بن جعفر: يسعدني أن أكون مرشحا توافقيا للرئاسة التونسية

قال لـ {الشرق الأوسط} إن حكومة جمعة خففت التوتر بين الأحزاب

مصطفى بن جعفر
مصطفى بن جعفر
TT

بن جعفر: يسعدني أن أكون مرشحا توافقيا للرئاسة التونسية

مصطفى بن جعفر
مصطفى بن جعفر

في لقاء مطول مع «الشرق الأوسط»، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها أخيرا إلى فرنسا ولقائه الرئيس فرنسوا هولاند، وعد الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بإجراء «جردة حساب» لتجربة حكم الائتلاف الثلاثي مع حزب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية. وقال بن جعفر إن التجربة كانت ضرورية لقيادة المرحلة الانتقالية في تونس، مؤكدا أنها «نجحت» في مهمتها الرئيسة.
ولا يخفي بن جعفر رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، وبذلك يضع نفسه في موقع التنافس مع الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس، الذي لا يخفي رغبته في خوض المنافسة الرئاسية. وقال بن جعفر لـ«الشرق الأوسط» إنه سيكون سعيدا إذا جرى التوافق على شخصه ليكون «مرشحا توافقيا».
وكان علي العريض، رئيس الحكومة السابق والقيادي في حزب النهضة قد أكد أن «النهضة» جاهزة لدعم مرشح توافقي. وبحسب بن جعفر، فإن هذا التطور يعني أن النهضة «وعت صعوبة إدارة الشأن العام وهي في موقع المهيمن».
وفي موضوع الإرهاب الذي تواجهه تونس، دعا بن جعفر إلى «معالجة شاملة» أمنية بالطبع، ولكن أيضا اقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى أن تونس لم تتغلب بعد تماما على هذا التهديد الذي «لا يطال تونس وحدها، بل كل بلدان المنطقة». وفيما يلي نص الحوار:

* ما تقييمك لتجربة الحكم والائتلاف؟
- أولا، لا بد من التذكير بأن هذه التجربة انطلقت من ضرورة التعامل مع النتائج التي أفرزتها انتخابات 2011. حيث لم يكن هناك بديل للائتلاف «التكتل وحركة النهضة وحزب الرئيس المرزوقي». فمراجعة النتائج وما حصلت عليه الأحزاب من مقاعد فرضت علينا هذا الخيار إذ ما كان مطلوبا هو تسيير البلاد في المرحلة الانتقالية الصعبة، نظرا للمشاكل التي عاشتها تونس في عام 2011. نحن كانت لدينا القناعة أن الوضع سيكون صعبا جدا، وأنه ليس بإمكان أي حزب، حتى لو توفرت له الأكثرية، أن يمارس الحكم لوحده، وسعينا إلى أن يجمع الائتلاف أكبر عدد ممكن من الأحزاب. لكن للأسف الشديد، وجدنا جدار صد من جانب الأحزاب التي توجهنا إليها، أي تلك التي كانت في خصام وتحارب (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي وتدافع عن الحرية والديمقراطية، أي المعارضة السابقة. وهكذا تكون الائتلاف الذي جاء تعبيرا عن ضرورة. والحقيقة أن الأحزاب الثلاثة التي قام عليها كانت تعرف بعضها، ونسجت بينها علاقات سابقة للثورة. فنحن عملنا في هيئة الحريات لـ17 أكتوبر (تشرين الأول) مدة خمس سنوات، وكان معنا وبشكل سري الأستاذ علي العريض والدكتور زياد دولاتي، وبعض الشخصيات التي كانت تمثل حركة النهضة، وكنا في نقاش مستمر وأصدرنا وثائق مهمة.
* هل يمكن أن أعود لسؤالك عن تقييمك للعمل الحكومي تحت راية الائتلاف الثلاثي؟
- في مجمله، الحكم إيجابي، لأن في السياسة النتيجة هي التي تحكم.
