فرصة أمام «طالبان» لتتحوّل من ميليشيا إلى كيان شرعي

وسط تغيّرات مثيرة في المشهد السياسي والأمني في أفغانستان

فرصة أمام «طالبان» لتتحوّل من ميليشيا إلى كيان شرعي
TT

فرصة أمام «طالبان» لتتحوّل من ميليشيا إلى كيان شرعي

فرصة أمام «طالبان» لتتحوّل من ميليشيا إلى كيان شرعي

لم تعد حركة طالبان المتشددة في أفغانستان مجرد ميليشيا رثة لطلبة مدارس دينية نصف أميّين. بل لقد دفعت السنوات العشر الماضية قيادة «طالبان» إلى عالم الدبلوماسية الإقليمية الغادر، حيث يُظهر عتاة الجواسيس أنفسهم كدبلوماسيين، ويصبحون مصدراً للمعدات العسكرية والدعم السياسي، وينخرط المسؤولون العسكريون من القوى الإقليمية في عمليات بناء تحالفات لتنصيب حكومات توافق رغباتهم في العاصمة الأفغانية كابل. ولقد أضفت الاتصالات المكثفة بين حركة طالبان الأفغانية والدول الإقليمية، بما في ذلك إيران والصين وروسيا، وجهاً من الشرعية على هذه الميليشيا، داخل المجتمع الأفغاني وكذلك على المستوى الإقليمي.
يرجح محللون سياسيون أن تقلل الاتصالات التي جرت أخيراً بين الدول الإقليمية الرئيسية المحيطة بأفغانستان -تحديداً، الصين وروسيا وإيران- وحركة طالبان الأفغانية من اعتماد الحركة - الميليشيا على باكستان. وفي الوقت ذاته، في ظل وجود اتصالات دبلوماسية وثيقة لحركة طالبان الأفغانية مع الدول الثلاث، ثمة فرصة كبيرة لظهور الميليشيا ككيان سياسي شرعي داخل المجتمع الأفغاني وعلى المستوى الإقليمي.
وعلى الرغم من أن الاتصالات بين «طالبان» الأفغانية والحكومة الروسية ما كانت سرية، فإن المسؤولين الروس العاملين في المنطقة لم يعترفوا علانية بوجود اتصالات سياسية بين الحكومة الروسية و«طالبان» إلا خلال الأسبوع الماضي. وحول هذا الأمر قال العميد محمود شاه، وهو مسؤول استخبارات كبير متقاعد وخبير أفغاني: «يقول الروس علناً إن الأميركيين على اتصال مع «طالبان»، فلماذا يريدون منع الدول الأخرى من البقاء على اتصال مع (طالبان)؟!».
من ناحية ثانية، ظهر الاتصال بين الحكومة الإيرانية والحكومة الأفغانية عندما قُتل القائد الأعلى السابق لـ«طالبان»، الملا أختر منصور، في غارة أميركية بطائرة «درون» من دون طيار على الحدود الباكستانية - الإيرانية في أثناء دخوله الأراضي الباكستانية من إيران. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الغارة وقعت في أثناء استقلاله سيارة أجرة من الحدود الإيرانية إلى مدينة كويتا الباكستانية قرب الحدود مع أفغانستان، بعد بقائه لـ«مدة طويلة» في إيران. وبالمثل، أخبر الخبير الأفغاني الشهير رحيم الله يوسف زي، هذا الكاتب بأن الحكومة الصينية كانت على اتصال مع الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، قائلاً: إن «الصينيين يريدون التوسط بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان الأفغانية». وبالتالي، فإن كل هذه الاتصالات المنطوية على دبلوماسية بين «طالبان» والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية، بما في ذلك إيران والصين وروسيا، ستضفي شرعية سياسية على «طالبان» داخل المجتمع الأفغاني، وأيضاً في الوضع الأمني الإقليمي. ونتيجة لذلك، تضفي الجهات الفاعلة الإقليمية الصبغة الشرعية بشكل متزايد على وجود «طالبان» ونشاطها، لأنه وفق رحيم الله يوسف زاي: «كل شخص يريد التحدث مع (طالبان)، وكل شخص يريد زيارة مسؤولي (طالبان) في العاصمة القطرية الدوحة».
