«داعش» يستعد لاقتحام البوكمال انطلاقا من مدينة القائم العراقية

اشتباكات طاحنة في بلدة المليحة ومحيطها.. وقتلى بسقوط برميل متفجر في حلب

سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
TT
20

«داعش» يستعد لاقتحام البوكمال انطلاقا من مدينة القائم العراقية

سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)
سوريون يحاولون إخماد حريق شب في مبنى بعد قصف حكومي في بلدة معرة النعمان بإدلب (رويترز)

أعرب ناشطون سوريون عن مخاوفهم من اقتحام مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، بموازاة حركة نزوح كثيفة من منطقة القائم باتجاه البوكمال، شهدتها المنطقة الحدودية، على ضوء الاشتباكات في المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات من مدينة القائم.
وحذرت مصادر قيادية في الجيش السوري الحر في دير الزور، من أن «البوكمال في خطر»، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي «داعش»: «باتوا على مسافة قريبة من البوكمال، ويتحضرون للهجوم من مدينة القائم العراقية، والهجوم أيضا من غرب البوكمال حيث يسيطر مقاتلو التنظيم المتشدد على مساحات شاسعة»، مستبعدة التقدم من الشمال، أي من مدينة دير الزور نظرا أن منطقتين على الأقل، بينهما مدينة الميادين، غير خاضعة لسيطرة «داعش».
وقالت المصادر إن مقاتلي الجيش الحر والمقاتلين الإسلاميين في المنطقة يعانون من نقص فادح بالسلاح والذخيرة، ما دفع بعضهم للانسحاب، وآخرين لمبايعة «داعش» بهدف انعدام سُبُل المقاومة، مشيرة إلى أن الأزمة الممتدة منذ أكثر من ستة أشهر «لم تدفع أيا من الجهات الداعمة للجيش الحر، لتزويده بالسلاح بهدف صدّ (داعش)».
وتزامنت هذه المخاوف مع تحضيرات عسكرية ينفذها تنظيم «داعش» بهدف «الانقضاض على البوكمال»، إذ أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن قوة من «الدولة الإسلامية»، بقيادة أميرها في البوكمال صدام الجمل، الذي كان القائد الثوري للجبهة الشرقية في هيئة الأركان: «عبرت من منطقة الكمّ في بادية البوكمال إلى منطقة القائم في العراق، وسط حالة ترقب في المدينة السورية الحدودية، من أن تقتحمها قوات «داعش» انطلاقا من منطقة القائم العراقية.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن صدام الجمل: «دخل من الأراضي السورية إلى القائم برفقة عدد كبير من المقاتلين التابعين لتنظيم (الدولة)، في محاولة لشن عمليات على البوكمال انطلاقا من الأراضي العراقية في حال عدم انتزاع بيعة أهالي البوكمال للدولة»، مشيرا إلى أن «المفاوضات لأخذ البيعة لا تزال قائمة، ولم يُحسم الأمر فيها بعد».
