هيمنت ثلاث قضايا على جلسة استماع مجلس الشيوخ الأميركي لوزير الخارجية الأميركي المرشح، مايك بومبيو، أمس، هي مواقفه من روسيا والاتفاق النووي وسعيه لاستعادة «تألق» وزارة الخارجية.
وتهدف جلسة استماع بومبيو، الذي يشغل حالياً منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، إلى المصادقة على تعيينه في منصب وزير الخارجية، وحضرتها مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي. وتنتظر بومبيو، إذا تمّ تثبيته، تحديات واسعة تشمل العلاقات المتوترة مع روسيا والسجال التجاري مع الصين والملف النووي الإيراني، والتقارب الحذر مع كوريا الشمالية.
وقال بومبيو في تصريحاته التي حضّرها ونشرت قبل الجلسة: «تواصل روسيا التصرف بعدوانية مردها سنوات من السياسة الناعمة حيال هذه العدوانية (...) انتهى ذلك الآن». وأعلن قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، أن نحو 200 من المرتزقة الروس قتلوا في سوريا في فبراير (شباط) الماضي في غارات أميركية ضد القوات الموالية للحكومة السورية. وهي أكبر حصيلة من نوعها تعلنها السلطات الأميركية.
وأوضح بومبيو لدى سرده ما قامت به إدارة ترمب ضد روسيا خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ: «في سوريا قبل أسابيع قليلة (..) قتل نحو 200 روسي». كما اعتبر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لم يفهم الرسالة بالقدر الكافي»، التي مفادها أن واشنطن تهدف إلى معاقبة موسكو على موقفها، وخصوصاً على تدخلها في الانتخابات الأميركية في 2016. وأضاف: «علينا الاستمرار في العمل بهذا الاتجاه»، مذكراً بأنه سبق أن أعلنت عقوبات عدة ضد روسيا، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ورشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بومبيو للحلول محل ريكس تيلرسون، في خطوة قد تغير واجهة وزارة الخارجية الأميركية منذ تسلم ترمب مهامه. وبومبيو ليس غريباً عن الرئيس الأميركي، حيث كان يحيط الرئيس علماً بما يجري بشكل يومي تقريباً، ويدعم مواقفه الحازمة تجاه إيران والاتفاق النووي. وفي إفادته، قال بومبيو إنه في حين دفعت طهران «ثمناً ضئيلاً للغاية» لسلوكها في المنطقة، فإنه والرئيس الأميركي مستعدان لمراجعة الاتفاق النووي «لإصلاح العيوب الأسوأ فيه». وبيّن بومبيو، أن النظام الإيراني يستفيد اقتصادياً من الاتفاقية النووية؛ ولذلك فإنه يقاوم أي جهد يصبو إلى إعادة مناقشة نص الاتفاق.
في المقابل، لم يحدد بومبيو ما إذا كان سيدعو إلى انسحاب أميركي من الاتفاق النووي في حال فشلت المفاوضات مع الأوروبيين. وقال: «لا يمكننا الرد بنعم أو لا. لم نصل بعد إلى هذه النقطة». وأضاف: «إذا تبيّن أن لا مجال لتحسينه، سأوصي الرئيس ببذل المستطاع مع حلفائنا للتوصل إلى أفضل نتيجة وأفضل اتفاق. حتى بعد 12 مايو (أيار)، هناك كثير من الجهود الدبلوماسية التي يجب أن تبذل».
وأمهل ترمب، الذي ينتقد بشدة الاتفاق المبرم في 2015 بين الدول العظمى وإيران لمنعها من حيازة القنبلة النووية، الموقعين الأوروبيين على النص (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) حتى 12 مايو لتشديد مضمونه، مهدداً بـ«تمزيقه»، وإعادة فرض عقوبات على طهران.
