«داعش» يستعد لاقتحام البوكمال انطلاقا من مدينة القائم العراقية

اشتباكات طاحنة في بلدة المليحة ومحيطها.. وقتلى بسقوط برميل متفجر في حلب

سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
TT

«داعش» يستعد لاقتحام البوكمال انطلاقا من مدينة القائم العراقية

سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)

أعرب ناشطون سوريون عن مخاوفهم من اقتحام مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، بموازاة حركة نزوح كثيفة من منطقة القائم باتجاه البوكمال، شهدتها المنطقة الحدودية، على ضوء الاشتباكات في المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات من مدينة القائم.
وحذرت مصادر قيادية في الجيش السوري الحر في دير الزور، من أن «البوكمال في خطر»، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي «داعش»: «باتوا على مسافة قريبة من البوكمال، ويتحضرون للهجوم من مدينة القائم العراقية، والهجوم أيضا من غرب البوكمال حيث يسيطر مقاتلو التنظيم المتشدد على مساحات شاسعة»، مستبعدة التقدم من الشمال، أي من مدينة دير الزور نظرا أن منطقتين على الأقل، بينهما مدينة الميادين، غير خاضعة لسيطرة «داعش».
وقالت المصادر إن مقاتلي الجيش الحر والمقاتلين الإسلاميين في المنطقة يعانون من نقص فادح بالسلاح والذخيرة، ما دفع بعضهم للانسحاب، وآخرين لمبايعة «داعش» بهدف انعدام سُبُل المقاومة، مشيرة إلى أن الأزمة الممتدة منذ أكثر من ستة أشهر «لم تدفع أيا من الجهات الداعمة للجيش الحر، لتزويده بالسلاح بهدف صدّ (داعش)».
وتزامنت هذه المخاوف مع تحضيرات عسكرية ينفذها تنظيم «داعش» بهدف «الانقضاض على البوكمال»، إذ أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن قوة من «الدولة الإسلامية»، بقيادة أميرها في البوكمال صدام الجمل، الذي كان القائد الثوري للجبهة الشرقية في هيئة الأركان: «عبرت من منطقة الكمّ في بادية البوكمال إلى منطقة القائم في العراق، وسط حالة ترقب في المدينة السورية الحدودية، من أن تقتحمها قوات «داعش» انطلاقا من منطقة القائم العراقية.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن صدام الجمل: «دخل من الأراضي السورية إلى القائم برفقة عدد كبير من المقاتلين التابعين لتنظيم (الدولة)، في محاولة لشن عمليات على البوكمال انطلاقا من الأراضي العراقية في حال عدم انتزاع بيعة أهالي البوكمال للدولة»، مشيرا إلى أن «المفاوضات لأخذ البيعة لا تزال قائمة، ولم يُحسم الأمر فيها بعد».
وأحكم تنظيم «داعش» سيطرته بالكامل على مدينة القائم العراقية أمس، بعد قتال ضد القوات العراقية التي انسحبت أمس من جنوب نهر الفرات في المدينة، علما بأن مقاتلي التنظيم سيطروا على شمال نهر الفرات قبل يومين. وكان معبر القائم المحاذي لمدينة البوكمال سيطر عليه مقاتلو «جبهة النصرة» في 13 من الشهر الحالي، بعد اشتباكات مع القوات العراقية، وغنموا منها دبابتين وخمس عربات هامفي أدخلت إلى مدينة البوكمال السورية، قبل أن تقصف بطائرات مجهولة المصدر.
وقال عبد الرحمن إن تنظيم «الدولة» يهتم بالسيطرة على المعبر الحدودي مع سوريا الخاضع لسيطرة «النصرة» إلى جانب كتائب إسلامية أخرى، مشيرا إلى أن مقاتلي الدولة في هذا الوقت «يركزون على السيطرة على البوكمال والمعبر الحدودي مع العراق من الجهتين السورية والعراقية». ولفت إلى توجه أمير الدولة في البوكمال صدام الجمل «إلى القائم بهدف شن الهجوم على المعبر وعلى البوكمال من العراق».
ويصعب هجوم «داعش» على البوكمال من دير الزور، نظرا لسيطرة مقاتلي «جبهة النصرة» وحلفائها من الكتائب الإسلامية على مدينة الميادين، ومناطق أخرى بينها القصيرة. فيما ينظر عبد الرحمن إلى الهجوم من داخل الأراضي السورية على البوكمال، على أنه «لا يحقق جدوى قياسا بالسيطرة على المعبر الحدودي من جهة الأراضي العراقية».
بموازاة ذلك، أفاد المرصد بالعثور على جثامين 30 شخصا بينهم مقاتلون ومهربون ومدنيون في منطقة القائم على الحدود السورية العراقية، كانت قوات حرس الحدود العراقية اعتقلتهم في وقت سابق على الحدود السورية - العراقية، وزجتهم في مقر عسكري على الحدود، وأعدمتهم عند انسحابها من المنطقة.
هذا، وأعلنت «داعش» أن بلدتي خشام وطابية جزيرة بريف دير الزور: «منطقة عسكرية»، طالبة من الأهالي الخروج منهما.
وفي سياق متصل بالقتال بين المقاتلين المعارضين و«داعش»، أفاد ناشطون باندلاع اشتباكات عنيفة في محيط قرية تل مضيق بريف حلب الشرقي، بينما تجددت الاشتباكات العنيفة في محيط بلدة اخترين عقب قصفها من قبل مقاتلي الدولة.
في غضون ذلك، أفاد ناشطون باستمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية من جهة أخرى، في بلدة المليحة ومحيطها وسط تجدد قصف قوات النظام على البلدة ومحيطها وسقوط سبعة صواريخ يعتقد بأنها من نوع أرض - أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في البلدة ومحيطها. كما تعرضت مناطق في مدينة دوما لقصف بقذائف الهاون من قبل قوات النظام، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية في منطقة سهل بلدة رنكوس بالقلمون، مشيرا إلى تقدم لقوات النظام في المنطقة.
وفي حلب، أفاد المرصد السوري بقصف الكتائب الإسلامية نقاطا عسكرية تابعة للقوات النظامية في محيط الجامع الأموي بحلب القديمة، في حين قتل خمسة أشخاص، بينهم طفلان جراء قصف الطيران المروحي ببرميل متفجر منطقة بحي الهلك. كما تعرضت مناطق في أحياء باب الحديد وبني زيد والحيدرية والشيخ خضر لقصف بالبراميل، بموازاة تجدد الاشتباكات في محيط مبنى المخابرات الجوية بحي جمعية الزهراء شمال غربي حلب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.