هل تكون درعا وجهة قوات الأسد بعد تأمين دمشق؟

طفلان من درعا يعبران شارعاً هدمه القصف في طريقهما إلى المدرسة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
طفلان من درعا يعبران شارعاً هدمه القصف في طريقهما إلى المدرسة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

هل تكون درعا وجهة قوات الأسد بعد تأمين دمشق؟

طفلان من درعا يعبران شارعاً هدمه القصف في طريقهما إلى المدرسة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
طفلان من درعا يعبران شارعاً هدمه القصف في طريقهما إلى المدرسة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

تفتح سيطرة النظام السوري على الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات «الخاصرة الرخوة» لدمشق، الطريق أمام الجيش للتوجه جنوباً وتركيز عملياته وفق محللين على درعا، المحافظة التي انطلقت منها بداية الاحتجاجات الشعبية قبل سبع سنوات.
ويوفر هذا التقدم الميداني وحدات عسكرية لا يستهان بها، تنتظر صفارة الانطلاق نحو درعا، في وقت تبدو استعادة محافظة إدلب (شمال غرب) في الوقت الراهن مهمة أكثر تعقيداً وفق ما يشرح محللون لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومع تأمين محيط العاصمة، يبقى أمام قوات النظام بضعة أحياء في جنوب دمشق تحت سيطرة تنظيم «داعش»، هي الحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن والقدم.
ورجحت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات أن يبادر الجيش إلى «حسم الأمر في منطقة جنوب العاصمة» بعد الانتهاء من الغوطة الشرقية.
وتحشد قوات النظام منذ أكثر من أسبوع قواتها في محيط مخيم اليرموك تمهيداً لطرد التنظيم المتطرف من جنوب العاصمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويرى المحلل المواكب للشأن السوري جوليان تيرون، أن «تأمين العاصمة سيكون بمثابة رصيد جديد يبني عليه للاستفادة من بناء القدرات على جبهات أخرى بينها درعا».
وتسيطر فصائل معارضة تعمل تحت مظلة النفوذ الأردني والأميركي، على سبعين في المائة من محافظة درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة بحسب المرصد. ورغم الحشد المستمر من قبل طرفي النزاع في الفترة الأخيرة، تشهد أجزاء من المحافظة توقفاً في العمليات القتالية إلى حد كبير وهي تعد من مناطق خفض التوتر في سوريا.
ويشرح تيرون: «تمثل درعا مشكلة حقيقية للنظام يركز عليها منذ فترة طويلة، في محاولة لاختراق منطقة سيطرة الفصائل وصولاً إلى المدينة»، التي تحمل الاسم ذاته.
وتشكل سيطرة الفصائل على الحدود الجنوبية وفق تيرون «ورقة استراتيجية للفصائل» في حين «تقوض صورة النظام لناحية إمساكه مجدداً بأراضيه»، لا سيما أن هذه المحافظة شهدت انطلاقة شرارة الاحتجاجات ضد نظام الأسد في 2011.
ويرى محللون أنه على دمشق أن تتجنب عند توجهها جنوباً، أي تصعيد قرب الحدود مع إسرائيل.
ويوضح المحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «لمناطق الجنوب السوري حساسيةً خاصة كونها تقع بين دمشق من جهة والحدود الأردنية والإسرائيلية من جهة أخرى. وبالتالي من شأن أي عمل عسكري أن يمس بالأمن القومي للدول الثلاث».
وتطمح قوات النظام للسيطرة بشكل رئيسي على مناطق محددة في درعا، خصوصاً معبر نصيب مع الأردن، الذي تمسكه الفصائل المعارضة منذ عام 2015، ويمكن أن يشكل متنفساً مالياً لدمشق.
ويرجح الباحث المتخصص في الشأن السوري توما بييريه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن درعا تشكل «أولوية أكثر إلحاحاً من إدلب لأسباب اقتصادية ولإعادة فتح التجارة مع الأردن». ويحظى معبر نصيب بأهمية استراتيجية خصوصاً بالنسبة لدمشق، إذ كانت تنتقل عبره معظم البضائع بين سوريا وكل من الأردن والخليج.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».