وأحكم تنظيم «داعش» سيطرته بالكامل على مدينة القائم العراقية أمس، بعد قتال ضد القوات العراقية التي انسحبت أمس من جنوب نهر الفرات في المدينة، علما بأن مقاتلي التنظيم سيطروا على شمال نهر الفرات قبل يومين. وكان معبر القائم المحاذي لمدينة البوكمال سيطر عليه مقاتلو «جبهة النصرة» في 13 من الشهر الحالي، بعد اشتباكات مع القوات العراقية، وغنموا منها دبابتين وخمس عربات هامفي أدخلت إلى مدينة البوكمال السورية، قبل أن تقصف بطائرات مجهولة المصدر.
وقال عبد الرحمن إن تنظيم «الدولة» يهتم بالسيطرة على المعبر الحدودي مع سوريا الخاضع لسيطرة «النصرة» إلى جانب كتائب إسلامية أخرى، مشيرا إلى أن مقاتلي الدولة في هذا الوقت «يركزون على السيطرة على البوكمال والمعبر الحدودي مع العراق من الجهتين السورية والعراقية». ولفت إلى توجه أمير الدولة في البوكمال صدام الجمل «إلى القائم بهدف شن الهجوم على المعبر وعلى البوكمال من العراق».
ويصعب هجوم «داعش» على البوكمال من دير الزور، نظرا لسيطرة مقاتلي «جبهة النصرة» وحلفائها من الكتائب الإسلامية على مدينة الميادين، ومناطق أخرى بينها القصيرة. فيما ينظر عبد الرحمن إلى الهجوم من داخل الأراضي السورية على البوكمال، على أنه «لا يحقق جدوى قياسا بالسيطرة على المعبر الحدودي من جهة الأراضي العراقية».
بموازاة ذلك، أفاد المرصد بالعثور على جثامين 30 شخصا بينهم مقاتلون ومهربون ومدنيون في منطقة القائم على الحدود السورية العراقية، كانت قوات حرس الحدود العراقية اعتقلتهم في وقت سابق على الحدود السورية - العراقية، وزجتهم في مقر عسكري على الحدود، وأعدمتهم عند انسحابها من المنطقة.
هذا، وأعلنت «داعش» أن بلدتي خشام وطابية جزيرة بريف دير الزور: «منطقة عسكرية»، طالبة من الأهالي الخروج منهما.
وفي سياق متصل بالقتال بين المقاتلين المعارضين و«داعش»، أفاد ناشطون باندلاع اشتباكات عنيفة في محيط قرية تل مضيق بريف حلب الشرقي، بينما تجددت الاشتباكات العنيفة في محيط بلدة اخترين عقب قصفها من قبل مقاتلي الدولة.
في غضون ذلك، أفاد ناشطون باستمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية من جهة أخرى، في بلدة المليحة ومحيطها وسط تجدد قصف قوات النظام على البلدة ومحيطها وسقوط سبعة صواريخ يعتقد بأنها من نوع أرض - أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في البلدة ومحيطها. كما تعرضت مناطق في مدينة دوما لقصف بقذائف الهاون من قبل قوات النظام، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي الكتائب الإسلامية في منطقة سهل بلدة رنكوس بالقلمون، مشيرا إلى تقدم لقوات النظام في المنطقة.
وفي حلب، أفاد المرصد السوري بقصف الكتائب الإسلامية نقاطا عسكرية تابعة للقوات النظامية في محيط الجامع الأموي بحلب القديمة، في حين قتل خمسة أشخاص، بينهم طفلان جراء قصف الطيران المروحي ببرميل متفجر منطقة بحي الهلك. كما تعرضت مناطق في أحياء باب الحديد وبني زيد والحيدرية والشيخ خضر لقصف بالبراميل، بموازاة تجدد الاشتباكات في محيط مبنى المخابرات الجوية بحي جمعية الزهراء شمال غربي حلب.



