الوجود العسكري الروسي في سوريا

TT

الوجود العسكري الروسي في سوريا

تؤكد روسيا أنها خفضت بشكل كبير وجودها العسكري في سوريا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، إلا أنها لا تزال تحتفظ بوحدات عسكرية عدة في البلاد خصوصا في قاعدتي طرطوس وحميميم.
فيما يلي تفاصيل الوجود العسكري الروسي في سوريا:
الرقم الرسمي الأخير حول عدد العسكريين الروس في سوريا، هو رقم العسكريين الذين صوتوا في سوريا في الانتخابات الرئاسية الروسية الأخيرة التي جرت في الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي. وبلغ هذا العدد 2954، صوتوا جميعا دون استثناء لبوتين.
وينتشر القسم الأكبر من الجنود الروس في قاعدة حميميم الجوية في شمال غربي سوريا.
والقسم الأكبر من الجنود الروس عبارة عن «مستشارين» عسكريين يقدمون الدعم للجيش السوري، وساهموا كثيرا في التقدم الذي حققه هذا الجيش خلال الفترة الأخيرة.
يضاف إلى المستشارين الشرطة العسكرية التي يتألف القسم الأكبر من أفرادها من كتائب تابعة لجمهوريات القوقاز المسلمة، وهم ينتشرون في مناطق تمت استعادتها من الفصائل المعارضة كما هو حاصل في حلب، وفي مناطق «خفض التوتر» في نواح عدة من البلاد.
ويقول الخبير العسكري بافيل فلغيناور إن «نحو ألف عنصر من القوات الروسية الخاصة» كانوا يحاربون إلى جانب قوات النظام في نهاية العام 2017.
وكشف الرئيس الروسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن ما مجموعه 48 ألف عسكري روسي شاركوا حتى الآن في التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ بدئه في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) 2015.
رسميا قتل في سوريا نحو ثمانين عسكريا روسيا منذ بدء التدخل، أكثر من نصفهم خلال تحطم طائرة نقل لدى هبوطها في قاعدة حميميم مطلع مارس (آذار) الماضي.
لكن عدد القتلى في صفوف المرتزقة الروس الذين لا يعترف الكرملين بوجودهم قد يكون أكبر. لا تتوافر معلومات رسمية حول عدد الطائرات العسكرية الروسية الموجودة في سوريا، إلا أن خبراء يقدرونها بـ«العشرات» موجودة في مطار حميميم.
والطائرات هي قاذفات من نوع سوخوي - 24 وسوخوي – 34، وطائرات متعددة المهام من نوع سوخوي – 30، ومطاردات من نوع سوخوي - 35، آخر منتجات الصناعة العسكرية الروسية. يضاف إلى هذه الطائرات عشرات المروحيات العسكرية.
كما استخدمت روسيا في عملياتها العسكرية قاذفات استراتيجية من نوع توبوليف - 22 وتوبوليف - 160، إضافة إلى صواريخ عابرة يصل مداها إلى 4500 كلم.
ولحماية قاعدة حميميم نصبت روسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 بطاريات صواريخ مضادة للطائرات من نوع إس - 400 تعتبرها مفخرة صناعاتها العسكرية، وتسعى لبيعها في سوق السلاح العالمية. كما نصب الروس بطاريات متحركة مضادة للطائرات من نوع بانتسير وتور إم - 1.
وفي مرفأ طرطوس، نصبت بطاريات مضادة للطائرات من نوع إس - 300، مع العلم أن كل الفصائل المسلحة المعارضة الجهادية منها وغير الجهادية، لا تملك طائرات.
أما السفن العسكرية الروسية فهي منتشرة شرق المتوسط وشاركت في الضربات العسكرية. وبعد أن شاركت حاملة الطائرات الروسية كوزنيتسوف في العمليات العسكرية في سوريا، عادت وسحبت إلى حوض في منطقة مورمنسك في شمال روسيا للعمل على تحديثها الذي سيستغرق ثلاث سنوات.
كما استخدم الجيش الروسي غواصات في عملياته العسكرية في سوريا أربع مرات على الأقل.
رغم الإعلان مرتين عن سحب قوات من سوريا في مارس (آذار) 2016 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2017، فان روسيا لا تزال تحتفظ بإمكانات عسكرية في سوريا تتيح لها المشاركة في أعمال عسكرية على الأرض.
وتحولت قاعدة حميميم العسكرية إلى قاعدة دائمة للجيش الروسي في يناير (كانون الثاني) 2017 إثر اتفاق بين موسكو ودمشق قضى بجعلها خاضعة للقانون الروسي. وكان مطار حميميم مطارا مدنيا قبل أن يحوله الروس بسرعة إلى مطار عسكري في صيف 2015 لاستقبال المعدات العسكرية الروسية.
والشيء نفسه في طرطوس، حيث تحول هذا المرفأ إلى «قاعدة بحرية روسية دائمة».
وإضافة إلى القوات الروسية الرسمية يضاف عدد كبير من المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات الموالية للنظام، ويعملون لحساب شركة عسكرية خاصة يطلق عليها اسم «مجموعة فاغنر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.