الحمد الله: إمَّا كل شيء في غزة أو لا شيء

مصر تحاول الاتفاق مع «حماس» على «تسليم القطاع» وإبعاد شبح الحرب

شبان يتجولون على مقربة من «خيام العودة» في قطاع غزة قرب الحدود مع إسرائيل (إ.ب.أ)
شبان يتجولون على مقربة من «خيام العودة» في قطاع غزة قرب الحدود مع إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحمد الله: إمَّا كل شيء في غزة أو لا شيء

شبان يتجولون على مقربة من «خيام العودة» في قطاع غزة قرب الحدود مع إسرائيل (إ.ب.أ)
شبان يتجولون على مقربة من «خيام العودة» في قطاع غزة قرب الحدود مع إسرائيل (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، إن على حركة «حماس» أن تسلم كل شيء في قطاع غزة للحكومة الفلسطينية أو فلا شيء، مؤكداً حرص حكومته على توحيد الأرض والشعب.
وأضاف الحمد الله في كلمة في المؤتمر الأمني السنوي الثالث، في أريحا: «من أجل هذا (الوحدة) توجهنا مرة تلو الأخرى إلى قطاع غزة، ودعونا بتوجيهات فخامة الرئيس محمود عباس، حركة (حماس) في كل مناسبة ومن على كل منبر، للتمكين الشامل والجاد للحكومة».
ورفض الحمد الله أي تجزئة في تسليم قطاع غزة، مشترطاً «التسليم الكامل والتسلم الكامل لكافة المهمات في القطاع».
وقال الحمد الله، إن تسلم الحكومة قطاع غزة: «سيجنّب شعبنا المزيد من ويلات الانقسام المرير، لنتمكن من إدارة شؤون ومصالح المحافظات الجنوبية بكفاءة ونجدة أهلنا فيها، وإكساب قضيتنا الوطنية المزيد من المنعة والصلابة والقدرة على مجابهة التحديات».
وجاء إصرار الحمد الله على تسلم كل شيء في غزة في وقت تشهد فيه المصالحة جموداً شبه كامل.
وفي حين تشترط الحكومة على «حماس» التمكين المالي والسيطرة على المعابر، والتمكين القضائي، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى أعمالهم قبل أي خطوات أخرى، تشترط «حماس» على الحكومة استيعاب موظفيها، والتدخل المباشر لدعم القطاعات المختلفة، ورفع الإجراءات «العقابية» عن غزة.
ويعيش قطاع غزة هذه الأيام أسوأ مراحله منذ عقد بعد فرض حصار عليه.
ولم يتقاضَ موظفو السلطة رواتبهم هذا الشهر، وعجزت قطاعات خاصة وجامعات وفصائل فلسطينية كذلك عن توفير رواتب موظفيها.
ويعتقد أن السلطة تحضّر قوائم للتقاعد المبكر بحق موظفيها في القطاع، وتنتظر رداً مصرياً على طلباتها بشأن تسلم غزة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن فصائل مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي׃ لجأت إلى نظام السلف؛ إذ تقوم بمنح عناصرها سُلفاً متفاوتة. وأضافت المصادر: إن الأزمة وصلت كذلك، إلى «كتائب القسام»، وهذا أمر نادر. وتابعت: «الوضع العام متردٍ وسيئ، وفي تراجع مخيف». ويعاني قطاع غزة من تدهور اقتصادي وحياتي، مع ارتفاع غير مسبوق في نسب البطالة والفقر، بعد إجراءات بدأها الرئيس الفلسطيني قبل شهور ضد غزة، وتتزامن مع حصار إسرائيلي على القطاع وتراجع الدعم المالي الخارجي للفصائل الفلسطينية.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن نيته اتخاذ «إجراءات وطنية وقانونية ومالية» إضافية، ضد قطاع غزة، بعد محاولة اغتيال الحمد الله وفرج في الـ13 من الشهر الماضي.
ويتجه الرئيس الفلسطيني إلى إعلان قطاع غزة «إقليماً متمرداً»، إذا لم تسلم حركة «حماس» قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بشكل كامل.
ولم تبد «حماس» حتى الآن، استعدادها لتسليم القطاع، ونفت لمصر اتهامات عباس لها، وألمحت إلى وجود جهات في رام الله متورطة.
وتدخلت مصر بقوة لجهة إغلاق ملف محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، من دون أن ينسف المصالحة الفلسطينية المترنحة أصلاً.
ونجحت مصر في تبريد الرؤوس قليلاً، وتأجيل أي قرارات أو إعلانات من شأنها توتير الموقف أكثر.
ووافق عباس على إعطاء المصريين مهلة للوصول إلى اتفاق مع «حماس» من أجل تسليم القطاع.
ووجهت مصر دعوة لحركة «حماس» من أجل لقاءات في القاهرة بعد أيام من زيارة سريعة للواء سامح نبيل، مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، إلى قطاع غزة، التقى خلالها قيادة حركة «حماس»، برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة.
وحمل نبيل رسالة مهمة من رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، إلى حركة «حماس»، حول قرار مصري باستئناف جهود المصالحة، وفق اتفاق القاهرة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. ووصل الثلاثاء إلى مصر وفد يرأسه نائب رئيس الحركة صالح العاروري، ويضم أعضاء المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، وخليل الحية، وحسام بدران.
وقالت «حماس»، إن الوفد سيلتقي المسؤولين المصريين، وسيتباحث معهم حول العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، والقضايا التي تخص الشأن الفلسطيني، وسبل حماية القضية الفلسطينية من المخاطر التي تهددها، وسبل تحقيق مطالب شعبنا وحقوقه المشروعة، إضافة إلى سبل التخفيف من معاناة شعبنا في غزة ورفع الحصار الظالم.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين المصريين يريدون الاتفاق مع «حماس» على تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية.
وتعمل مصر من أجل نزع فتيل الأزمة، وتخشى كذلك من أن غياب الأفق في القطاع قد تؤدي إلى مواجهة جديدة.
وطلبت مصر من «حماس» الحفاظ على سلمية مسيرات العودة؛ حتى لا تؤدي إلى تدهور يمكن أن يقود إلى حرب جديدة.
وأكدت المصادر، أن «حماس» تعهدت بسلمية المسيرات، لكنها أبلغت المصريين أنها تعتقد أن عباس لا يريد الوصول إلى مصالحة، بعد اتهامه الحركة بالوقوف خلف محاولة اغتيال الحمد الله.
وأكدت المصادر، أن مصر ستعمل جاهدة على الوصول إلى اتفاق محدد مع «حماس» في قضايا محل خلاف، مثل التمكين الأمني والجباية المالية والموظفين، ثم ستحاول أن تجمع الحركتين في القاهرة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.