قصف أميركي يركّز على المخابئ المحصّنة للعتاد الحوثي

دخان وألسنة لهب إثر ضربات أميركية استهدفت ميناء نفطياً خاضعاً للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)
دخان وألسنة لهب إثر ضربات أميركية استهدفت ميناء نفطياً خاضعاً للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)
TT
20

قصف أميركي يركّز على المخابئ المحصّنة للعتاد الحوثي

دخان وألسنة لهب إثر ضربات أميركية استهدفت ميناء نفطياً خاضعاً للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)
دخان وألسنة لهب إثر ضربات أميركية استهدفت ميناء نفطياً خاضعاً للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)

في أول أيام الأسبوع السادس من الحملة الأميركية ضد الحوثيين استهدفت الضربات المخابئ المحصّنة للأسلحة في صنعاء وضواحيها الشرقية والشمالية، وصولاً إلى مخابئ في صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة شمالاً، وفي محافظة الجوف المجاورة.

وجاءت هذه الضربات بعد يوم من سلسلة غارات هي الأعنف أدت إلى تدمير ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للجماعة المدعومة من إيران شمال الحديدة على البحر الأحمر، وهو ما تسبّب في مقتل 80 شخصاً وإصابة 150 آخرين في آخر حصيلة اعترفت بها الجماعة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر بحملة ضد الحوثيين بدأت في 15 مارس (آذار) الماضي، لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة ومهاجمة إسرائيل، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» و«القضاء عليهم تماماً»، وهو الأمر الذي ردت عليه الجماعة بتبني الهجمات ضد القوات البحرية الأميركية وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل.

ومع عدم اعتراف الجماعة بخسائرها على مستوى العتاد والعناصر جرّاء الحملة التي يُتوقع تصاعدها في الأيام المقبلة، يتكهن مراقبون عسكريون أن الغارات أدت إلى تدمير جزء كبير من أسلحة الجماعة وقدراتها الصاروخية لا سيما في صنعاء وصعدة وعلى خطوط التماس مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

زعيم الحوثيين اعترف بتلقي أكثر من 900 غارة وضربة بحرية أميركية خلال 5 أسابيع (أ.ب)
زعيم الحوثيين اعترف بتلقي أكثر من 900 غارة وضربة بحرية أميركية خلال 5 أسابيع (أ.ب)

واعترف الإعلام الحوثي، ليل الجمعة وفجر السبت، بتلقي ست غارات على مديرية أرحب في الضاحية الشمالية لصنعاء، منها غارتان استهدفتا معسكر «الصمع»، وسط تكهنات بأن الضربات طالت مستودعات للأسلحة في الكهوف والجبال.

كما طالت الضربات الضواحي الشرقية لصنعاء حيث مديرية بني حشيش، وتحدّث الإعلام الحوثي عن ست غارات، وهي منطقة سبق استهدافها في الأسابيع الماضية، إذ يُعتقد أنها تحوي مخازن محصّنة للأسلحة.

وفي مدينة صنعاء نفسها ضربت سلسلة من الغارات العنيفة معسكر الحفا أسفل جبل نقم من الجهة الجنوبية، وهي منطقة كانت تضم مخابئ للسلاح تحت الأرض وتعرّضت للاستهداف أكثر من مرة.

أما في محافظة صعدة (شمال) فقد استقبل الحوثيون ثلاث غارات في محيط مركز المحافظة، التي ضربتها حتى الآن مئات الغارات ممتدة إلى مديريات مجز وكتاف والصفراء وساقين وسحار، حيث استحدثت الجماعة -وفق عسكريين يمنيين- مخابئ في الكهوف لتخزين الأسلحة والذخائر، بما في ذلك أجزاء الصواريخ والطائرات المسيرة.

وفي محافظة الجوف الواقعة إلى الشمال الشرقي من صنعاء، اعترف الإعلام الحوثي بتلقي أربع غارات قال إنها ضربت مديريتي برط العنان وخب والشعف، وتعد هذه المناطق مواقع متقدمة لمهاجمة القوات الحكومية في مأرب وفي الجوف نفسها.

ضربات لا تتوقف

منذ بدء الحملة الأميركية التي أمر بها ترمب لم تتوقف الضربات على مدار ليالي الأسابيع الخمسة الماضية، وسط تقديرات بأنها ستستمر وتتصاعد خصوصاً مع دخول حاملة الطائرات «كارل فينسون» على خط الضربات إلى جانب الحاملة «هاري ترومان».

وتتمركز الحاملة «ترومان» ومجموعتها العسكرية في شمالي البحر الأحمر، في حين تموضعت الحاملة «فينسون» والقطع البحرية المرافقة لها في البحر العربي.

وتشير كثافة الغارات الأميركية والضربات البحرية بالصواريخ الموجهة إلى أن الجيش الأميركي عازم على حملة قد تمتد عدة أشهر، مع احتمالات على التمهيد لعمليات برية تقودها القوات الحكومية اليمنية بدعم من واشنطن لإنهاء تهديد الحوثيين المتعاظم على الأرض.