- الخيارات العسكرية
كل هذا لم يمنع «طالبان» من الاعتماد المتواصل على الخيارات العسكرية كوسيلة لتحقيق أهدافها في أفغانستان. وتشير التقارير الصادرة من أفغانستان إلى أن الحركة ما زالت تنخرط في عمليات عسكرية فعّالة ضد قوات الحكومة الأفغانية وكذلك قوات حلف شمال الأطلسي «ناتو» داخل أفغانستان طوال فصل الشتاء. وأفاد «اتحاد أبحاث وتحليل الإرهاب» (TRAC)، وهو منظمة دولية لمراقبة الإرهاب مقرها العاصمة الأميركية واشنطن، في تقريره الأخير، بأن شهر يناير (كانون الثاني) كان فترة غير عادية في أفغانستان من منظور «طالبان». إذ ورد في تقرير «الاتحاد» الأخير قوله: «لقد كان يناير الماضي شهراً نشطاً بشكل استثنائي لكل من (طالبان IEA) و(داعش خراسان ISK)، مع إعلان (طالبان) وحدها بشكل مذهل مسؤوليتها عن 472 حادثاً على مدى موسم غير قتالي تقليدي في أفغانستان». وحتى بعد استبعاد الهجمات الكبرى التي وقعت في كابل على مدى الشهر، فإن العدد الهائل لبيانات إعلان المسؤولية عن الحوادث بالنسبة إلى بقية أفغانستان في يناير يعد صاعقاً. وسيكون 472 إعلان مسؤولية عن حوادث عدداً مذهلاً في شهر يوليو (تموز)، أما بالنسبة إلى شهر يناير فهو غير مسبوق. وهو يؤدي إلى استنتاج أن أوقات «موسم للقتال في أفغانستان» قد انتهت، لأن القتال «أصبح الآن على مدار السنة».
خلال الشهر الماضي، اتهم جنرال أميركي يعمل في أفغانستان، روسيا بتقديم أسلحة إلى «طالبان»، غير أن الحكومة الروسية رفضت هذا الادعاء. ولكن حتى الخبراء العسكريون المستقلون المقيمون في العاصمة الباكستانية إسلام آباد يرون أن «طالبان» لا تحتاج إلى أي دولة أجنبية لتزويدها بالسلاح، وحسب العميد محمود شاه: «هناك الكثير من الأسلحة في أفغانستان التي يمكنك تسليح جيش من العالم الثالث بها، في ظل توافر الأسلحة في تلك الدولة التي مزّقتها الحرب».
... وخيار المباحثات
وفي هذا السياق، لم تظهر حركة طالبان، إبان السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية، كقوة عسكرية فحسب، بل أيضاً كقوة على وشك الحصول على الشرعية السياسية من الجهات الفاعلة الإقليمية. وفي الشهر الماضي، عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني على قيادة «طالبان»، بالفعل، مباحثات سلام مقابل تعهّد بالتخلي عن العنف. وتدعم الحكومة الباكستانية أيضاً مبادرة السلام التي عرضها الرئيس الأفغاني، إلا أنها، أوضحت للحكومة الأفغانية أنه في حال وقوع أعمال عنف واسعة النطاق داخل أفغانستان، فإن إمكانية إجراء مباحثات سلام ستتلاشى.
وهنا يُذكر أنه في عام 2015، أرادت الحكومة الأفغانية التباحث مع «طالبان» بهدف منع الحركة من شن «هجوم الربيع»، وحدث عكس هذا التوقع تماماً في أفغانستان في أعقاب المباحثات مع «طالبان» برعاية باكستان. وفي أفغانستان، كما هو متوقع، أعقبت هذه الزيادة في العنف تصريحات متعنتة من المسؤولين الأفغان بأنهم سيتعاملون مع «طالبان» بيد من حديد.
