المغرب يعبئ شبابه في المهجر لـ «الدفاع عن قضية الصحراء»

نظّم جامعة ربيعية حضرها 86 شاباً من 16 دولة

TT

المغرب يعبئ شبابه في المهجر لـ «الدفاع عن قضية الصحراء»

وجه عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، نداء مباشرا إلى الشباب المغاربة المقيمين في مختلف بلدان العالم، للتجند والتعبئة من أجل «الدفاع عن الوحدة الترابية» للمغرب، ومواجهة مناوئيه في بلدان الإقامة.
واعتبر بنعتيق في كلمة ألقاها أمس خلال افتتاح الدورة الأولى من الجامعة الربيعية للشباب المغاربة المقيمين بالخارج، التي تنظمها وزارته بشراكة مع جامعة السلطان مولاي سليمان، تحت شعار «المغرب أرض الثقافات»، في بني ملال (وسط)، أن الشباب المغاربة في مختلف دول العالم «يمثلون قوة ضاربة، ينبغي أن تتعبأ للدفاع عن قضية الصحراء».
وقال بنعتيق أمام 86 شابا من مغاربة العالم يمثلون 16 دولة من مختلف القارات، إن «بلادكم تدافع عن حقها المشروع في أقاليمها الجنوبية، فدافعوا عنها أمام الآخرين وضد الأصوات المأجورة»، وأكد أن هناك «أيادي خفية تريد قطع الامتداد الجنوبي للمغرب، ولن نتنازل عن شبر من أراضينا».
وقدم بنعتيق مرافعة أمام شباب مغاربة العالم، الذين يتحدر 90 في المائة منهم من دول أوروبا، 60 في المائة منهم إناث، حول التطورات التي تعيشها قضية الصحراء، مؤكدا أن بلادهم حققت «إنجازات استثنائية خلال السنوات الأخيرة رغم محدودية الإمكانيات»، مشددا على ضرورة انخراط مغاربة الداخل والخارج في صيانة ما سماه «الوحدة والإجماع الوطنيين»، وطالب الحاضرين بضرورة التمسك بالثوابت، التي حددها في «المؤسسة الملكية، والوحدة الترابية، والإسلام المعتدل».
وزاد بنعتيق: «أريدكم أن تشرحوا للأجانب أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى توقيعه سنة 1991 هو اتفاق تقني، تسهر الأمم المتحدة عليه، أما تغيير معالم منطقة عازلة انسحب المغرب منها لتسهيل الاتفاق، فإنه هو الذي يعد خرقا سياسيا وقانونيا»، مبرزا أن المغرب مستعد لكافة الخيارات من أجل الدفاع عن وحدته الترابية.
وأكد المسؤول الحكومي أن المغرب «يتقدم رغم الصعوبات، ويمضي بخطوات جريئة ليصل إلى مصاف الدول المتقدمة»، مشيرا في الآن ذاته إلى أن البلاد تواجه تحديات عدة، تحتاج تعبئة جهود الجميع لمواصلة المسير نحو التقدم.
كما سجل بنعتيق أن المغرب يعيش «ديمقراطية ناشئة، تبنى بشكل تدريجي وتوافقات كبرى تحتاج لأجيال وأجيال»، مشددا على أهمية المشاركة والعمل من أجل «الاستمرار في تحصين الديمقراطية ضد أي تطرف أو هيمنة في المستقبل». في السياق نفسه، أشاد بنعتيق بالأدوار التي يمكن أن يلعبها هؤلاء الشباب في التعريف بعدالة قضية الوحدة الترابية للمغرب، كما شدد على حاجة البلاد إليها، و«حقها عليكم للإسهام في إنجاح النموذج التنموي».
وأوضح بنعتيق أن «شباب مغاربة العالم قوة ضاربة داخل المشروع التنموي، ليكون المغرب ضمن الدول المتقدمة»، مشيرا إلى أهمية هذه التظاهرات الشبابية التي يجتمع فيها أبناء الوطن؛ لكنه أقر بأن ضعف الإمكانات التي تتوفر عليها وزارته تحول دون استفادة كثير من أبناء المغرب من هذه الجامعات الثقافية التكوينية، الرامية إلى تجديد أواصر العلاقة بين الشباب ووطنهم الأم.
وقال إن الوزارة تسعى لرفع أعداد المستفيدين من شباب مغاربة العالم، وجمعهم في تظاهرات مماثلة، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع مختلف الجامعات المغربية.
من جهته، قال بوشعيب برناني، رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، إن اللقاء شكل «فرصة للنقاش والتواصل والشعور بحب الوطن، والتشبث بهويتنا الوطنية والاعتزاز والفخر بالانتماء»، مؤكدا أن المغرب بلد «قوي ومنفتح بتاريخه ومجده، تحت قيادة الملك محمد السادس».
وأضاف برناني أن اختيار شعار «المغرب أرض الثقافات» دليل على الخصوصيات المميزة للهوية المغربية، التي تتجلى جذورها في الاحترام العميق لجميع الثقافات، معتبرا أن بلاده تمثل «نموذجا للتعايش وإقامة العلاقات المتفردة والمميزة بين مختلف الثقافات والديانات، وموطنا للاستقرار والأمان».
وتدخل المبادرة في إطار استراتيجية رامية إلى «تطوير وتنويع العرض الثقافي الموجّه لفائدة مغاربة العالم، وذلك استجابة لاحتياجاتهم وانتظاراتهم، وخاصة الأجيال الصاعدة»، كما تهدف إلى إبراز مدى تنوع وغنى التراث المغربي، وخاصة ما تزخر به جهة بني ملال – خنيفرة، التي تم اختيارها لاستضافة الدورة الأولى من هذه الجامعة، والتي تحتل مكانة مهمة في الاقتصاد المغربي، إذ «تمكنت بفضل ما تتمتع به من ثروات وإمكانات ومؤهلات فلاحية وموارد مائية مهمة، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي المتميز، من تطوير نموذج فلاحي اقتصادي يحتذى به»، وفق الجهة المنظمة.
ويرتقب أن يستفيد الشباب المشاركون في الدورة من ندوات وورشات يؤطرها أساتذة باحثون وخبراء مغاربة، كما يتضمن البرنامج زيارات ميدانية لعدد من المناطق لإطلاع المشاركين على الموروث الثقافي واللامادي للجهة.
وتراهن الوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين في الخارج، على الجامعة الربيعية من أجل تمكين الشباب المغاربة المقيمين في الخارج من التعرف على غنى وتنوع الموروث الثقافي المغربي، وتكوين فكرة واضحة حول منظومة القيم المغربية التي تثمن التسامح واحترام الآخر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.