ومما يلفت الانتباه إلى احتمالية العمليات البرية هو شن المئات من الغارات على خطوط التماس مع القوات الحكومية في مأرب والجوف وجنوب الحديدة وصولاً إلى محافظة البيضاء.

وأقر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه، الخميس، باستقبال أكثر من 900 غارة جوية وضربة بحرية خلال خمسة أسابيع، وهو رقم يقترب من عدد الضربات التي شنّتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن خلال عام كامل، ما يشير إلى كثافة الحملة التي أمر بها ترمب وتجاوزها للأهداف الدفاعية والاستباقية.

وفي حين يدّعي الحوثي أن قدرات جماعته لم تتأثر بهذه الضربات، إلا أنه لُوحظ تراجع قدراتها على إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، إذ لم يسجل سوى نحو 13 صاروخاً جميعها تم اعتراضها منذ 17 مارس (آذار) الماضي، إلى جانب عدد محدود من المسيرات.

استثمار في الدمار

مع محاولة الجماعة الحوثية الاستثمار داخلياً في الضربات الأميركية ومحاولة استعطاف السكان، من أجل تجنيد المزيد منهم، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة هي سبب تدمير البلاد، سواء من خلال انقلابها على التوافق الوطني وشن حروبها على اليمنيين أو من خلال استدعائها للضربات الأميركية والإسرائيلية.

ويتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تصريح رسمي، الجماعة بأنها تمارس الكذب والتضليل في ادعائها الدفاع عن مقدرات اليمن وبنيته التحتية، ويؤكد أنها تسبّبت في تدمير ممنهج لهذه المقدرات منذ انقلابها عام 2014.

آثار ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)
آثار ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين شمال الحديدة (رويترز)

وتطرّق الإرياني إلى سلوك الحوثيين التدميري، وأوضح أنهم لم يتردّدوا منذ اليوم الأول لانقلابهم في شن حرب شاملة ضد اليمنيين، استهدفت البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية والمدنية، من موانٍ ومطارات وقطاعات حيوية كالصحة والتعليم والطاقة، إلى جانب الطرق والجسور، وهي الأعمدة التي يقوم عليها أي بلد يسعى للنهوض.

واستعرض الوزير أبرز الهجمات الحوثية التي طالت المنشآت الحيوية، مثل استهداف مطار عدن الدولي في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2020 بصواريخ باليستية إيرانية الصنع، في أثناء وصول طائرة تقل الحكومة اليمنية.

وأعاد الإرياني التذكير بهجمات الجماعة على مواني المخا، وشبوة، وحضرموت؛ بهدف وقف تصدير المشتقات النفطية، وخنق الاقتصاد الوطني وتقويض قدرة الحكومة الشرعية على الوفاء بالتزاماتها، وعلى رأسها دفع الرواتب وتوفير الخدمات.

عناصر حوثية تحرس حشداً للجماعة في صنعاء دعا إليه زعيمها لتأييد المواجهة مع أميركا (إ.ب.أ)
عناصر حوثية تحرس حشداً للجماعة في صنعاء دعا إليه زعيمها لتأييد المواجهة مع أميركا (إ.ب.أ)

وقال وزير الإعلام اليمني إن «هذه الممارسات لم تكن دفاعاً عن اليمن ولا عن قطاع غزة كما تزعم الميليشيا، بل كانت جزءاً من مخطط ممنهج لتدمير اليمن، وإفقار وتجويع شعبه، وتكريس الأجندة الإيرانية التخريبية، وتحويل البلاد إلى منصة لتهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم».

وشدد الإرياني على أن المغامرات الحوثية التي استدعت الضربات العسكرية هي السبب في تفاقم معاناة اليمنيين، في وقت يحتاج فيه البلد إلى بيئة آمنة تتيح إعادة إعمار ما دمرته الحرب، واستعادة الأمل بمستقبل أفضل، وفق تعبيره.