وعن وضع وزارة الخارجية، قال بومبيو، إنه سمع مباشرة من دبلوماسيين أميركيين «عن الشعور بالإحباط أمام العدد الكبير من الشواغر، وبصراحة، عدم الشعور بالأهمية». وأوضح بومبيو «سأؤدي الجزء المطلوب مني لملء الشواغر»، مضيفاً إنه سيعمل على إنعاش روح الفريق الذي سيصبح أساس «ثقافة وزارة الخارجية التي ستستعيد رونقها».
وبصفته رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية، سبق وأن مر بومبيو على مجلس الشيوخ، حيث انضم 14 ديمقراطياً للجمهوريين في تثبيته في منصبه. ويبدو أنه ستكون هناك حاجة إلى ديمقراطي واحد على الأقل ليمر بومبيو بنجاح عبر لجنة العلاقات الخارجية التي يتوقع أن تصوّت على تثبيته خلال الأسابيع المقبلة.
وتضم اللجنة 11 جمهورياً وعشرة ديمقراطيين. ولم يتردد الجمهوري راند بول في الإعراب عن معارضته بومبيو بسبب تأييد الأخير حرب العراق. لكن السيناتور ليندسي غراهام، الذي يعد صقراً جمهورياً في مجال السياسة الخارجية، قال إن بومبيو هو «الرجل المناسب في الوقت المناسب» لقيادة وزارة الخارجية خلال مرحلة «خطيرة» يعيشها العالم.
وأجرى بومبيو مؤخراً لقاءات بأعضاء من مجلس الشيوخ، بينهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب كوركر الذي وصف اجتماعهما بـ«الجيد للغاية»، دون الإعلان إن كان سيدعم المرشح لحقيبة الخارجية. ويشير الديمقراطيون إلى أنهم يريدون وزير خارجية ينخرط بشكل أكبر بكثير بالمؤسسة التي يشرف عليها.
وقال السيناتور كريس مورفي، من لجنة العلاقات الخارجية، قبل أن يتم نشر مقتطفات خطاب بومبيو «سقف التطلعات مرتفع للغاية من قبل الكثير منا حياله. عليه الالتزام بوضع حد لهذا الهجوم على موظفي وزارة الخارجية الذي بدأه تيلرسون».
ومع تعيين ترمب مؤخراً للصقر المحافظ جون بولتن مستشاراً للأمن القومي، أكد مورفي أنه يريد التدقيق في بومبيو بشأن ملفات ساخنة على غرار كوريا الشمالية وسوريا. وقال إن «الكثير منا يشعر بالقلق بشأن وضع الثنائي بومبيو - بولتن رزمة من الخيارات العسكرية على الطاولة للرئيس، بإمكانها أن تعود بضرر حقيقي على أمننا القومي».
على صعيد آخر، ذكر مدير وكالة الاستخبارات الأميركية السابق، أن روبرت مولر الذي يحقق في العلاقة بين حملة دونالد ترمب الانتخابية وروسيا في الانتخابات الرئاسية 2016، أجرى معه مقابلة. وأكد بومبيو، الذي تردد أن الرئيس الأميركي طلب منه التدخل في التحقيق: «لقد تحدثت مع المحقق الخاص مولر الذي أجرى معي مقابلة، أي طلب أن يقابلني». إلا أنّه رفض كشف تفاصيل.
وقال: «لقد تعاونت مع الكثير من التحقيقات... أعتقد أنه من المهم للغاية مع استمرار هذه التحقيقات، أن لا أتحدث عن محادثاتي مع مختلف أجهزة التحقيق».
والعام الماضي، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أنه في اجتماع للبيت الأبيض في مارس (آذار) 2017، طلب ترمب من بومبيو ومدير وكالة الأمن القومي دان كوتس محاولة ثني مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عن التحقيق مع مستشاره السابق للأمن القومي مايك فلين. واتهم مولر فلين بالكذب حول صلاته بالروس.
روسيا وإيران تهيمنان على جلسة استماع بومبيو أمام مجلس الشيوخ
شدد على ضرورة تحسين الاتفاق النووي وأقر بمقابلة مولر
روسيا وإيران تهيمنان على جلسة استماع بومبيو أمام مجلس الشيوخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة