السيسي لرئيس البرتغال: مصر تكافح الإرهاب باستراتيجية أمنية وثقافية

دي سوزا دعا من الأزهر إلى العمل من أجل السلام في الشرق الأوسط

السيسي لدى استقباله نظيره البرتغالي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي لدى استقباله نظيره البرتغالي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

السيسي لرئيس البرتغال: مصر تكافح الإرهاب باستراتيجية أمنية وثقافية

السيسي لدى استقباله نظيره البرتغالي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي لدى استقباله نظيره البرتغالي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن مباحثاته مع نظيره البرتغالي مارسيلو دي سوزا، تناولت عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، كما تبادلا الرؤى حول تطورات الأوضاع في سوريا وليبيا، فضلاً عن سبل تعزيز مكافحة الإرهاب، والعمل على تجفيف منابع تمويله، والتحذير من مخاطر الجماعات المتطرفة.
وأكد السيسي في المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيره البرتغالي، في قصر الاتحادية (شرق القاهرة) أمس، أن «مصر تنتهج استراتيجية شاملة لمكافحة ظاهرة الإرهاب البغيضة، تقوم على معالجة جذورها أمنياً وثقافياً واقتصادياً، ليس دفاعاً عن أمنها القومي فقط؛ لكن انطلاقاً من مسؤولياتها الإقليمية والدولية».
وكان الرئيس البرتغالي قد وصل إلى مطار القاهرة الدولي الليلة قبل الماضية، على رأس وفد كبير، في زيارة رسمية لمصر تستغرق 3 أيام. ويشارك في افتتاح منتدى الأعمال المصري البرتغالي، مساء اليوم (الجمعة) الذي ينظمه الاتحاد المصري للغرف التجارية، بالتعاون مع الوكالة البرتغالية للتجارة والاستثمار.
وأكد السيسي، أنه «اتفق مع نظيره البرتغالي على تعظيم الاستفادة من الإمكانات والفرص المتاحة، وسرعة تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، بما يؤدى لإحداث نقلة نوعية في مسار تطوير الشراكة بينهما، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة والتعاون في مختلف المجالات»، مشيداً بالجهود التي بُذلت والتطور الملموس الذي شهدته مختلف مجالات التعاون بين مصر والبرتغال خلال المرحلة الماضية، بما يسهم في تحقيق المصالح المتبادلة للشعبين، ويضمن استمرار التنسيق المستمر في مختلف المحافل الدولية.
وشدد السيسي على ضرورة زيادة التنسيق والتعاون بين البلدين، لمعاجلة التحديات ومجابهة المخاطر والتهديدات التي تتسم بالتعقيد وصعوبة التعامل معها بصورة منفردة، خاصة مع التقارب الجغرافي والثقافي والتاريخي بين البلدين.
من جهته، قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس البرتغالي أعرب عن سعادته بزيارة مصر وتقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكداً عمق أواصر الصداقة والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، وتطلع بلاده للعمل على الارتقاء بالتعاون الثنائي مع مصر في كافة المجالات، خاصة في ظل الدور المحوري الذي تقوم به مصر في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والبحر المتوسط».
وأوضح المتحدث الرسمي، أن المباحثات بين الرئيسين تناولت سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بعد انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، بمشاركة رجال الأعمال من الجانبين، وما أسفرت عنه من توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم في كثير من المجالات، حيث أكد الرئيسان «أهمية العمل على سرعة تفعيل تلك الاتفاقيات، بهدف استمرار الارتقاء بأوجه التعاون بين البلدين، وتعزيز العلاقات المشتركة بينهما».
وقد أعرب الرئيس البرتغالي في هذا السياق عن تثمينه للنجاحات التي تحققها مصر على صعيد الحرب على الإرهاب، مشيراً إلى دعم بلاده لجهود مصر في هذا الإطار.
كما تناولت المباحثات تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين، حيث أكد الجانبان أهمية التعامل مع تلك الموضوعات، من منظور شامل يتضمن معالجة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي أدت إلى ازديادها خلال الفترة الماضية، بما في ذلك العمل على تضافر الجهود الدولية للتوصل إلى تسويات للأزمات القائمة بدول المنطقة.
وتم التأكيد أيضاً على أن التعاون المصري الأوروبي يُمثل مصلحة مشتركة تضيف لرصيد العلاقة المتميزة بين الجانبين؛ خاصة في ظل استضافة مصر لملايين من اللاجئين، فضلاً عن جهودها في ضبط سواحلها، مما أدى إلى عدم رصد أي حالة للهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر (أيلول) 2016.
في غضون ذلك، زار الرئيس البرتغالي مشيخة الأزهر، والتقى أحمد الطيب شيخ الأزهر، كما التقى شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وعلي عبد العال رئيس مجلس النواب (البرلمان). وألقى رئيس البرتغال كلمة من جامعة الأزهر بالدَّرَّاسة، وسط العاصمة المصرية، بعنوان «رؤية مُعلم ورئيس»، وذلك بحضور قيادات وعلماء وطلاب الأزهر، وعدد من الوزراء والسفراء والشخصيات.
وتعهد في كلمته بتقوية روابط الصداقة بين مصر والبرتغال على جميع الأصعدة؛ مشيراً إلى أن مستقبل العلاقة بين البلدين إيجابي للغاية. وأشاد الرئيس البرتغالي بدور مصر في المنطقة والعالم، قائلا: «إن مصر وطن عظيم ومهم وحيوي في المنطقة والعالم كله»، مشدداً على أن بلاده شهدت تأثيراً إسلامياً قوياً منذ نشأتها وحتى الآن.
وطالب الرئيس البرتغالي بضرورة محاربة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» أو الخوف من الإسلام، وأكد أنه ضد العزلة، وضد كل السبل التي تعمل على خلق انقسام فيما بين الجميع، بدلاً من خلق جسور للحوار.
كما دعا إلى العمل من أجل السلام في الشرق الأوسط والأدنى، وفي كل القارات، قائلاً: «لا يجب أن نغلق الأبواب ونبني المعاقل القائمة على الصراعات، ولا بد من مقاومة الفكر أو العلم الذي يخلق نوعاً من الاضطهاد والفتنة الطائفية بدلاً من التحرر والتضامن الفعال». مضيفاً أن «التطرف يزداد في كثير من البلدان والمناطق الأوروبية وغيرها، والخطأ يقع من جانب أوروبا، ويجب أن نكافح بقدر أكبر لتحقيق السلام والمحبة، وخلق ظروف اقتصادية واجتماعية تتجنب التطرف؛ لكننا لا نفعل هذا في بعض الأحيان».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».