من ناحية أخرى، اتخذ الجانب الباكستاني موقفاً مختلفاً تماماً. ففي ذلك الوقت، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية -آنذاك- سرتاج عزيز: «إن التهديد باستخدام العمل العسكري ضد العناصر غير القابلة للتصالح (طالبان) لا يمكن أن يسبق عرض إجراء المباحثات بالنسبة إلى جميع المجموعات وردها على مثل هذا العرض». وكان يقول للجانب الأفغاني إنه ينبغي ألا يُرفقوا أي شروط مسبقة لإجراء المباحثات، وإن عليهم تهيئة أجواء مواتية لها، كما أن عليهم ألا يحددوا أي موعد نهائي. ونتيجة لذلك، لم تنطلق هذه المباحثات المأمولة.
- أفغانستان مقبرة للسلام
الحقيقة أن أفغانستان ليست مجرد مقبرة للإمبراطوريات، بل هي مقبرة أيضاً لجهود السلام. ففي الماضي القريب، بذل الباكستانيون والسعوديون والصينيون والعديد من الجهات الفاعلة الإقليمية جهوداً لإقناع حركة طالبان الأفغانية والحكومة الأفغانية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات. ونظمت وكالات الاستخبارات الأميركية والغربية المسار الأول للمفاوضات في ألمانيا، الذي أبلغ مسؤولون أميركيون الجيش الباكستاني عنه في ديسمبر (كانون الأول) 2011.
أيضاً حاولت باكستان تنظيم إجراء مباحثات مباشرة بين «طالبان» وسلطات أفغانستان خلال السنوات الثلاث الماضية، لكن المحاولة لم تنجح. وفي الماضي، لم تنجح محاولات جهود السلام لسبب رئيسي هو أن كلاً من الحكومة الأفغانية و«طالبان» لم تأخذا إمكانية إجراء مباحثات كخيار جاد لحل نزاعهما، وواصل الطرفان جهودهما العسكرية من أجل حسم الصراع عسكرياً. ورغم ذلك، في الماضي، أبدى الطرفان موافقتهما على إمكانية الجلوس إلى طاولة المفاوضات وجهاً لوجه.
أما الآن، فهناك تغيّر طفيف في الموقف، وبالتوازي مع رفض «طالبان» الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حكومة أفغانستان، قال متحدث «طالبان» أخيراً: «سنتحدث مباشرة مع واشنطن... نظام كابل عبارة عن نظام دُمى لن نتفاوض معه». ويعتقد معظم المحللين أن بيان «طالبان» هذا يعكس ثقة الحركة المكتسبة حديثاً لأنها تسيطر الآن على معظم الأراضي الأفغانية، كما أنها حصلت على ما يشبه الشرعية السياسية من الجهات الفاعلة الإقليمية.
وفي هذه الأثناء، ازدادت توقعات الحكومة الأفغانية والمسؤولين الأميركيين بأن باكستان قد تجلب «طالبان» إلى طاولة المفاوضات، بالإضافة إلى إقناع قيادة الحركة بالموافقة على حل سلمي للصراع. وكذلك واصلت الحكومة الأفغانية الضغط على الحكومة الباكستانية للتأثير على سياسات «طالبان». ولكن، في المقابل، الواضح أنه كلما تعرضت باكستان للضغط، فإنها تتوخى حذراً أكبر في دورها المحتمل بالتسوية السلمية الأفغانية. وقبل زيارة رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي، لكابل مباشرة، نُقِل عن مسؤول عسكري كبير قوله في وسائل الإعلام الباكستانية أنه ليس لدى باكستان التأثير على حركة طالبان الأفغانية، ولم تدّع أبداً امتلاكها تأثيراً على سياساتها. كما أوضح المسؤول العسكري أن الجيش الباكستاني لا يمتلك أي قدرة على جلب «طالبان» الأفغانية إلى طاولة المفاوضات مع سلطات كابل.
