المقيم بطريقة شرعية، وينبغي النظر لهذا المهاجر أولا كإنسان، قدم إلى بلادنا ليس اختيارا، وإنما مضطرا لظروف اقتصادية أو أمنية. وهجرة المواطنين من بلدان جنوب الصحراء إلينا ليست للبحث عن الرفاهية، وإنما من أجل البقاء على قيد الحياة».
وأوضح الناشط بأنه «لا ينبغي أن نطلب من الجزائر أن تبقي على أراضيها كل المهاجرين غير الشرعيين، فهذا لا تقبله أي دولة في العالم. لكن من واجب الدولة الجزائرية أن تعامل هؤلاء معاملة إنسانية، وليست بوليسية، قائمة على منطق أمني، وأن تقدم لهم المساعدة، وتتفادى ترحيلهم جماعيا. وفي المقابل يمكنها ترحيلهم كأفراد إذا ارتكبوا جرائم. والقصد من كلامي أن المطلوب الليونة في التعامل مع الأجنبي، بدل تطبيق القانون حرفيا وبصرامة». ولاحظ آيت العربي بهذا الخصوص أن السلطات الجزائرية «لا تحترم حقوق مواطنيها، فكيف لها أن تولي عناية لهذا الجانب عندما يتعلق الأمر بأجنبي؟» حسب تعبيره.
وتمكن البلدان منتصف الشهر الماضي من تجاوز أزمة كانت تبدو حادة، إثر هجوم ماليين على مبنى سفارتها بباماكو، احتجاجا على مخطط ترحيل مواطني بلدهم. وأحرق المحتجون عجلات مطاطية بمحيط السفارة، وحاولوا اقتحام المبنى، الذي رشقوه بالزجاجات الحارقة. كما رفع المتظاهرون شعارات مناوئة للحكومة الجزائرية على خلفية ما سموه «إساءة» لمئات المهاجرين المرحلين خلال الأسابيع التي سبقت الحادثة، متهمين سلطات الجزائر بـ«الطرد التعسفي لرعايا بلدان أفريقية». وغادرت البعثة الدبلوماسية الجزائرية المكان بصعوبة تحت تغطية أمنية.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي الشريف، خلال اندلاع هذه الأحداث، أن ما جرى «غير مقبول تماما، ويشكل اعتداء صارخا على تمثيلية دبلوماسية في بلد تربطنا معه علاقات واتفاقيات». وأعلن عن استدعاء السفير المالي لـ«بحث جرم الاعتداء على سفارتنا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.