مصر: إحالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات «المقال» للمحاكمة العسكرية

أوراق للقرضاوي وعنف «الجماعة الإسلامية» ضمن أحراز قضية حسن مالك

TT

مصر: إحالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات «المقال» للمحاكمة العسكرية

أمرت النيابة العسكرية في مصر، بإحالة المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات (أكبر جهاز رقابي في مصر)، للمحاكمة العسكرية بتهمة نشر أخبار كاذبة أساءت إلى القوات المسلحة. وحددت المحكمة جلسة الاثنين المقبل لبدء نظر القضية.
وأصدر الجيش بياناً في فبراير (شباط) الماضي، أشار فيه إلى مقابلة أجراها جنينة مع موقع «هاف بوست عربي» (في نسخته العربية المملوكة لقطر)، قال فيها إن «الفريق سامي عنان لديه وثائق وأدلة تدين مسؤولين كباراً حاليين في مصر، سينشرها حال تعرضه للأذى».
ولم يُفسر جنينة حينها طبيعة تلك الوثائق التي بحوزة عنان ولا ماهيتها، وإن كان لمّح إلى أنها ذات صلة بفترة إدارة المجلس العسكري لمصر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، وما حدث فيها من تجاوزات.
لكن محامي عنان نفى ما ورد على لسان جنينة الذي ألقي القبض عليه يوم صدور الأمر بحبسه على ذمة التحقيق. وتقول مصر: إن «احتجازه يأتي في نطاق حماية الأمن القومي للبلاد».
وأُقيل المستشار جنينة من منصبه السابق رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات، قبل نحو عامين، على خلفية تصريحات أدلى بها عن حجم الفساد في الجهاز الإداري للدولة.
في غضون ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة وأمن الدولة العليا «طوارئ»، أمس، خامس جلسات محاكمة القيادي الإخواني حسن مالك، و23 آخرين، في اتهامهم بالإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، لـ3 مايو (أيار) لاستكمال فض أحراز المتهم الأول.
وكانت المحكمة قد واصلت جلساتها أمس، وذكرت أن «أحد الأحراز الخاصة في القضية ضمت دراسات حول عنف الجماعة الإسلامية في التسعينات من القرن الماضي، فضلاً عن أوراق مطبوعة تتحدث عن تقويم النفس البشرية، والعمل الإسلامي، وأوراق تتعلق بالشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الأب الروحي لجماعة «الإخوان» (مقيم في قطر)... وكذا عدد 6 ورقات مطبوعة معنونة بـ«ملامح المأزق لدى الإخوان المسلمين».
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قامت بضبط مالك، وأجرت تفتيشاً لمسكنه، فعثرت على مطبوعات تنظيمية تضمنت خطط جماعة «الإخوان» للإضرار بالاقتصاد القومي عن طريق خلق طلب مستمر على الدولار الأميركي لخفض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، والقيام بعمليات إرهابية تستهدف رجال القوات المسلحة والشرطة وقطاع السياحة، وبخاصة الوفود الروسية والأوروبية.
كما عثرت النيابة على مطبوع تضمن قائمة بالشركات الأميركية والإماراتية والسعودية العاملة في مصر، وخريطة لخطوط الغاز الطبيعي داخل مصر بغرض استهدافها بعمليات إرهابية، فضلاً عن العثور على مطبوع صادر عن جماعة «الإخوان» يحرّض على استعمال القوة والعنف لقلب نظام الحكم القائم بالبلاد.
كما عثر بسكن بعض المتهمين الآخرين على مطبوعات تنظيمية أخرى تتضمن دعوة جماعة «الإخوان» لأعضائها للتجمهر وقطع الطرق، وأخرى تتضمن كيفية التأثير على الرأي العام، كما تم ضبط مبالغ مالية من عملات أجنبية مختلفة كانت معدة لإمداد أعضاء جماعة «الإخوان» التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، والجماعات الإرهابية بشمال سيناء للقيام بعمليات إرهابية داخل البلاد.
إلى ذلك، حسمت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب (البرلمان) أمس، الجدل حول مواد مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأقرت إلزام مقدم الخدمة بالمحافظة على سرية البيانات التي يتم حفظها وتخزينها وعدم إفشائها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، وذلك للبيانات الشخصية لأي من مستخدمي الخدمة، أو أي بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التي يدخل عليها المستخدمون أو الأشخاص والجهات التي يتواصلون معها. ووافقت على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، لكل مسؤول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد إلكتروني، وأخفى أو عبث بالأدلة الرقمية المنصوص عليها بالقانون بقصد إعاقة عمل الجهات الرسمية المختصة. وكذلك الموافقة على المادة التي تعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للموقع الإلكتروني، إذا ثبت علمه بالجريمة أو سهّل ارتكابها تحقيقاً لمصلحة له أو لغيره.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».