محال تجارية تاريخية توثق الطراز المعماري الفرنسي في وسط القاهرة

أبرزها عمر أفندي وصيدناوي وريفولي وبنزايون

مبنى صيدناوي التراثي في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة
مبنى صيدناوي التراثي في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة
TT

محال تجارية تاريخية توثق الطراز المعماري الفرنسي في وسط القاهرة

مبنى صيدناوي التراثي في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة
مبنى صيدناوي التراثي في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة

ما زالت «القاهرة الخديوية» تكشف عن وجوهها المتعددة للعابرين. فالمنطقة التي تعرف أيضا بوسط البلد لم تكن فقط مقرا سكنيا للطبقة الارستقراطية والجاليات الأجنبية، ولم تكن مقرا للهيئات الحكومية والثقافية المهمة، بل كانت أيضا مركزا تجارياً واقتصاديا جاذباً للأموال والاستثمارات، وفيها عرف المصريون المحلات التجارية الكبرى، في بدايات القرن الماضي التي كانت المقدمة التاريخية لمراكز التسوق الشهيرة حالياً.
كانت تلك المحال التجارية التي تميّزت بإطلاق أسماء ملّاكها عليها، تعرض أحدث صيحات الموضة بالتزامن مع عواصم عالمية. وكان أغلب الملاك من أصول فرنسية وإيطالية وسويسرية وحتى سورية، من أمثال: صيدناوي وشاملا وعمر أفندي وهانو وعدس وريفولي وبانزيون وغيرها.
فيما ظلّت تلك المحال تحتفظ بطابعها الارستقراطي حتى أُممت خلال الستينات من القرن الماضي، لتنضم إلى ملكية الدولة، وتخدم طبقة أخرى جديدة هي الطبقة الوسطى التي اعتمدت لسنوات على معروضات تلك المحال من مفروشات ومنسوجات وسائر الأدوات المنزلية.
لكنّ مباني تلك المحال ظلت محتفظة بطرازها المعماري الفريد، وهي تحمل حتى الآن أسماء مصممين عاملين، فازوا ببناء تلك التحف المعمارية، عن طريق مناقصات طرحها أصحاب تلك المحال لبناء مبانٍ مميزة تشي بثراء أصحابها، ولا تقل عن عظمة البناء في القاهرة الخديوية بذلك الوقت.
فقد بنى المعماري الفرنسي راؤول براندن أول مبنى لسلسلة المحلات التجارية عمر أفندي في عام 1908، في شارع رشدي وهو مكوّن من 6 طوابق على الطراز الروكوكو الذي ظهر في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، واحتل مكانة مميزة في العمارة الفرنسية والألمانية.
وقتها كانت سلسلة محلات عمر أفندي تحمل اسما آخراً، وهو اسم مالكها ومؤسسها «أودلف أوروزدي» النمساوي الأصل، وكانت سلسة المحلات تتخذ شعارا طريفا لها، عبارة عن فيل ضخم يركب دراجة بطريقة بهلوانية، وكانت فروع «أوروزدي باك» تمتد من باريس حتى مصر مروراً بتونس وسوريا والعراق.
أمّا براندن مصمم المبنى نفسه، فهو معماري شهير، رأس جمعية الفنانين الحرة، وله عدد من المعالم الباريسية المهمة، كما عمل في السياسة، وأصبح عضوا بالبرلمان عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.
إلى ذلك، حرص الأخوان سليم وسمعان صيدناوي على بناء أكثر من فرع في الوقت ذاته لسلسلة محلاتهما الشهيرة التي ظل اسمها ملاصقا لحاجات الطبقة الوسطى المصرية لسنوات.
ويعدّ المبنى المنتصب في ميدان الخازندار بمنطقة الموسكي عام 1913 أبرز مباني سلسلة محلات «صيدناوي» وكان قد بني على غرار المبنى التجاري «لافاييت» في باريس الذي سبقه ببضعة أعوام حين افتتح عام 1894 وأنشئ مبنى صيدناوي على مساحة شاسعة، تصل إلى 8530 مترا مربعا وكان ملحقا بحديقة أمامية، وهو من تصميم المعماري الفرنسي العالمي أيضا جورج باروك.
يذكر أنّ باروك انتقل إلى القاهرة منذ عام 1910 وكان قريبا من النخبة الشوام في مصر، ممن كانوا يجيدون التحدث بالفرنسية، وينسب إليه تصميم عدد من المباني المهمة في مصر، مثل أوبرا الإسكندرية التي تحوّل اسمها إلى مسرح سيد درويش، واستوحى تصميمه المعماري من تصميم دار أوبرا «فيينا» بالنمسا ومسرح «أوديون» في باريس.
ويجرى حالياً العمل على مشروع لتطوير مبنى الخازندار العريق لترميمه، بمشاركة كل من وزارة الاستثمار ومركز التنسيق الحضاري. وتغير نشاطه التجاري القديم، ليصبح مجمعا لتسويق المنتجات الثقافية والفنية على مستوى أفريقيا.
هناك أيضاً مبنى صيدناوي المطل على ميدان طلعت حرب الذي أُجّر إلى أحد المحلات التجارية الشهيرة، ولكن اسم صيدناوي ظلّ محفورا بأحرف بارزة على واجهة المبنى، هذا بالإضافة إلى المباني التاريخية ذات الطراز المعماري المميز لقائمة المحلات التجارية الأخرى، مثل هانو وعدس وشملا.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».