وبعد هذا البيان، حرص المسؤولون الباكستانيون أيضاً، في أعقاب مباحثاتهم مع ممثلي الحكومة الأفغانية في كابل، على أنهم لم يقولوا شيئاً عن قدرة باكستان على التأثير على سياسات «طالبان» أو جلبهم إلى طاولة المفاوضات. ووفقاً للبيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء عباسي في ختام زيارته لكابل، رحّب عباسي برؤية الرئيس أشرف غني للسلام والمصالحة في أفغانستان، وعرضه التباحث من أجل السلام مع «طالبان». وجاء في البيان: «دعا الزعيمان (طالبان) للاستجابة بشكل إيجابي لعروض السلام والانضمام إلى عملية السلام دون مزيد من التأخير. واتفقا على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الأفغاني الجاري، وعلى أن الحل السياسي هو أفضل وسيلة للتقدم».
- أسس التوقعات
هذا، وتستند توقعات الحكومة الأفغانية في المقام الأول إلى تصوّرات مفادها أن معظم قيادة «طالبان» ما زالت مستقرة مقيمة في مدينة كويتا (بجنوب باكستان) قرب الحدود الأفغانية. ويرتكز هذا التصور على تقارير وسائل الإعلام في الصحف الأميركية التي مفادها أن قيادة «طالبان»، بما في ذلك الراحل الملا عمر، ظلت مقيمة في كويتا خلال الفترة منذ الغزو الأميركي لأفغانستان. وبصرف النظر عن صحة هذه التصوّرات أم لا، فثمة حقيقة خلفها هي أن باكستان كانت في الماضي تدعم حركة طالبان الأفغانية سياسياً وعسكرياً.
إن سياسة الحذر الباكستانية تجاه «طالبان» حديثة العهد، إذ لا يتجاوز عمرها بضعة أشهر، بينما في الماضي كان المسؤولون الباكستانيون يتفاخرون بتأثير بلادهم على الحركة الأفغانية. وفي تناقض تام مع موقف إسلام آباد الأخير المتمثل في إبقاء تأثيرها على «طالبان» تحت غطاء سياسي، من الواضح أن باكستان على اتصال مع الحركة من خلال مكتب الأخيرة في الدوحة. وقام وفد من «طالبان» مكوّن من 3 أعضاء من مكتب الدوحة بزيارة إسلام آباد في يناير، وأجرى مباحثات مع مسؤولين باكستانيين. ووفقاً لتقارير، تباحثت وفود «طالبان» المكوّنة من 3 أعضاء من مكتب الدوحة أيضاً مع ممثلي الحكومة الأفغانية، فيما نفت الحكومة هذا الأمر. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن باكستان أطلعت المسؤولين الأميركيين والأفغان على نتائج هذه المباحثات مع ممثلي «طالبان».
مع ذلك، باشرت باكستان النأي بنفسها علانية عن الحركة الأفغانية، ويبدو أنها تبعث برسالة استياء من التقارير التي تفيد بأنها يمكن أن تؤثر على سياسات «طالبان» أو تجلبها إلى طاولة المفاوضات. والجدير بالذكر، في هذا السياق، أن باكستان نقلت بالفعل للمسؤولين الأفغان والأميركيين، عبر القنوات الدبلوماسية، عجزها عن جلب «طالبان» إلى طاولة المفاوضات تحت كل الظروف. وتعتقد السلطات الباكستانية أنه بعد موجة من سفك الدماء في أفغانستان، التي من المتوقع حدوثها في «موسم الربيع» الحالي، سيكون من المستحيل تسهيل المباحثات بين «طالبان» وسلطات كابل.
- جماعة «تحريك طالبان باكستان» النشأة والتحول
> تعود بداية الاضطرابات التي عمّت المناطق القبلية في باكستان، إلى الفترة التي أعقبت الغزو الأميركي لأفغانستان مباشرةً عام 2001، لكن الاضطرابات سرعان ما تحولت إلى حالة أشبه بالتمرد عام 2004، وبلغ الوضع ذروته في ديسمبر (كانون الأول) 2007 عندما اجتمع نحو 40 من قادة الجماعات الإرهابية المسلحة في المناطق القبلية الباكستانية وفي منطقة «خيبر باختون خا» البشتونية الحدودية للاتفاق على تأسيس كيان موحّد كمظلة لجميع الكيانات أطلقوا عليها لاحقاً اسم «تحريك طالبان باكستان» (أي، حركة طالبان باكستان)، وعُيّن بيت الله محسود زعيماً لها، ليلقى حتفه لاحقاً.
