القميص الأبيض... تسلمته المرأة من الرجل فأصبح قطعة مفعمة بالأنوثة

من اقتراحات دار «سيلين»  - الممثلة ريبيكا فيرغسون بقميص أبيض من الساتان
من اقتراحات دار «سيلين» - الممثلة ريبيكا فيرغسون بقميص أبيض من الساتان
TT

القميص الأبيض... تسلمته المرأة من الرجل فأصبح قطعة مفعمة بالأنوثة

من اقتراحات دار «سيلين»  - الممثلة ريبيكا فيرغسون بقميص أبيض من الساتان
من اقتراحات دار «سيلين» - الممثلة ريبيكا فيرغسون بقميص أبيض من الساتان

قطع كثيرة سرقتها المرأة من خزانة الرجل، وجعلتها تبدو وكأنها فصلت خصيصاً لها. من هذه القطع نذكر القميص الأبيض، الذي أصبح قطعة مفعمة بالأنوثة، لا تقتصر على مناسبات النهار وبنطلونات الجينز، بل دخلت مناسبات السهرة والمساء أيضاً. ما اكتشفته المرأة أنه من القطع السهلة التي يمكن أن تنقلها من المكتب إلى مطعم فاخر أو دعوة عشاء حميمة بسهولة وأناقة. كل ما عليها القيام به لكي ترتقي به أن تضيف إليه بعض الإكسسوارات. فسواء كان من القطن أو من الحرير أو الدانتيل أو أي قماش آخر، فإنه لا يخذلها أبداً. صحيح أنه مع تنورة مستقيمة وجاكيت مفصلة قد يمنحها مظهراً كلاسيكياً مغرقاً في الرسمية، إلا أنها عندما تنسقه مع بنطلون أو تنورة طويلة، سواء كانت منسدلة أو مستديرة، فإنها تحصل في ثانية على مظهر في غاية الأناقة.
قبل أن تستحوذ عليه المرأة كان حتى بداية القرن العشرين قطعة رجالية محضة يستعملها الرجل بشكاكش، ويفضلها مصنوعة من الحرير أو الدانتيل بتفاصيل كثيرة. فكلما كانت منمقة أشارت إلى مكانته الاجتماعية الرفيعة وأضفت عليه تميزاً. ورغم بعض المحاولات البسيطة للاستحواذ عليه وإدخاله خزانة المرأة آنذاك، ظلت المحاولات خجولة جداً لم تتصدر الموضة إلا بعد أن ظهرت به نجمات هوليوود من مثيلات لورين باكال فيه فيلم «كي لارغو» في عام 1948 ومارلين مونرو في فيلم «ذي ميسفيتس» عام 1962 وجوليا روبرتس في فيلم «بريتي وومان» عام 1990 وأخريات. بيد أنه تبقى القطعة التي أكسبتها كل من لورين باكال ومارلين مونرو أنوثة غير مسبوقة، فقد أثارت انتباه صناع الموضة إلى جاذبيته، ومدى الإثارة التي يُضفيها على المرأة، لتتوالى إبداعاتهم فيه بشكل منتظم.
حاليا تنوعت قصاته وخاماته وألوانه أيضاً، لكن يبقى الأبيض هو الأقوى تأثيراً، بحسب ما تؤكده عروض الأزياء في كل عواصم الموضة العالمية، وإن كان الملاحظ أن مصممات أكثر من يُسهبن ويُبدعن فيه بدءاً من فكتوريا بيكهام وفيبي فيلو، مصممة دار «سيلين» السابقة إلى كارولينا هيريرا.
لكن عملية تأنيثه، كما نعرفها اليوم، بدأها رجل هو الراحل جيانفرانكو فيريه. كان أول من قدمه كقطعة فخمة تناسب المساء والسهرة، بتنسيقه مع تنورات طويلة ومستديرة تزينها أحزمة مبتكرة. كارولينا هيريرا التقطت منه الخيط وأطلقت العنان لخيالها لتنسج منه تصاميم عصرية لكل المناسبات والأوقات، ومع الوقت أصبحت هذه القطعة ماركتها المسجلة. في كل موسم تطرحها بشكل جديد لكن لا تستغني عنها أبداً، وكأنها تتفاءل بها. الملاحظ أن العديد من المصممين عادوا هذا الموسم إلى العهد الإليزابيثي من خلال قمصان بياقات عالية وأكمام طويلة بكشاكش، إلا أنه كلما كان بسيطاً بلمسة رجالية كان أجمل وأكثر مرونة. أي يتماشى مع إطلالات أكثر. ولأنه عندما يكون من القطن، يُفترض فيه أن يكون ناصع البياض ومكوياً بشكل جيد، ولأن الحفاظ عليه بهذا الشكل طويلاً، صعب، يمكن اختياره من الحرير أو الموسلين وأي قماش ينسدل على الجسم بسهولة. ولمظهر متميز في المساء، يمكن تنسيقه مع بنطلون من الساتان أو تنورة طويلة. ولا بأس من الإكسسوارات الكثيرة، سواء تعلق الأمر بالقلادات ذات الصفوف المتعددة أو أقراط الأذن المتدلية إلى الأكتاف.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».