الرئيس الموريتاني: سأظل رئيسا للجميع وضامنا لحقوق كل المواطنين

بعد إعادة انتخابه لفترة ثانية مدتها خمس سنوات

الرئيس محمد ولد عبد العزيز
الرئيس محمد ولد عبد العزيز
TT

الرئيس الموريتاني: سأظل رئيسا للجميع وضامنا لحقوق كل المواطنين

الرئيس محمد ولد عبد العزيز
الرئيس محمد ولد عبد العزيز

تباينت ردود فعل المترشحين للانتخابات الرئاسية في موريتانيا، بعيد إعلان النتائج المؤقتة التي أكدت فوز الرئيس محمد ولد عبد العزيز بنسبة 81.89 في المائة من أصوات الناخبين، ما سيمكنه من إدارة دفة الحكم في البلاد لولاية رئاسية ثانية؛ حيث أعلن أحد المترشحين قبوله بالنتيجة وهنأ ولد عبد العزيز، فيما أكد مترشح آخر تسجيله قدرا كبيرا من التزوير والخروقات، وقال: إنه بصدد تقديم طعون لدى المجلس الدستوري.
وأكد بيجل ولد هميد، رئيس حزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي، الذي حصل على نسبة 4.5 في المائة من أصوات الناخبين، في مؤتمر صحافي عقده أمس بنواكشوط أنه راض عن النتيجة التي حصل عليها، وهنأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمناسبة اختياره من طرف الشعب الموريتاني لمأمورية رئاسية ثانية, مشيرا في نفس الوقت إلى أن بعض المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال استخدموا الأموال للضغط على الناخبين قبل التصويت، داعيا إلى فتح حوار جديد من أجل تقنين استخدام المال السياسي وتكريس حياد الدولة في العملية الانتخابية.
من جهته، انتقد المناضل الحقوقي بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، النتائج المؤقتة والتي حصل بموجبها على نسبة 8 في المائة من أصوات الناخبين، في المرتبة الثانية بفارق كبير بعد ولد عبد العزيز، وقال ولد اعبيدي إنه بصدد دراسة جملة من الخروقات سجلتها إدارة حملته وسيتقدم بطعون لدى المجلس الدستوري، من ضمنها «طعون في اللائحة الانتخابية وتزوير في بعض مكاتب التصويت»، وفق تعبيره.
وأعلن الحسين ولد أحمد الهادي، الناطق الرسمي باسم المترشح محمد ولد عبد العزيز، أن الانتخابات «كانت حرة ونزيهة، وضمنت فرصا متساوية لجميع المترشحين، خاصة في وسائل الإعلام العمومية»؛ وأضاف ولد أحمد الهادي في مؤتمر صحافي عقده أمس بنواكشوط، أن «ولد عبد العزيز سيكون رئيسا لجميع الموريتانيين، بمن فيهم من قاطعوا الانتخابات ومن شاركوا فيها وصوتوا لبقية المترشحين».
وأكد ولد أحمد الهادي أن الباب سيبقى مفتوحا للحوار مع جميع الطيف السياسي، داعيا مختلف الأحزاب السياسية إلى «تحمل مسؤولياتها في مسيرة بناء الوطن»، منتقدا في نفس الوقت موقف المعارضة التي قاطعت الانتخابات.
من جهتها, شككت المعارضة المقاطعة في النتائج المعلنة، وشككت بشكل خاص في نسبة المشاركة التي قالت: إنها «مزورة ولا تعكس الحقيقة»، وقالت قيادات في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في حديث مع «الشرق الأوسط» أمس، إن «نسبة المشاركة التي أعلنت - وإن كانت غير حقيقية - إلا أنها في نفس الوقت كانت أقل بكثير من نسبة المشاركة التي سجلت في الانتخابات البلدية والنيابية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. والتي وصلت آنذاك إلى 75 في المائة».
وتتواصل الحرب الكلامية بين المعارضة المقاطعة وداعمي الرئيس الموريتاني، حيث انتقد الحسين ولد أحمد الهادي تصريحات أدلى بها الرئيس الموريتاني الأسبق اعل ولد محمد فال لوسائل إعلام محلية، وصف فيها انتخابات السبت الماضي بـ«المهزلة التي ستدخل البلاد في مجابهة بين النظام والمعارضة»؛ وقال ولد أحمد الهادي إن «الدولة ستضرب بيد من حديد كل من يسعى للمجابهة وتهديد الأمن والسكينة في البلاد».
وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قد أعلنت أول من أمس النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية، حيث حصل الرئيس محمد ولد عبد العزيز على نسبة 81.89 في المائة، وهي ثاني أعلى نسبة يحصل عليها رئيس موريتاني بعد انتخابات عام 1997 التي حقق فيها الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع نسبة 90 في المائة.
ومباشرة بعد إعادة انتخابه لفترة ثانية مدتها خمس سنوات، قال الرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد عبد العزيز إنه سيظل رئيسا لجميع الموريتانيين، بعد إعادة انتخابه لفترة ثانية مدتها خمس سنوات.
وقال سيدي ولد سالم، مدير حملة الرئيس، في بيان قرأه باسم ولد عبد العزيز فجر أمس، إن الرئيس «سيظل» رئيسا لكل الموريتانيين، والضامن لحقوق كل المواطنين، بما فيها المساواة أمام القانون والولوج إلى خدمات الدولة.
وعد مدير حملة الرئيس حصول ولد عبد العزيز على نسبة 81.89 في المائة من الأصوات تعبيرا واضحا عن «انحياز الشعب الواسع إلى برنامجه الانتخابي»، مؤكدا حرص الرئيس المنتخب على تهنئة الشعب وشكره له. وقال ولد سالم إن نسبة المشاركة، التي بلغت 56.46 في المائة، تشكل برهانا حقيقيا على ما وصفه «بالفشل الذريع للذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات». وأضاف أن الشعب الموريتاني عبر بشكل مكثف وبحرية تامة عن اختياراته، بعد الحملة الرئاسية التي جرت بشفافية تامة وفي ظروف جيدة، حسب البيان الذي قرأه ولد سالم.
من جانبها، قالت حملة المرشح بيرام ولد الداه ولد أعبيدي، الذي حل ثانيا بنسبة 67.‏8 في المائة، إنها ستقدم طعنا في النتائج إلى المجلس الدستوري احتجاجا على «عمليات التلاعب والتأثير على الناخبين التي مورست لصالح الرئيس المرشح في بعض المناطق».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.