موسكو تواجه تداعيات الضربة الغربية وتحذر من تكرارها

نازحة من الغوطة الشرقية في مركز الإقامة المؤقتة بقرية الحرجلة بريف دمشق الجمعة الماضي (أ.ب)
نازحة من الغوطة الشرقية في مركز الإقامة المؤقتة بقرية الحرجلة بريف دمشق الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

موسكو تواجه تداعيات الضربة الغربية وتحذر من تكرارها

نازحة من الغوطة الشرقية في مركز الإقامة المؤقتة بقرية الحرجلة بريف دمشق الجمعة الماضي (أ.ب)
نازحة من الغوطة الشرقية في مركز الإقامة المؤقتة بقرية الحرجلة بريف دمشق الجمعة الماضي (أ.ب)

استمر الجدل في الأوساط الروسية حول التداعيات المحتملة للضربة العسكرية الأميركية البريطانية الفرنسية على مواقع في سوريا. وفي حين طغت تغطيات الدعاية الإعلامية التي ركزت على «انتصار روسيا على التحالف الدولي» استنادا إلى بيانات وزارة الدفاع حول إسقاط 71 من أصل 103 صواريخ أطلقت، فإن سياسيين روسا حذروا من أن الضربة قد تتكرر برغم تصريحات المسؤولين الغربيين بأنها أنجزت مهامها حاليا.
وحذر رئيس الاتحاد السوفياتي المنحل ميخائيل غورباتشوف، من أن الضربة الصاروخية الثلاثية على سوريا أشبه بـ«التدريب قبل الإقدام على حرب جدية». وأعرب غورباتشوف في حديث إذاعي عن قناعته بأن «الهجوم بهذا الشكل الذي يتحدثون عنه وبتلك النتائج التي نجمت عنه، لا أحد يحتاج إليه، إنه يبدو أقرب إلى تدريب قبل البدء برماية حقيقية... وهذا الأمر مرفوض إذ أنه سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».
في الأثناء، تركزت ردود الفعل على تأثير التطور على العلاقات بين روسيا والبلدان الغربية على خلفية الأزمة المتصاعدة، وتباينت التكهنات حول العلاقة مع واشنطن، وفي حين أعلنت الخارجية الروسية أنها لا تستبعد أن تميل واشنطن إلى فتح حوار موسع مع موسكو بعد الضربة، فإن برلمانيين روسا أعربوا عن قناعة بأن التطور في سوريا سوف يسفر عن إرجاء الجهود التي بذلت في الأسابيع الأخيرة لترتيب لقاء يجمع بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترمب. وفي الوقت ذاته، أكد أكثر من مصدر أن الترتيبات الجارية لعقد قمة روسية فرنسية الشهر المقبل «لن تتأثر». ولفتت أوساط سياسية إلى أنه برغم مشاركة باريس في الضربة الثلاثية، لكن الفرنسيين حافظوا على علاقات متوازنة وقنوات حوار مفتوحة مع كل من موسكو وطهران، خلافا لواشنطن ولندن اللتين أغلقتا كل قنوات الحوار، ما يرشح باريس للعب دور مهم في المرحلة المقبلة في محاولة تطبيع العلاقات الروسية الغربية، بالإضافة إلى ألمانيا التي نأت بنفسها عن الضربة أصلا.
وكان لافتا على خلفية تصاعد الاتهامات الروسية الغربية في مجلس الأمن أن وكالة أنباء «إنترفاكس» نقلت عن السفير الأميركي في موسكو، تأكيدا بأن واشنطن أبلغت روسيا سلفا بأهداف الضربة وحجمها، وأنها «لم تبد ممانعة في أن تشاطر موسكو المعلومات مع أطراف أخرى»، في إشارة إلى نظام الرئيس بشار الأسد. ويفسر ذلك أن الضربات الصاروخية الغربية لم توقع ضحايا كما أن أضرارها المادية كانت متدنية.
برغم ذلك تواصلت الحملة القوية على واشنطن، أمس، ووصف عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي زياد سبسبي الضربات الصاروخية على سوريا بأنها تأتي في سياق «حفظ ماء الوجه». وقال إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب «يعكس محاولة الإدارة الأميركية تثبيت فكرة أن واشنطن تعتبر نفسها وصياً على البلدان الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا التي شاركت في العدوان».
وشدد سبسبي على أن «هذه الضربة غير الموفقة من النواحي السياسية والعسكرية والاجتماعية وحتى النفسية، يمكن أن تصل بالعملية السياسية سواء في جنيف أو آستانة إلى طريق مسدود». وأضاف: «يمكننا القول إنها دقت آخر مسمار في نعش التسوية السياسية».
في الأثناء، قال البرلماني الروسي ديمتري سابلين الذي تزامن وجوده على رأس وفد برلماني روسي مع الضربة الغربية، إن الرئيس السوري بشار الأسد الذي استقبل الوفد، أبلغه بأن «إعادة تأهيل البنى التحتية السورية ستتكلف 400 مليار دولار على الأقل، ويلزم لهذا وقت من 10 إلى 15 عاما».
وأفاد عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما سيرغي جيليزينياك الذي شارك في اللقاء، أن «اجتماع البرلمانيين الروس مع الرئيس الأسد، كان بناء وذا أهمية للجانبين». وزاد أن «الأسد لم يغادر بلاده ويعمل في مكتبه في دمشق». وأضاف أن البرلمانيين الروس لم يناقشوا مسألة تزويد سوريا بمنظومة الدفاع الجوي إس300 مع الأسد.
لكنه لفت إلى أن الرئيس السوري «قيم الأسلحة الروسية تقويما إيجابيا، وأشار إلى تفوقها على التقنيات الغربية». وأضاف أن الأسد قبل دعوة لزيارة منطقة خانتي مانسييسك في سيبيريا بروسيا. من دون أن يحدد موعد الزيارة المتوقع.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أشارت إلى أنها لا تستبعد أن تقوم موسكو بتزويد دمشق بأنظمة حديثة من طراز «إس300»، التي ماطلت طويلا في بيعها لسوريا استجابة لضغوط غربية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.