تقرير يكشف حالات تحرّش براقصات أوبرا باريس

منذ رفع الغطاء عن «صندوق باندورا» المتعلق بكشف حالات التحرش الذي تعاني منه النساء، خصوصاً المشتغلات في الأوساط الفنية، والعالم يستيقظ على فضائح جديدة كل صباح. آخر المفاجآت تقرير داخلي موضوع على مكتب أوريلي دوبون، مديرة فرقة الباليه التابعة لأوبرا باريس، يشير إلى ممارسات غير سوية داخل الفرقة التي تقدم للعالم صورة زاهية للفن في عاصمة النور. ما الذي يخفيه الراقصون والراقصات وراء ابتساماتهم؟ لم يحدث من قبل أن مر هذا الصرح الفني العريق بأزمة خطيرة من هذا النوع.
وقبل أيام، تلقى 154 راقصاً وراقصة نتائج تحقيق خضعوا له أمام لجنة التعبير الفني وتضمن 130 سؤالاً كان عليهم الإجابة عنها خطياً وبصورة سريّة، دون ذكر أسمائهم. وبعد ساعات تسربت نسخ من النتائج إلى عدد من الصحافيين الذين وصلهم، أول من أمس، بيان من الفنانين ومصصمي الرقص في الأوبرا، يستنكرون فيه الكشف عن تفاصيل التحقيق من دون موافقتهم. ويحمل البيان توقيع 99 فنانة وفناناً. لكن أحدهم أخبر الصحافة بأن كل ورد في التحقيق صحيح وأنهم كانوا مجبرين على إصدار بيان الاستنكار والتوقيع عليه. وهو ما يؤكد الأساليب «الستالينية» التي تتبعها الإدارة في التعامل مع الراقصين والراقصات، لأن «رفض التوقيع يعني الانتحار الفني والاقتصادي والحرمان من الأدوار والأضواء والتسهيلات».
جاء في النتائج أن 77 في المائة ممن أجابوا على أسئلة لجنة التحقيق أكدوا تعرضهم للتحرش المعنوي أو أنهم كانوا شهودًا عليه. كما كشف 26 في المائة منهم تعرضهم لتحرش جنسي. وأجمعت الغالبية على أن وسائل التظلم غير واضحة بشكل كاف ولا فعالة، كما أنها ليست مؤتمنة. كما تضمنت الشكاوى أسلوب المديرة أوريلي دوبون في التعاطي معهم وضعف الاتصال بها وصعوبة مقابلتها وفهم ما تريده أو تنوي عمله. وكان رد المديرة التي تسلمت منصبها منذ سنتين، أنها «تتحاور كثيراً مع الراقصين في سبيل حثهم على التقدم، لكن ما تقوله ليس سهل التقبل دائماً». لكن الاتهامات الموجهة لمديرة الفرقة ليست كافية لزعزعة موقعها. فهي فنانة متألقة وذكية، وراقصة باليه ممتازة، عدا عن أنها تقيم علاقات وطيدة مع عدد من المتبرعين الذين تعتمد عليهم المؤسسات الفنية والثقافية الفرنسية في تمويل مشاريعها. وهي قد سافرت إلى لندن لتحصل على معونة تسمح بتعزيز الفريق الطبي المرافق للراقصين. مع هذا، لا يغفر لها زملاؤها من الراقصين الرجال أنها اختارت راقصاً إيطالياً هو روبيرتو بولي، نجم فرقة «لاسكالا»، ليشاركها الرقص في حفل توديعها المسرح، بدل أن تختار راقصاً من بينهم.
وصف أحد المعلقين ما يدور في كواليس أوبرا باريس بـ«الأزمة الذرية». وهي تأتي في سياق مطاردة المتحرشين في أكثر من بلد. حيث فقد بيتر مارتنز، مدير فرقة باليه نيويورك منصبه بسبب اتهامات من هذا النوع، وكذلك كينيث غريف، مدير باليه فنلندا. لذلك سيكون على ستيفان ليسنر، رئيس أوبرا باريس، أن يسارع إلى حل الأزمة الحالية في حال أراد الحصول على التجديد لبقائه في موقعه.