* كيف يمكن التحدث عن نتائج إيجابية بينما قامت ضدكم حركة مناهضة، واضطرت الحكومة إلى تقديم استقالتها بسبب الرفض الذي تصاعد في الأوساط السياسية والشعبية؟ كيف يمكن مع ذلك التحدث عن نجاح؟
- أنا أتكلم عن تونس ولا أتكلم عن التجربة الحكومية فقط. الهدف من الائتلاف كان، كما ذكرت، إدارة المرحلة الانتقالية بأقل ما يمكن من التكاليف. وفي هذا نجحت الحكومات المتتالية (حكومة حمادي الجبالي وحكومة علي العريض) في قطع خطوات مهمة من المرحلة الانتقالية والمصادقة على الدستور. وأنا أعد ذلك نجاحا. وبالمقابل، فشيء طبيعي أن تكون المعارضة قد نادت بفشل الحكومة بعد أسبوع واحد على تشكيلها. هذا هو دور المعارضة، رغم أن في أدائها كان هناك شيء من المبالغة. ولا أخفيك أنني كنت قد أعلنت أن المرحلة الانتقالية لا تتحمل الشكل التقليدي للديمقراطية، أي الجدل بين الحكم والمعارضة، لأننا بحاجة لأن نعمل يدا بيد حتى نجتاز العقبات. وقد جرت مؤاخذتي علي ما قلته، وبالتالي فقد دخلنا في السيناريو التقليدي؛ حكومة تحكم معارضة تطلق عليها النار. لكن رغم كل الصعوبات والأحداث الخطيرة التي مرت بها تونس، خاصة الاغتيالات السياسية والإرهاب بما أوجدته من توتر داخلي، فإن هناك توافقا اليوم على القول إن تونس نجحت في تجربة المسار الانتقالي. هذا هو في نظري التقييم الصحيح. ولكن في داخل ذلك المسار يمكن أن نتساءل هل أن الأداء هو الأفضل؟ ربما الجواب هو لا، والأسباب معروفة، وأولها غياب الخبرة الكافية في تسيير شؤون البلاد لأن أغلب السياسيين كانوا إما وراء القضبان أو في المعارضة. وهم كانوا مطاردين من قبل الحكم السابق، ثم إن الصعوبة الإضافية تمثلت في إنجاح العمل المشترك، خصوصا أن الناس «الذين وصلوا إلى السلطة» كانوا يحملون أفكارا مختلفة ومشروعا مجتمعيا مختلفا، بحيث إن عملية تسيير شؤون البلد لم تكن سهلة في ذلك الوقت.
* من استفاد، على المستوى السياسي، من تجربة الائتلاف؟ وما رأيكم في مَن يرى أنكم عملتم لمصلحة حزب النهضة الذي كان المستفيد الأول من وجود الائتلاف.. وهذا الحكم يقوله بعض من كان في الائتلاف بمن في ذلك من التكتل؟
- هذا ممكن، خصوصا إذا غاص التقييم في التفاصيل. لكنني أريد أن أقول إن المستفيد الأصلي هو تونس، لأن المرحلة الانتقالية حققت الأهداف المرجوة، لا بل ذهبنا أبعد من ذلك، عندما رأينا أن نجاح الانتخابات المقبلة مرتبط بإدارة مستقلة حتى لا نترك أي مجال للتشكيك في النتائج المقبلة.
* أريد أن أعود للسؤال السابق: ألم تتكئ النهضة على الحزبين اللذين شاركاها الحكم؟ ألم تسحب الغطاء لها بمعنى أنكم كنتم شركاء في الحكم لكن القرار لم يكن بأيديكم؟
- الأحزاب والسياسيون الذين رفضوا الدخول إلى الائتلاف يرون أننا أصل البلية، بوصف أنه لو تركنا النهضة وحدها لكانت انهارت بعد أشهر، وبالطبع كانت المعارضة يمكن أن تقطف ثمار الفشل. هذا تقييم ممكن في وضع طبيعي مستقر، وفي ديمقراطية ذات قاعدة صلبة. لكن الواقع أننا كنا في مرحلة انتقالية، والخيار كان إما النجاح أو الفشل، بل الفوضى.
* لماذا هذه الحجج غير مفهومة وغير مقنعة لكثيرين؟
- الآن، من تتحدث عنهم يفهمون هذا التفكير. لكنهم (وقتها) لم يقبلوا فكرة أن حزبا ديمقراطيا تقدميا يتحالف مع حزب إسلامي. لكن حقيقة، بالنسبة لنا، التفاهم لم يكن صعبا على مستوى العلاقات التي نسجناها في التصدي للنظام الاستبدادي خلال سنوات. العائلات السياسية والفكرية على اختلافها اجتمعت وقامت بينها علاقات. وهذه التجربة (17 أكتوبر) فتحت الباب وسهلت الائتلاف. بالطبع، من كانوا يراهنون على فشل التجربة وانهيار الحزب الذي نجح بنسبة مرتفعة جدا (في الانتخابات التشريعية الأولى حيث حصلت النهضة على 90 نائبا بينما الحزب الذي حل بعدها مباشرة حصل على 29 نائبا ونحن 20 نائبا) لم يكن يستسيغ ما فعلناه، وذهبوا إلى عدّ التكتل بمثابة واجهة للنهضة، بينما العاقلون كانوا يعون أن التكتل، رغم حجم كتلته النيابية المتواضعة نسبيا، كان له دور أساسي في الحكم وفي تعديل الكثير من الخيارات والسياسات والقرارات.