كان محسود قد أكد أن الهدف من تأسيس التحالف هو «الجهاد الدفاعي»، ولكن عندما اتجه الصحافيون الباكستانيون إلى منطقة جنوب وزيرستان في مايو (أيار) 2008، أبلغهم محسود بأنه يعتبر الولايات المتحدة «عدوه الشخصي»، وكان في بعض الأحيان يهدد بتوسيع نطاق جهاده ومده إلى الدول الغربية.
وفي نهاية عام 2008، تلقت الحكومة الباكستانية معلومات من العواصم الأوروبية بأنهم ألقوا القبض على مواطنين باكستانيين وأوروبيين اعتنقوا الإسلام ويخططون لشن اعتداءات إرهابية في مدن أوروبية، وأيضاً أن هؤلاء تلقوا تدريباتهم في معسكرات تابعة لمحسود. وفي تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» عام 2008، قال مسؤول باكستاني: لقد «تلقينا معلومات مؤكدة من ألمانيا وإسبانيا تفيد بأن إرهابيين تلقوا تدريبات في معسكرات تابعة لمحسود قد ألقي القبض عليهم في تلك الدول». كان ذلك البلاغ بمثابة الإشارة الأولى على أن جماعة «تحريك طالبان باكستان» قد تحولت إلى «جماعة جهادية عالمية».
ومن ثم، تمكنت أجهزة الاستخبارات الباكستانية ومعها عدد محدود من الكتاب والخبراء المعنيين بالإرهاب والقتال، من توثيق ورصد الأدلة على وجود تعاون بين «تحريك طالبان باكستان» وتنظيم «القاعدة» الإرهابي. وأفاد الخبراء بأنه ليس سراً أن التنظيمين نفّذا عمليات إرهابية في المدن الباكستانية بمساعدة عناصر محلية. وبات من المعروف الآن أن «تحريك طالبان باكستان» أُسست في ديسمبر (كانون الأول) (كانون أول) 2007 للعمل كمظلة لأكثر من 20 جماعة في منطقة جنوب وزيرستان الحدودية مع أفغانستان، وأن ذلك التاريخ يمثل بداية بزوغها. ومنذ نشأتها الأولى، كان وجود المتشددين العرب ملحوظاً بقوة لكنه اقتصر في البداية على التمويل. ولقد اعترف الزعيم الذي لقي حتفه، محسود، في مقابلة شخصية، بأن العرب وتنظيم «القاعدة» كلاهما قدم تمويلات ساعدت في تأسيس جماعة «تحريك طالبان باكستان».
من جهة أخرى، لا عجب أنه في غضون سنتين من تأسيسها، بات للجماعات العربية المرتبطة بـ«القاعدة» ممثلون في المجلس المركزي لجماعة «تحريك طالبان باكستان». وأفاد الخبراء بأن تلك كانت المرة الأولى التي يكون فيها للمتشددين نفوذ في صناعة القرار داخل الجماعة. وللعلم، ينتسب العديد من مقاتلي التنظيم على الأرض، وكذلك العديد من قادتها، إلى مدرسة «الديوبندية» الفكرية المتطرفة، لكن أتباع تلك المدرسة تلاشوا مع مرور الوقت لصالح العناصر المسلحة والتنظيمات الطائفية والمناطقية التي حوّلت عملياتها من وسط باكستان إلى المناطق القبلية. من تلك التنظيمات كانت جماعات مسلحة مثل «عسكر طيبة» المتشددة، وبعض العناصر الأصولية من «الجماعة الإسلامية» وغيرها من الجماعات المسلحة التي سيطرت على القرار داخل «تحريك طالبان» حتى عام 2010.



أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.