«العفو الدولية» تتهم العراق بـ«معاقبة جماعية» لنساء «داعش» وأطفالهن

تحدثت في تقرير عن «الحرمان من المساعدات» و«الاستغلال الجنسي»

امرأة عمل زوجها طاهياً لدى «داعش» انتهت مع أطفالها الخمسة في مخيم بالسلامية قرب الموصل (أ.ب)
امرأة عمل زوجها طاهياً لدى «داعش» انتهت مع أطفالها الخمسة في مخيم بالسلامية قرب الموصل (أ.ب)
TT

«العفو الدولية» تتهم العراق بـ«معاقبة جماعية» لنساء «داعش» وأطفالهن

امرأة عمل زوجها طاهياً لدى «داعش» انتهت مع أطفالها الخمسة في مخيم بالسلامية قرب الموصل (أ.ب)
امرأة عمل زوجها طاهياً لدى «داعش» انتهت مع أطفالها الخمسة في مخيم بالسلامية قرب الموصل (أ.ب)

نددت منظمة العفو الدولية في تقرير نشر أمس بفرض السلطات العراقية «عقابا جماعيا» على النساء والأطفال المشتبه بارتباطهم بتنظيم داعش، مشيرة إلى أن هذا العقاب يشمل خصوصا الحرمان من المساعدات الإنسانية والمنع من مغادرة مخيمات النازحين وممارسة العنف الجنسي بحق النساء.
وقالت المنظمة في تقرير بعنوان: «المدانون: نساء وأطفال عراقيون معزولون ومحاصرون ويتعرضون للاستغلال في العراق» أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، إنها رصدت «تفشي التمييز ضد المرأة في مخيمات الأشخاص النازحين داخلياً من قبل قوات الأمن وموظفي إدارات المخيمات والسلطات المحلية التي تعتقد أن هؤلاء النساء ينتمين إلى تنظيم داعش». وأكد التقرير أن «الاستغلال الجنسي كان يحدث في كل مخيم من المخيمات الثمانية التي زارها باحثو المنظمة» الحقوقية.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، في التقرير: «ربما تكون الحرب ضد تنظيم داعش في العراق قد انتهت، لكن معاناة العراقيين لا تزال أبعد ما تكون عن الانتهاء. فالنساء والأطفال الذين لهم صلة مفترضة بتنظيم داعش يعاقَبون على جرائم لم يرتكبوها». وأضافت أن «هذه العائلات المطرودة من مجتمعاتها لا تجد مكاناً أو أحداً تلجأ إليه. فهي عالقة في المخيمات ومنفية ومحرومة من الغذاء والماء وغيرهما من الأساسيات». وشددت المسؤولة الحقوقية على أن «هذا العقاب الجماعي المهين ينطوي على خطر التأسيس للعنف المستقبلي، ولا يمكن أن يُرسي سلاماً عادلاً ودائماً يريده العراقيون الذين هم بأمسِّ الحاجة إليه».
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في فبراير (شباط) الماضي أن نحو 2.5 مليون شخص لا يزالون في مخيمات النازحين، بعد أن تمكنت القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولي من طرد المتطرفين من المناطق الشاسعة التي سيطروا عليها عام 2014 في شمال البلاد وغربها.
وكثير ممن فروا من المناطق التي كانت تحت سيطرة «داعش» انتهى بهم المطاف في مخيمات النازحين. وسرد التقرير «تفاصيل محنة آلاف العائلات التي تعولها نساء تُركن ليتدبرن أمورهن وحدهن في مخيمات النازحين داخلياً بعد مقتل الذكور من أفراد العائلات أو اعتقالهم تعسفياً واختفائهم قسراً أثناء فرارهم من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش داخل الموصل وحولها». وأضاف أنه «في كثير من الحالات كانت (جريمة) الرجال الوحيدة هي الفرار من معاقل (داعش)، أو تشابه أسمائهم مع الأسماء الواردة في (قوائم المطلوبين) المشكوك فيها، أو القيام بأعمال غير قتالية مع تنظيم داعش كطُهاة أو سائقين».
وأكد التقرير أن «النساء والأطفال في مخيمات النازحين داخلياً في مختلف أنحاء العراق محرومون من الحصول على الغذاء والرعاية الصحية نتيجة لصلتهم المفترضة بتنظيم داعش». وأضاف أن «هذه العائلات تُمنع كذلك بشكل معتاد من الحصول على بطاقات هوية وغيرها من الوثائق التي يحتاجها أفرادها للعمل والتنقل بحرية»، مشيرا إلى أنه «في مخيم واحد على الأقل مُنعت العائلات التي يُشتبه في أن لها صلة بتنظيم داعش من مغادرة المخيم الذي أصبح بمثابة مركز اعتقال بحكم الأمر الواقع». ولفت التقرير إلى أن «النساء اليائسات والمعزولات يتعرضن لخطر الاستغلال الجنسي الكبير على أيدي قوات الأمن والحراس المسلحين وأفراد الميليشيات الذين يعملون داخل المخيمات وحولها». وأضاف أنه «في كل مخيم من المخيمات الثمانية التي زارها باحثو منظمة العفو الدولية، أُرغمت النساء، بالإكراه والضغط، على الدخول في علاقات جنسية مع رجال مقابل النقود التي هن بحاجة ماسَّة إليها، أو مقابل الحصول على المساعدات الإنسانية أو من أجل الحماية من الرجال الآخرين».
وشدد التقرير على أن «هؤلاء النساء عرضة لخطر الاغتصاب. فقد قالت أربع نساء لمنظمة العفو الدولية إنهن إما شهدن عمليات اغتصاب بشكل مباشر أو سمعن صرخات نساء في مخيم مجاور وهن يُغتصبن من قبل رجال مسلحين أو موظفين في إدارة المخيم أو غيرهم من سكان المخيم».
وأعربت معلوف عن أسفها لأن «النساء يتعرضن للتمييز ونزع إنسانيتهن من قبل الرجال المسلحين الذين يعملون في المخيمات بسبب انتمائهن المزعوم لتنظيم داعش. والأشخاص الذين يُفترض أن يتولوا حمايتهن يتحولون إلى وحوش مفترسة». وأضافت أنه «يتعين على الحكومة العراقية أن تُظهر جديَّتها في وضع حد للانتهاكات التي تُرتكب ضد هؤلاء النساء، وذلك بإخضاع جميع الجناة للمساءلة ومنع جميع الرجال المسلحين من دخول مخيمات النازحين داخلياً».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.