* أنتم تحضرون لحملة انتخابية، فكيف ستتمكنون من القيام بذلك، لأن الكثيرين سيقولون لكم إنكم غير مختلفين عن الآخرين الذين حكمتم معهم مدة ثلاث سنوات؟ كيف ستخرجون من هذه المعادلة الصعبة؟
- صحيح، المعادلة صعبة. لكن المنطق يفرض نفسه، إذ إن الائتلاف الحكومي لم يقم على أساس تطبيق برنامج اقتصادي واجتماعي، بل قام على اتفاق غرضه إدارة المرحلة الانتقالية والمصادقة على الدستور، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية. وبشأن هذه المرحلة، أبدينا الكثير من التفاؤل إذ توقعنا أن تدوم عاما كاملا. لكن الأحداث جعلتها تدوم ثلاث سنوات (أي حتى إجراء الانتخابات الرئاسية).
* هل هذا يعني أنكم لن تشعروا بإحراج في انتقاد «النهضة» مثلا في برامجكم ودعايتكم الانتخابية؟
- أبدا، لكن سندافع أولا عن برنامجنا وسياستنا.
* مَن حلفاؤكم للانتخابات التشريعية المقررة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؟
- لا يمكن أن نتكهن بما ستفضي إليه الانتخابات المقبلة، وما ستفرزه من نتائج. الفكرة السائدة اليوم لدى جميع الأطراف (عدا بعض الاستثناءات الصغيرة) أن المطلوب اليوم في تونس هو حكومة وحدة وطنية، مما يعني أن باب التحالفات للمرحلة المقبلة التي لن تكون أسهل من المرحلة السابقة (بالنظر للمشاكل الأمنية، وما تواجهه الشقيقة ليبيا، والوضع الاقتصادي والحاجة لإصلاحات هيكلية صعبة لا بد أن ننطلق فيها) يتطلب توحيد الصفوف، وحدا أدنى من الانسجام. إذن، أرى أن هناك حاجة لتحالف واسع وعميق لا يستثني أحدا من الذين يريدون بناء تونس الديمقراطية.
* ما أردت التحدث عنه هو تحالفات ما قبل الانتخابات، وليس بعدها.
- بخصوص هذا الشق من السؤال، نحن نرى أن المحور الرئيس للانتخابات المقبلة سيكون المسألة الاقتصادية والاجتماعية. ولهذا، نحن نسعى لأكبر تجمع ممكن للقوى الديمقراطية الاشتراكية التي يمكن أن تبلور معا برنامجا اقتصاديا - اجتماعيا (حتى الآن توافقت أربعة أحزاب على العمل معا، ولكن الباب مفتوح لانضمام المزيد).
* هل ستقدمون مرشحين مشتركين أم أن التفاهم سياسي فقط؟
- لم ندخل بعد في هذه التفاصيل. وجل ما قمنا به أننا بعد أسابيع من النقاش، وضعنا أرضية سياسية تتضمن الخطوط الكبرى، واتفقنا على تنسيق جهودنا في الفترة المقبلة، وربما توصلنا إلى إقرار ترشيحات موحدة أو توافقية أو حتى تقاسم الدوائر. إن أشكال التنسيق لم تتضح بعد تماما.
* ربما المشكلة تكمن في نظام الاقتراع النسبي.. أليس كذلك؟
- بالطبع، النظام الانتخابي يشجع على أن نبقى منفصلين. لكن الرسالة السياسية هي أن نبين للمجتمع التونسي أن هناك بديلا متناسقا له مشروع وبرنامج مختلف عن البرامج المطروحة من طرف الأحزاب التي تعد أحزابا كبرى على الأقل على مستوى استطلاعات الرأي في الوقت الحاضر. هذه الرسالة مهمة، لأنها أولا تطرح بديلا له مصداقية، ولأنها ثانيا تطرح مسألة وجود قوى قادرة على إحداث توازن أفضل في المشهد السياسي، وربما ستكون لها إمكانية لعب دور الحكم في حالة التوترات وتوازن القوى بين الأطراف.
* قال على العريض، رئيس الوزراء التونسي السابق أخيرا إن «النهضة» تسعى لمرشح توافقي.. هل المقصود بذلك استبعاد الباجي قائد السبسي، رئيس «نداء تونس» الذي لا يخفي رغبته في الترشح للمنصب الرئاسي؟
ــ أفهم من هذا التصريح أن حركة النهضة لن تقدم مرشحا رئاسيا. لكن المسألة ليست محسومة، حتى داخل النهضة. وشيء طبيعي أن يكون لحزب بهذا الحجم تيارات منها من يدافع عن إنزال مرشح للرئاسة يرفع راية الحزب، ويدافع عن أفكاره ومشروعه. لكن خيار النهضة بدعم مرشح توافقي يعني أنها استخلصت العبرة من صعوبة إدارة الشأن العام، وهي في موقع مهيمن. هل الباجي قائد السبسي هو المقصود؟ لا أظن ذلك.
