الإدارة الأميركية تضع «خيارات» عسكرية وسياسية للرد على الكيماوي

اجتماع لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض... وترمب يقول إن موعد الضربة لم يحدد

وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يتحدث في الكونغرس أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يتحدث في الكونغرس أمس (أ.ب)
TT

الإدارة الأميركية تضع «خيارات» عسكرية وسياسية للرد على الكيماوي

وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يتحدث في الكونغرس أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يتحدث في الكونغرس أمس (أ.ب)

يجري في واشنطن إعداد الخطط العسكرية الأميركية والاستعداد لضربات «قوية وشاملة» لمعاقبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على استخدامه للأسلحة الكيماوية على دوما، إذ كان مقررا أن يجتمع فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض مساء الخميس لمناقشة الخيارات العسكرية المختلفة وغير العسكرية للرد على الهجوم الكيماوي في سوريا.
وحاول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إضفاء بعض الغموض على توقيت الضربة العسكرية الأميركي بعد تغريدته صباح الأربعاء، محذرا روسيا من صواريخ ذكية وجديدة وهي التغريدة التي أثارت جدلا واسعا. وقال ترمب في تغريدة جديدة صباح الخميس: «لم أقل متى ستحدث الضربة ضد سوريا، هذا قد يكون سريعا جدا أو غير سريع على الإطلاق، وعلى أية حال فالولايات المتحدة تحت إدارتي قامت بعمل عظيم في التخلص من «داعش»، أين شكرا أميركا».
واكتفت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض بالتأكيد أن إدارة ترمب لم تقرر بعد كيفية الرد على أي هجوم بالأسلحة الكيماوية وأن كل الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة.
وأثارت تغريدات ترمب الكثير من الجدل حول تحركات الإدارة حيث أظهرت تغريدة الخميس تراجعا عن تغريدة الأربعاء، وقد تشير إلى ضربة أميركية رمزية فقط، فيما يؤكد محللون آخرون ضربة أميركية موسعة وأن ترمب يحاول إضفاء نوع من الغموض على الخطط الأميركية. ويشير مسؤولون إلى محادثات تجري خلف الستار مع الجانب الروسي لتجنب أي صدامات أميركية روسية وبصفة خاصة سقوط أي ضحايا من الضباط الروس في أي هجوم محتمل.
وتمتلك البحرية الأميركية مدمرات لديها قدرات عالية على إطلاق صواريخ توماهوك والتي يبلغ مداها ألف ميل وتتسم هذه الصواريخ بتوجيهها عن طريق الأقمار الصناعية بما يجعل قدرتها على إصابة الأهداف دقيقة للغاية (وهي النوعية من الصواريخ عالية الذكاء التي أشار إليها الرئيس ترمب في تغريدته يوم الأربعاء).
ووفقا للبنتاغون يتواجد حاليا بالبحر المتوسط المدمرة دونالد كوك التابعة للبحرية الأميركية محملة بصواريخ كروز وتوما هوك في مواقعها وجاهزة لتلقي الأوامر ويتواجد أيضا معدات عسكرية أميركية أخرى تشمل الطائرات والغواصات على وضع استعداد لأي أوامر يصدرها الرئيس الأميركي. ويتزامن ذلك مع تحركات لسفن حربية وغواصات ومعدات عسكرية وطائرات فرنسية وبريطانية في البحر المتوسط في الوقت الذي تستمر المشاورات بين الجانب الأميركي والجانبين الفرنسي والبريطاني.
وقد انطلقت حاملة الطائرات هاري ترومان من قاعدتها بولاية فيرجينيا الأربعاء في طريقها إلى البحر المتوسط، وشدد الأدميرال البحري يوجين بلاك أن حاملة الطائرات التي تحمل 6500 من البحارة الأميركية على أهبة الاستعداد لأي أوامر تصدر من واشنطن.
وتشير التسريبات أن المطارات السورية ومراكز القيادة وتدمير الطائرات الحربية السورية ومخازن الأسلحة هي الأهداف المؤكدة في الضربة الأميركية المحتملة إضافة إلى استهداف للقادة والطيارين الذين قاموا بتنفيذ الأوامر باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين في الدوما بهدف إرسال رسالة قوية للنظام السوري لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر وقوع الكثير من الضحايا إضافة إلى زيادة فرص تصعيد الصراع.
وأشار جون كيربي المسؤول العسكري السابق والمتحدث السابق باسم الخارجية لشبكة «سي إن إن» أن الأقمار الصناعية الأميركية وغيرها من طائرات الاستخبارات جمعت أدلة ودلائل تشير أن النظام السوري والوحدات العسكرية الروسية داخل سوريا تقوم بنقل وتحريك الطائرات والأسلحة والأفراد بعيدا عن الأهداف المحتملة لأي ضربة أميركية. وأوضح كيربي أنه بناء على مراقبة هذه التحركات الروسية والسورية يقوم القادة العسكريون في واشنطن بتعديل وتغيير الأهداف المحتملة.
وأشار الكولونيل سكوت موراي مسؤول عسكري سابق أن إدارة ترمب تسعى لإشراك القوات البريطانية والفرنسية في الهجمة وربما يتم استخدام صواريخ من طراز S - 400 أرض - جو، يمكن إطلاقها من المدمرات الحربية الأميركية المتمركزة في البحر المتوسط قبالة السواحل السورية واستهداف الدفاعات الجوية السورية وبعض المناطق الاستراتيجية في دمشق وأشار بعض الصحافيين مساء الأربعاء أن كلا من روسيا والولايات المتحدة حريصتان على عدم حدوث أي خطأ في التقديرات يؤدي إلى صدام.
ويقول محللون بأن الروس سيحاولون تفادي أي سوء تقدير أو حدوث خطأ يؤدي إلى صدام أميركي روسي داخل سوريا وأن الروس سيكتفون باستخدام أنظمة الدفاع الصاروخية المختلفة لاعتراض أي صواريخ أميركية يتم إطلاقها وتدميرها في الجو قبل بلوغ أهدافها.
ويقول مصدر مسؤول بأن الضربة الأميركية في أبريل (نيسان) 2017 ردا على استخدام الكيماوي على خان شيخون، سبقها تنسيق مع الروس لتفادي وقوع إصابات بين المستشارين العسكريين الروس المتواجدين في سوريا ومع هذا الإشعار المسبق لم تقم روسيا بأي جهد لإسقاط الصواريخ الأميركية، واعتبرت وقتها روسيا أن الرد الأميركي بضرب مطار الشعيرات يمكن استيعابه دون القيام بأي رد فعل انتقامي، وحث الروس نظام الأسد على ضبط النفس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».