البرلمان المصري يوافق على مد الطوارئ... والحكومة تتعهد بـ«حماية الحريات»

«داعش» يتبنى هجوماً على الجيش في سيناء خلّف 8 قتلى

TT

البرلمان المصري يوافق على مد الطوارئ... والحكومة تتعهد بـ«حماية الحريات»

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، أمس، على قرار رئيس الجمهورية، تمديد حالة الطوارئ في ربوع البلاد، لمدة 3 أشهر أخرى، اعتباراً من أول من أمس (السبت) 14 أبريل (نيسان) الحالي. في حين تعهد رئيس الوزراء شريف إسماعيل، بالتزام الحكومة بـ«عدم استخدام التدابير الاستثنائية في قانون الطوارئ إلا بالقدر الضروري بما يحفظ متطلبات الأمن القومي»، لافتاً إلى أنه «لن يتم استخدامها للنيل من الحريات».
وتفرض مصر حالة الطوارئ منذ تفجيرين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية في أبريل عام 2017، أسفرا عن مقتل 45 شخصاً، وإصابة عشرات آخرين، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنهما.
وفي جلسته العامة أمس، وافق مجلس النواب على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 168 لسنة 2018 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر اعتباراً من الساعة الواحدة من صباح يوم السبت الماضي؛ وذلك نظراً للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد.
جاء ذلك عقب استعراض تقرير اللجنة العامة لمجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس، بشأن بيان رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل حول قرار رئيس الجمهورية.
ويتطلب تمديد حالة الطوارئ موافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين. وجاء في نصه «نظراً للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد، وبعد أخذ مجلس الوزراء تقرر إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر». كما نص القرار على أن «تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة المصرية اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين».
وكان رئيس الوزراء شريف إسماعيل قد ألقى بياناً حول أسباب فرض حالة الطوارئ أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، أكد فيها أن مصر تواجه وتحارب الإرهاب حالياً بالإنابة عن العالم، مشيراً إلى أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة الفكر المتطرف وتوفير الحياة الآمنة كحق من حقوق الإنسان.
وتعهد إسماعيل بالتزام الحكومة بعدم استخدام التدابير الاستثنائية في قانون الطوارئ إلا بالقدر الضروري بما يحفظ متطلبات الأمن القومي، لافتاً إلى أنه لن يتم استخدامها للنيل من الحريات.
ونوّه بأن مجلس النواب ساند بحس وطني الحكومة التي تتطلع لاستمرار التعاون معه وغلب الوطنية وإنكار الذات وحب الوطن، وقال: «إن مصر شهدت حدثاً مهماً بإجراء الانتخابات الرئاسة التي قامت بتأمينها قوات الجيش والشرطة في مشهد ديمقراطي أظهر التصميم على مواجهة الإرهاب»، موجهاً التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي علي فوزه بفترة رئاسية جديدة.
وأوضح إسماعيل أن الحكومة أحالت مشروع قانون «المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف»، الذي وافق عليه البرلمان، في ضوء الظروف التي تمر بها مصر وجهودها لاقتلاع جذور الإرهاب، مشدداً على احترام الحكومة وتقديرها لمجلس النواب والعمل على تحقيق الاستقرار والرخاء لمصر.
وقال رئيس الوزراء، إن «العملية الأمنية الشاملة (سيناء 2018) كشفت عن المعدن الأصيل للشعب المصري»، مشيراً إلى أن «رئيس الجمهورية خصص برنامجاً تنموياً لسيناء تبلغ إجمالي تكلفته 275 مليار جنيه، سيتم تمويل جانب منها من صناديق دول عربية شقيقة بجانب تمويل الدولة».
وأشار إسماعيل إلى أن «مجلس الوزراء بكامل هيئته وافق على إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر على النحو الوارد في قرار رئيس الجمهورية رقم 168 لسنة 2018». وشدد رئيس الوزراء على أن الوقت قد حان لتحرك المجتمع الدولي لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الإرهاب، مع تخصيص منظمات حقوق الإنسان جزءاً من جهودها لمحاربة الفكر المتطرف والإرهاب.
وتشن قوات الجيش والشرطة عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء منذ التاسع من فبراير (شباط) الماضي لتطهير المنطقة من المتشددين ومن العناصر الإجرامية أيضاً. وتعرف العملية باسم عملية المجابهة الشاملة (سيناء 2018).
وتحولت محافظة شمال سيناء الحدودية إلى بؤرة إرهابية مشتعلة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة «الإخوان»، حيث تنتشر الجماعات المتشددة، وأبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء».
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي، أمس، مسؤوليته عن الهجوم المسلح الذي شهدته شمال سيناء المصرية السبت الماضي، والذي خلف ثمانية قتلى من أفراد الجيش وأصاب 15 آخرين.
وقالت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم الإرهابي في بيان نشر أمس، إن «هجوماً على معسكر الجيش المصري بمنطقة القسيمة وسط سيناء، حيث دارت اشتباكات استخدمت فيها أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، أدى إلى مقتل 7 ضباط ونحو 15 عنصراً وإصابة أكثر من 20 آخرين».
وكان الجيش المصري، قد أعلن أول من أمس، إحباط قواته «عملية إرهابية كبرى وسط سيناء، حين تمكنت من قتل 14 إرهابياً حاولوا استهداف أحد المعسكرات عن طريق 4 انتحاريين، ومسلحين يحملون بنادق آلية ورشاشات وقذائف آر بي جي»، في حين قتل 8 من القوات المسلحة وجُرح 15 آخرون. وحاول المهاجمون اقتحام أحد معسكرات القوات المسلحة.
ووفقاً لبيانات المتحدث العسكري الصادرة منذ بدء عملية سيناء الشاملة وحتى يوم السبت الماضي، أسفرت المواجهات عن مقتل 210 من «العناصر التكفيرية» على الأقل، وعشرات الموقوفين. كما أسفرت عن مقتل32 عسكرياً، بينهم ضباط وإصابة 50 آخرين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.