الجزائر: تصريحات رئيس الوزراء حول «السياحة الصحراوية» تثير غضب نواب البرلمان

الأجانب هجروا مناطق الجنوب منذ حادثة خطف 32 سائحاً أوروبياً عام 2003

TT

الجزائر: تصريحات رئيس الوزراء حول «السياحة الصحراوية» تثير غضب نواب البرلمان

استنكر برلمانيون جزائريون، يتحدرون من جنوب البلاد، تصريحات رئيس الوزراء أحمد أويحيى بشأن «الوضع الأمني في مناطق الجنوب، الذي لا يشجع على قدوم السياح الأجانب».
وكانت السياحة الصحراوية قد تلقت ضربة قاضية عام 2003، تاريخ خطف 32 سائحا أوروبيا على يدي المتطرف عماري صايفي، الذي أفرج عنهم مقابل فدية دفعتها حكومات أوروبية، قال الإعلام الغربي حينها إنها تجاوزت 5 ملايين يورو.
وأثارت «مجموعة النواب بالجنوب الجزائري»، أمس احتجاجا صاخبا بمبنى البرلمان ضد أويحيى، بعد ثلاثة أيام من مؤتمر صحافي عقده لعرض حصيلة ستة أشهر من عمل حكومته (أغسطس/آب) 2017 إلى فبراير (شباط) 2018.
وردا على سؤال صحافي حول السياحة في الجنوب، وخطة الحكومة لإنعاش هذا القطاع في إطار مسعى تنويع الاقتصاد، التابع بشكل كامل لعائدات المحروقات، قال أويحيى إن «العمليات الإرهابية التي تقع بدول الساحل، والوضع الأمني المتردي بليبيا المجاورة، تخلف تأثيرا مباشرا على السياحة في جنوبنا الكبير».
وفهمت تصريحات أويحيى بأن الدولة لا تعول على «السياحة الصحراوية» في «استراتيجية تنويع الاقتصاد»، حيث قال بهذا الخصوص: «تصوروا لو اختطف إرهابيون سياحا أجانب؟ لو حدث ذلك سيتم نسف مجهود سنوات بذلناها من أجل إقناع العالم بأن صحراءنا بمنأى عن الإرهاب». وقد فسر مراقبون كلام أويحيى بأن التهديدات الإرهابية في الجنوب حقيقية، وهي مصدر قلق للسلطات، وبالتالي فالخطاب الذي يردده المسؤولون الحكوميون بشأن «استئصال شأفة الإرهاب نهائيا»، لا يعدو أن يكون «موجها للاستهلاك الإعلامي».
وأطلق نواب الجنوب «عريضة احتجاج»، سلموها لوسائل الإعلام، وقعها 8 برلمانيين يمثلون 5 ولايات تقع بالصحراء، أهمها تمنراست التي تفوق مساحتها 450 ألف كلم مربع.
ومما جاء في الوثيقة أن «موقفكم سيدي رئيس الوزراء، يتعارض مع الحقيقة. فأنتم تنسفون مجهودات أفراد الجيش ومختلف فصائل الأمن، المرابطين بالحدود دفاعا عن أمن البلاد ضد مخاطر الإرهاب»، في إشارة إلى تقارير يومية لوزارة الدفاع، تتناول «التصدي لمحاولات إرهابيين التسلل عبر حدودنا الجنوبية»، وأخبارا عديدة عن قتل متطرفين، وآخرين سلموا أنفسهم للسلطات العسكرية. وفي الغالب تقع هذه الأحداث في الولايات التي انتخب بها هؤلاء البرلمانيون.
وأفاد المحتجون بأن «تصريحات أويحيى حول السياحة والإرهاب في جنوبنا الكبير تتعارض مع برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأنتم مكلفون دستوريا بتنفيذه. فهو يعتمد على قطاع السياحة كأحد البدائل الاقتصادية ومورد لتمويل الخزينة العمومية، التي أصابها الإفلاس بسبب تراجع إيرادات النفط. وتعول خطة الرئيس الاقتصادية، بشكل خاص، على السياحة الصحراوية، التي لا يتطلب تطويرها إمكانات كبيرة كبناء منتجعات وفنادق وفضاءات للتسلية والترفيه، فهي على طبيعتها خلابة وجذابة للسياح».
وبحسب النواب المحتجين، فإن الجنوب «يتوفر على وكالات سياحية تملك خبرة كبيرة، وكفاءة عالية تؤهلها للنهوض بالسياحة في ولايات الصحراء، على عكس الوكالات السياحية التي تنشط بمناطق أخرى، حيث ترسل سياحنا الجزائريين إلى الخارج، وهي بذلك تقدم دعما ماليا بالعملة الصعبة لخزائن بلدان أجنبية»، في إشارة إلى 3 ملايين جزائري يقضون إجازة الصيف في تونس، ومئات الآلاف يسافرون إلى تركيا وإسبانيا واليونان من أجل السياحة.
وأبرز النواب أن «السياحة الصحراوية، على عكس ما تعتقدون سيدي رئيس الوزراء، تساهم في امتصاص البطالة، مع العلم أن جنوبنا الكبير لا يتوفر على مصانع وإدارات، ما يحول دون تشغيل شبابنا العاطل عن العمل في مناطقنا التي تعاني من التهميش». وطالبوا أويحيى بتقديم دعم للوكالات السياحية بالجنوب، وفتح المسارات السياحية المغلقة منذ 15 سنة، التي تبعد، حسبهم، بأكثر من 500 كلم عن خطوط التماس مع مالي والنيجر، حيث التهديدات الإرهابية.
يشار إلى أن السياح الأجانب هجروا الصحراء بعد حادثة 2003، وتقريبا لا أثر لهم في الساحل الذي يفوق طوله 1200 كلم.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.