«أموال الإرهابيين» في مصر... تشريعات مختلفة تفتقر إلى «الدعم الدولي»

8 مليارات جنيه أرصدة لـ«الإخوان» تحت التحفظ

صورة نشرها المتحدث العسكري قبل أسبوع لـ{مضبوطات مع عناصر إرهابية» في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
صورة نشرها المتحدث العسكري قبل أسبوع لـ{مضبوطات مع عناصر إرهابية» في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
TT

«أموال الإرهابيين» في مصر... تشريعات مختلفة تفتقر إلى «الدعم الدولي»

صورة نشرها المتحدث العسكري قبل أسبوع لـ{مضبوطات مع عناصر إرهابية» في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
صورة نشرها المتحدث العسكري قبل أسبوع لـ{مضبوطات مع عناصر إرهابية» في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)

بموافقة مجلس النواب المصري، بشكل نهائي، على قانون قدمته الحكومة بشأن «تنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين»، تكون السلطات قد قطعت خطوة ثالثة في مواجهة «الأفراد والتنظيمات المتطرفة»، والتي بدأت عام 2013 بإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية، ثم أعقبتها في عام 2015 بإصدار قانون «تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين».
وتواجه مصر منذ 5 سنوات تقريباً، هجمات «إرهابية» مختلفة طالت مدنيين وعسكريين من قوات الجيش والشرطة في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد، وكانت أكثر عنفاً في الفترة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في أجواء «ثورة 30 يونيو» التي واكبتها مظاهرات شعبية حاشدة ضد استمراره في الحكم.
وتحدث خبراء في شؤون الإرهاب إلى «الشرق الأوسط» بشأن الإجراء التنظيمي المصري الأخير، ومع تأكيدهم على ضرورته غير أنهم لفتوا إلى افتقاره التحركات الرسمية في هذا الصدد إلى «الدعم والتنسيق الدولي».
وينظم مشروع القانون، الذي أقره النواب، أخيراً «الإجراءات القانونية للتحفظ على أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين»، وخص القانون «لجنة مستقلة ذات تشكيل قضائي باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة باعتبار جماعةٍ أو كيانٍ أو شخصٍ ينتمي إلى جماعة إرهابية».
وفي رأي الباحث في شؤون «الجماعات الإسلامية»، أحمد بان، فإن «المعالجة المصرية لمسألة تجفيف منابع التمويل للإرهاب، تتسم بالجزئية، ولا تندرج في سياق سياسات قومية ذات أبعاد مختلفة»، وموضحاً أن «ظاهرة الإرهاب بطبيعتها معقدة البنيان تنظيمياً ومالياً، وبالتالي فإنها تحتاج لمسارات أمنية وقانونية وثقافية».
وأفاد بان في تصريحات إلى «الشرق الأوسط»، بأن «جماعة الإخوان خاصة في الفترة التي تولت فيها السلطة في مصر، تمكنت من نسج علاقات واسعة مع كيانات واسعة في المجتمع المدني وعدد من المؤسسات، الأمر الذي يعني دخول البعض منهم ضمن دائرة الاشتباه في مسألة التحفظ على أموال الجماعة»، وقال: «هذه الطبيعة الخاصة للجماعة يجب أن يتم مراعاتها خاصة أن هناك بعض من يتم إدراجهم بالخطأ في قوائم الإرهابيين».
ودعا بان إلى «تدابير دولية، سواء بشكل تشريعي في إطار القانون الدولي، أو بالاتفاقيات الثنائية، ليضع الدول الغربية أمام مسؤولياتها لتتبع ورصد مسارات تمويل الجماعات المسلحة والمتطرفة ومن ينتمون إليها أو يدعمونها، ويمكنونها من ممارسة أنشطة في مصر». ولفت الباحث المصري، إلى «حاجة القاهرة إلى بذل مزيد من الجهد مع الجانب الأميركي، في سياق تتبع مصادر تمويل الإرهابيين النشطين في مصر، وإقناع واشنطن بضرورة التعاون المعلوماتي لتتبع كيفية تحرك تلك الأموال من مصادرها الأولى وحتى وصولها إلى أيدي المسلحين».
ووفق أحدث إحصائية رسمية معلنة للجنة «حصر أموال جماعة الإخوان»، في عام 2016 فإن إجمالي ما تم التحفظ عليه من أموال عناصر في الجماعة بلغ نحو 8 مليارات جنيه (455 مليار دولار)، تنوعت بين الأرصدة المباشرة، والشركات متنوعة الأنشطة والمدارس التي يملكها عناصر في الجماعة 3 مليارات و505 ملايين جنيه.
وعدّ المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة، ماهر فرغلي، أن «تنظيم التحفظ على أموال الإرهابيين، يرتكز بالدرجة الأولى على التمويل المعلن، غير أن الإجراءات الأخيرة لا يمكنها وفق الآليات القائمة الاقتراب من الأموال السرية».
وشرح فرغلي أن «التمويل الإقليمي والدولي، هو ما يجب الانتباه له في سياق التحركات المصرية، للحد من ظاهرة تمويل الإرهاب ذات الطابع التنظيمي المتشعب»، ومشيراً إلى أن «المواجهة الأمنية القوية على أهميتها وضرورتها، تحتاج إلى دعم ثقافي، وتشريعي بطبيعة دولية يساهم في التعاون للقضاء وتجفيف منابع الإرهاب».
ويُلزم القانون الذي أقره النواب المصري: «الجهات الحكومية وغير الحكومية والهيئات والبنوك بالتعاون مع لجنة (إدارة الأموال المتحفظ عليها) وتمكين أعضائها أو ممثليهم من الاطلاع على كل ما لديها من مستندات ومعلومات»، كما يعاقب «بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عن إمداد اللجنة بالمعلومات أو البيانات أو المستندات اللازمة لأداء أعمالها مع عزله من وظيفته مدة مماثلة لمدة الحبس المقضي بها، ويعاقب بذات العقوبة كل من اتصل عمله باللجنة أو أمانتها الفنية فأفشى ما حصلت عليه اللجنة من بيانات أو معلومات».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.