* هل يمكن أن تكون أنت مرشحا توافقيا؟
- إذا حصل ذلك فسيكون شرفا لي خاصة إذا صادق حزبي على ترشيحي للانتخابات الرئاسية في أول مجلس وطني ينعقد في شهر أغسطس (آب) المقبل.
* سأكون مستعدا للرهان على أن حزبكم سيقدم ترشيحكم للرئاسة.
- نشعر أن هناك توجها لذلك داخل الحزب، بوصف ترشحي لا يمكن إلا أن يفيد الحزب حتى في حالة الخسارة، إذ إن أي حزب له شيء من المصداقية يرى أن المشاركة تترتب عليها فوائد في كل الحالات. وإذا حصل وشاءت الظروف أن أكون مرشحا توافقيا، فذلك نعده شيئا حسنا لأن المرحلة المقبلة تحتاج للتوافق، كما أسلفت للحكومة ولرئيس الدولة.
* ليبيا مصدر قلق أمني لتونس.. لماذا لا تأخذون المبادرة وتطرحون مثلا انعقاد مؤتمر إقليمي بخصوص هذا الشأن؟
- تونس لا تريد التدخل في الشأن الليبي، رغم عدّها أن له علاقة مباشرة بتونس. والأمر الثاني أننا نرى أن أي تدخل من الخارج لا بد من أن يفاقم الوضع الأمني لدى جارتنا ليبيا. بالطبع، نحن نسعى بكل قوانا إلى تقريب وجهات النظر، وحتى التفكير بتنظيم ندوة في تونس تجمع الإخوة الليبيين. ولكن هذا يحتاج لإرادة سياسية من الأطراف الموجودة في ليبيا، واستعداد للمجيء إلى مائدة الحوار. والحال أن الرصاص اليوم هو لغة الحوار بينهم. فضلا عن ذلك يتعين التنسيق مع دول الجوار، وتلك التي لها علاقات متينة مع ليبيا.
* لكنكم أنتم معنيون بالدرجة الأولى بما يجري في ليبيا إن أمنيا وإن لجهة وجود مئات الآلاف من المواطنين الليبيين في تونس، وبما يشكله من ضغط شبيه بما يشكله اللاجئون السوريون على لبنان.. وأخيرا، الدولة غائبة في ليبيا ما من شأنه مضاعفة المخاطر، لذا أود أن أسألك عن الأسباب التي تمنع تونس من إطلاق مبادرة ما للدعوة لمؤتمر دولي، وليس فقط للأطراف الليبية؟
- إن دعوة كهذه تحتاج لإعداد دقيق. والمهم ليس الفكرة، وهي موجودة. لكن الانتقال إلى تحقيقها يتطلب شروطا وظروفا غير متوافرة اليوم.
* هل يمكن أن نقول إن الخطر الإرهاب في تونس قد انتهى؟
- لا. لا يمكننا أن نقول ذلك. الإرهاب لن ينتهي بين ليلة وضحاها. ومقاومة الإرهاب ستطلب وقتا وحلولا متنوعة وشاملة.
* ما المقصود؟
- أعني أن هناك الحل الأمني وهو الأمر المستعجل، ونحن نستعد له ونواجهه، وقد حققنا العديد من الانتصارات ضد الإرهاب. ولكن هناك أيضا الحل الاقتصادي - الاجتماعي - السياسي، وأعني تحويل المناطق «المضطربة» بيننا وبين ليبيا، وبيننا وبين الجزائر إلى مناطق مزدهرة يحلو فيها العيش وتغيب عنها عمليات التهريب وما له من انعكاسات سلبية جدا على الاقتصاد. ولا بد أيضا من حلول شاملة حتى نواجه آفة الإرهاب التي لا تهدد تونس فقط، بل كل المنطقة.
* ما تقييمكم لأداء حكومة مهدي جمعة؟
- في الوقت الحاضر، يصعب الحكم عليها، المهم أن وجودها ساهم في خفض نسبة التوتر بين الأحزاب، وابتعدنا عن المجادلات «السياسوية»، وهذا مهم في هذه المرحلة وهي تفعل ما هي قادرة عليه، ونحن نرى السيد جمعة ووزراءه ينشطون داخل البلاد وعلى مستوى العلاقات الخارجية لحشد الدعم لتونس. ولكننا نعرف أن النتائج لن تظهر بشكل فوري، بل تحتاج إلى بعض الوقت.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.